الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الرهاب الاجتماعي الذي دمر حياتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من رهاب اجتماعي عرقل حياتي وجعلني ضعيفا في عيون الآخرين، والسبب تجارب سلبية مرت علي في طفولتي من تنمر وإهمال وتفكك أسري، واتهامي بالفشل من قبل الأسرة، فأدركت أني غير طبيعي، صرت أكره الاجتماعات وأتجنب الناس، وعندما أتكلم أتلعثم وأتوتر، ولا أستطيع الدفاع عن نفسي، ودائما صامت لا أتحدث إلا إذا كنت في مجموعات.

المدرسة كانت سيئة بسبب هذا المرض، لم أستطع أن أبني صداقات، حاولت أ أخبر أمي عن حالتي، لكنها تجاهلتني ولا تعتبرها مشكلة، ودائما تشكو مني لأني لا أفعل شيئا في الحياة، أيضا أعاني من غضب مستمر، حيث التفكير في الماضي يشعرني بالغضب من الناس.

أحاول أن أكون طبيعيا، لكني لا أستطيع، واكتشفت أن العادة السرية تجعلني أشعر بعدم الثقة في النفس، ولا أستطيع الذهاب إلى طبيب نفسي بسبب عدم توفر المال، فهل هناك علاج؟ هل أستطيع أن أعالج نفسي بنفسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية.
أنا اطلعت على رسالتك بكل تفاصيلها، وأقول لك أنك لست مريضًا، أنت ختمت رسالتك هل أستطيع أن أعالج نفسي بنفسي؟ أنت لست مصابًا بمرض، أنت مشكلتك حقيقة هي الدافعية نحو التغيير، ركّزت على الماضي وإخفاقاته وآلامه، ونسيت أنك الآن قد بلغت تسعة عشر عامًا، وأنك في مراحل الرجولة، وأن الإنسان يجب ألَّا يعتمد على ماضيه، سعيدًا كان أو سالبًا، الحياة تُبنى من الآن، أين أنت الآن وكذلك المستقبل تكون النظرة نحوه إيجابيًا، فالحاضر يجب أن تعيشه بقوة، والمستقبل يجب أن تعيشه بأمل ورجاء.

إذًا أخرج نفسك تمامًا من استعباد الماضي وآلامه وجراحاته، وأنا أؤكد لك أن كثيرًا من الذين نجحوا في الحياة نجحوا نجاحات باهرة، وُلدوا من رحم المعاناة والألم في مرحلة الطفولة، تعرضوا لكل أنواع الذل والهوان والإساءات بجميع أنواعه، وبالرغم من ذلك وقفوا على أرجلهم، وبنوا أنفسهم، ونجحوا في حياتهم. أنت أمامك الآن فرصة، لا تقبل لنفسك الفشل، ويجب أن تخرج للحياة.

وحقيقة أنا لا أريدك أن تجد لنفسك الأعذار أو النكران بأنك مريض، والدتك معها حق حقيقة، لأنها لا تريد أن تراك فاشلاً، أنت في هذا العام (تسعة عشر عامًا) من المفترض أن تكون في مرفق دراسي، المفروض أن تكون في الفصل الجامعي، نقول لسبب ما لم تتمكّن من ذلك، اخرجْ لسوق العمل، ابدأ دراسات مسائية، ابنِ صداقات وعلاقات اجتماعية إيجابية، اترك هذه العادة السرية، قم بواجباتك الاجتماعية، ساعد الضعفاء، انتمي لمجموعة رياضية، لجمعية خيرية، الحياة هكذا، لا تركن.

وأنا أريد أن أنصحك أننا نعيش في زمان لا تنفع إلَّا نفسك بكل أسف، فلا تعتمد على أحد، ويجب أن تكون أكثر ثقة في نفسك، الله حباك بالشباب وبالقوة وبالطاقات العظيمة، {إن الله لا يُغيرّ ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، فأرجو أن تُغيّر من نفسك.

أنت على أعتاب الحياة وفي بداية الشباب، لم يضع منك شيئًا -أيها الابن العزيز- فإذًا التغيير يكون تغييرًا على المستوى العقل والفكر، لا تقبل لنفسك الهوان، كن يدًا عُليا، حرِّر نفسك من استعباد الفشل، وضع لنفسك خطة حياتية (دراسة، عمل، تواصل اجتماعي، ترفيه على النفس بما هو جميل، ولابد أن تحرص على أمور دينك وعلى رأسها الصلاة)، وجالس إمام المسجد، وتدارس كيفية الصلاة، وأفضل الصلاة هي صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تُوجد كتيبات كثيرة جدًّا توضح كيفية صلاة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

انطلق إذًا في الحياة بكل أنشطتها، بكل جمالها، هذا هو الذي أريده منك، والرياضة يجب أن تجعلها جزءًا من حياتك، وبرَّ والدتك، وعاهدها أنك سوف تنهض من الذي أنت فيه وتكونُ -إن شاء الله تعالى- ابنًا بارًّا تعتزُّ بك وتفتخر بك والدتك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً