الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي مصاب بالوسواس القهري، ماذا أفعل معه؟

السؤال

السلام عليكم

أنا متزوجة، وزوجي مصاب بالوسواس القهري، وهو ملتح، لكن أوقات يمنع الصلاة ويسب الدين ويبقى على هذا الحال فترة كبيرة، تعبت نفسياً معه؛ لأنه كثيراً ما يتجاهلني ولا يجعلني أساعده ونخرج من هذه المحنة.

ذهب إلى طبيب وأخذ علاجاً وجلسات كهرباء، ولكن دون فائدة، ماذا علي أن أفعل معه؟ وهو دائماً ما يبعد عني ولا يتحدث معي!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أختنا الكريمة- ورداً على استشارتك أقول: أنت الآن ربة بيت، وما عليك إلا أن تصبري وتحتسبي الأجر من الله سبحانه، فهذا قدرك ومع هذا فلا تيأسي من روح الله، وعلاج الوسواس القهري ممكن سواء كان بالعقاقير الطبية أم بغيره.

الوسواس يطرأ على كل بني آدم مسلمهم وكافرهم، لكن من أعرض عن تلك الوساوس واحتقرها نجا منها ومن تقبلها واسترسل معها وحاورها وقع في مصيدة الشيطان فالصحابة رضوان الله عليهم اشتكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من وساوس الشيطان التي تأتيهم فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن قال لهم:( يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ : مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ)، والمقصود من قوله (ولينته) أي لا يتحاور مع الشيطان بل يقطع ذلك ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.

زوجك بحاجة إلى من يعينه من أجل اجتياز تلك الحالة وذلك من خلال ما يأتي:

-كثرة ذكر الله تعالى يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس).

- كثرة تلاوة القرآن الكريم واستماعه فالقرآن الكريم تلاوة واستماعا يطرد الشياطين ففي الحديث:(إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا وَسَنَامُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ تُقْرَأُ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ) ويقول عليه الصلاة والسلام:( لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ).

-اقرئي الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة في البيت ثلاث ليال، فإنها تطرد الشيطان، يقول عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، أَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَلَا يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ).

- الأفضل قراءتهما كل ليلة ففي ذلك وقاية وكفاية من شر شياطين الإنس والجن لقوله عليه الصلاة والسلام: (الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ) ومن معاني كفتاه أي من الشيطان الرجيم.

- أنصحك كذلك برقيته صباحاً ومساءً بما تيسر من القرآن الكريم والأحاديث النبوية، فالرقية نافعة مما نزل وما لم ينزل.

- حثوه وساعدوه على أداء الطاعات بأنواعها، وخاصة الصلاة، وصيام ما تيسر من الأيام الفاضلات كالاثنين والخميس، وإن كان في ذلك ثقل عليه، لكنه مع الإصرار ومع الاستمرار ستسهل عليه إن شاء الله تعالى، فقد ورد في بعض الأخبار (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع).

- أنصح بعرضه على طبيب نفساني مع الاستمرار بتناول العلاج وعدم الانقطاع عنه إلا بأمر من الطبيب، فالعلاج بالعقاقير نافع بإذن الله، وقطعه دون إذن من الطبيب يؤدي إلى نتيجة عكسية.

- أكثرو له من الدعاء واطلبوا له الدعاء من والديه والصالحين من عباد الله، فلعل الله يستجيب دعوة أحدهم فيشفى بإذن الله.

- تصدقوا بنية أن يشفيه الله تعالى، ففي الحديث: (داووا مرضاكم بالصدقة).

- عليك أن تصبري وتوقني أن في ذلك خيراً لك، فالمرأة الصالحة هي التي تصبر على نزول البلاء على زوجها، ولك في الصالحات من النساء أسوة حسنة، ولو أنك نظرت حولك لوجدت من النساء الصابرات من حال زوجها أشد من حالة زوجك.

- المؤمن يتقلب بين أجري الصبر والشكر كما قال عليه الصلاة والسلام: (عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ).

- أكثري من التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت حال سجود وتحيني أوقات الإجابة، وخاصة ما بين الأذان والإقامة، والثلث الأخير من الليل والساعة الأخيرة من يوم الجمعة، ويوم الأربعاء ما بين الظهر والعصر، ولا تيأسي ولا تقنطي ولا تستعجلي الإجابة.

وبإمكانك مراسلة الموقع حول مشكلة زوجك والتفاصيل التي يعانيها، ويتم عرضها على المختص النفسي ليفيد فيها بإذن الله تعالى.

نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى أن يمن على زوجك بالشفاء ويقر عينيك بشفائه إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً