الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخشى الخروج من المنزل، فهل من حل لحالتي؟

السؤال

السلام عليكم.

الدكتور محمد عبد العليم، بعد التحية، قبل فترة طويلة أصبت بحالة غريبة من تسارع في دقات القلب، ذهبت وعملت فحوصات وإيكو وكانت سليمة والحمد لله.

استمرت هذه الحالة تعاودني ولكن بشكل متقطع، وعملت إيكو أكثر من مرة، والنتيجة ولله الحمد أيضاً سليمة، إلا أن في الفترة الأخيرة تطورت الحالة عندي وأصبحت أخشى الخروج من المنزل، وبمجرد الخروج يبدأ قلبي بالخفقان بشكل سريع فأضطر للبقاء في المنزل ولا أخرج.

كما أني أصبحت لا أرغب بزيارة أحد لي؛ لأني أفكر عندما يأتيني أحد سيعاود قلبي الخفقان، وفعلاً هذا ما يحصل، لذلك أصبحت أتجنب زيارة أحد، وأصبحت إذا مر علي موقف سبب لي الخفقان، طبعاً أي موقف حتى وإن كان موقفا طبيعيا، فإني أتجنب هذا الموقف مهما كان في المرات المقبلة، هل من حل لحالتي هذه؟

لقد أصبحت لا أستطيع الخروج من المنزل، لا أستطيع حتى الذهاب إلى طبيب؛ لأني أخشى الخروج من المنزل!

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك -أخي- في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على الثقة في هذا الموقع.
الذي حدث لك نسميه نوبة الهرع أو الفزع، وهي بالفعل مخيفة، الحمد لله فحوصاتك كلها كانت سليمة، حيث أن الحالة هي أصلاً ليست حالة عضوية إنما هو نوع من القلق الحاد الذي يعطي الإنسان الانطباع كأنه أصيب بمرض حاد في القلب، أو أنه سوف تحدث له ذبحة قلبية أو سوف تقع مصيبة أو شيئا من هذا القبيل، هذا كله أدى إلى انعزالك وأدى إلى مخاوفك، وعلى مستوى العقل الباطني غالباً توقفت عن الخروج لأنك لا تريد أو تخوفت أن هذه الحالة سوف تحدث لك خارج المنزل، وقطعاً الشعور بالخفقان شعور سخيف.

أخي أنا أطمئنك أن هذه الحالة بسيطة، والفزع الذي لديك أو نوبة الفزع تحولت إلى ما نسميه بقلق المخاوف الوسواسي، وهذا -يا أخي- يعالج من خلال التجاهل، وأن تتناول أدوية معينة مضادة للمخاوف، هنالك دواء يسمى سيرترالين من أجمل وأفضل الأدوية، إن كان بالإمكان -أخي الكريم- اذهب إلى طبيب نفسي ليصف لك هذا الدواء أو أي دواء يماثله، وإن كان ليس بالإمكان فسوف أصف لك طريقة تناول هذا الدواء، حيث أنه من الأدوية السليمة قليلة الآثار الجانبية.

تبدأ أخي الكريم بجرعة 25 مليجراما، أي نصف حبة يومياً لمدة 10 أيام، يفضل تناولها في المساء وبعد الأكل، وبعد 10 أيام اجعل الجرعة حبة واحدة كاملة أي 50 مليجراما ليلاً لمدة أسبوعين، ثم اجعلها حبتين ليلاً أي 100 مليجرام لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء، الدواء سليم ودواء فاعل وممتاز جداً وفعاليته مشهودة، له آثار جانبية بسيطة فهو قد يفتح الشهية نحو الطعام، كما أنه يؤخر القذف المنوي عند الجماع بالنسبة للمتزوجين، لكنه قطعاً لا يؤثر على هرمون الذكورة أو الصحة الإنجابية عند الرجل.

أخي بجانب العلاج الدوائي أنت مطالب حقيقة أن تغير من مفاهيمك حول نفسك، لا يمكن أن تكون منقطعاً في المنزل، وأنت لست بأضعف من الآخرين أبداً، اذهب -يا أخي- لصلاة الجماعة، صل مع الناس في المسجد، ابدأ بالقيام بواجباتك الاجتماعية، إذا دعيت مثلاً لعرس أو لفرح فيجب أن تلبي هذه الدعوات، إذا سمعت بمريض في المستشفى قم بزيارته، قم بصلة رحمك، المشي في الجنائز فيه خير كثير، خيرا الدنيا والآخرة.

فيا أخي الكريم: تعالج نفسك من خلال تناول الدواء وما ذكرته لك من إرشاد، لا تستكين، لا تستسلم أبداً، -وأخي الكريم- أنا أؤكد لك أنه لن يحدث لك مكروه -إن شاء الله تعالى-، قلبك سليم، وجسدك سليم، كل الذي أتاك هو قلق مخاوف ويجب أن يعالج بالكيفية التي ذكرتها لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً