الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي عاهة في وجهي تشعرني بالضيق الدائم، أرجو المساعدة.

السؤال

السلام عليكم.

أنا متضايق من شكلي، حيث أن لدي عاهة في وجهي وهي ارتخاء في جفن إحدى العينين نتيجة حادث سيارة في الطفولة، كما أنني تقريبا أصلع، وأشعر أن هناك فرصا كثيرة ضاعت مني بسبب هذه العاهة.

أكره النظر في المرآة، ولا أدري ما الحكمة من هذه العاهة؟! وأرتدي نظارة دائما لمحاولة إخفائها، أشعر أن الله قد فضل علي الكثير من العصاة والحمقى والجهلاء وابتلاني بعاهة في وجهي، وطفولة حزينة وفقيرة.

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Selim حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أولًا أُرَحِّب بك في موقعنا، وندعو الله لك بأن يوفقك إلى كل خير، والجواب على ما ذكرت:

- ينبغي أن تنظر في شكلك بطريقة إيمانية، فأنت أجمل بكثير ممن حولك، ولديك صفات جمال قد لا توجد عند الكثير، فإذا نظرت هذه النظرة، حصل عندك توزان في النظر إلى شكلك، وأنه ليس بذلك الأمر السيء الذي تنظر فيه إلى نفسك.

- كما أن ما أنت عليه من عيب خلقي هو قضاء وقدر من الله تعالى، والحكمة من ذلك الابتلاء والاختبار، وما عليك إلا أن ترضى وتسلم بقضاء الله وقدره، وبهذا تنال الثواب ورضا الله عنك.

- وإن كان بمقدورك إجراء عملية جراحية تعدل فيه هذا العيب الخلقي الذي أنت عليه، فعليك أن تجري هذه العملية، وبهذا يزول عنك ما أنت فيه من الحزن والقلق، ولكن إن كان إجراء العملية مستحيلا، فما عليك إلا قطع التفكير في هذا الأمر، ولزوم التوقُّف عن تغذية هذه الأفكار السلبية، والبحث عن مزاياك؛وتعرَّف على نقاط قوتك، وقم باستثمارها.

- ثم ما أنت فيه من رجاحة العقل وحسن التفكير، وسلامة الحواس، وصلاح الدين، فأنت أفضل بكثير من هؤلاء العصاه والحمقى والجهال، فما فائدة جمال الصورة مع المعصية أو الغباء أو الجهل؟

- كما أن عليك أن تواجه الحياة والأصدقاء، وعليك أن تخرج للحياة بنفس منبسطة منشرحة، وأوجد لنفسك رسالة نافعة في الحياة، تستطيع من خلالها أن تتغلب على حالة الحزن الذي أنت فيه، وتستطيع أن تجذب الآخرين، بسمو أخلاقك، ودورك في الحياة، وبعذب حديثك ولطيف كلماتك، ورِقَّة ابتسامتك، ومد يد العون لمَن احتاج منهم إليك، والوقوف إلى جوارهم، والسؤال عنهم في أفراحهم وأحزانهم ومشاركاتهم أحلامهم، وبث الروح الإيجابية فيهم، كلُّ ذلك يجعل لك حضورًا مميزًا عند الآخرين مهما كانتْ ملامحك.

- قلل مِن نظرك في المرآة؛ حتى لا يوقعك الشيطان في شباكه مرة ثانية، وكلما نظرت في المرآة ابتسم واحمد الله على نعمه، واستشعر مواطن الجمال فيك، فكل إنسان فيه مواطن جمال قد لا ينتبه إليها هو، ولكنَّ الآخرين يُدركونها جيدًا.

- قم بممارسة نوعٍ مِن الرياضة، فإنها ستساعدك الرياضة كثيرًا على تحجيم حالة التوتر النفسي التي تُعاني منها.

- ومما أنصحك به عليك بكثرة ذكر الله ليطمئنَّ قلبُك، والقراءة في كُتُب الرقائق؛ فهذا سيجعلك أكثر رضًا عن نفسك مع الوقت.

- كما أنصحك بقراءة سِيَر العظماء؛ فهذا عمرو بن الجَموح رضي الله عنه يفتخر برِجله العَرجاء، ويطلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يخرج للجهاد ويقول له: "إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة".

وبلال بن رباح -رضي الله عنه- كان عبدًا حبشيًّا داكن اللون، ولكن له من الفضل ما له، ويسمع النبي -صلى الله عليه وسلم- وَقْع أقدامه في الجنة وهو في رحلة الإسراء والمعراج.

وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- ذو الساقين النحيلتين يُقسم النبي -صلى الله عليه وسلم- على ثقل وزنهما عند الله، فيقول: (والذي نفسي بيده، لهما أثقل في الميزان مِن جبَل أحدٍ)، فكثرة القراءة في سيرهم سيساعدك ذلك -بإذن الله- على إعادة النظرة الموضوعية لذاتك.

كان الله في عونك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً