الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أعرف أن الله قبل توبتي؟

السؤال

السلام عليكم.

كنت صاحب كبائر وصلت إلى الشرك، ومنذ شهر تبت إلى الله بفضله ثم بفضل والدي العزيز -رحمه الله- رجعت إلى ربي، وتبت توب أخلصت بها النية لوجهه الكريم، ولكني الآن أعاني من مشكلة الخوف من ملك الموت، أخشى أن يقول لي ساعة احتضاري اخرجي أيتها الروح الخبيثة، مما جعلني أدخل في حالة بكاء شديد، حتى أني عندما أصلي أخشى أن لا تقبل صلاتي ولا دعائي؛ لأن ذنوبي كثيرة، وكلما شعرت بكتمة في صدري صرت أكرر آية: " والتفت الساق بالساق.." وأنا خائف، لأني أصبحت عندما أقرأ القرآن أتمعن في آياته، فصرت أفهم المقصد.

وفي ليلة رأيت في منامي: أني في القبر، وإذا بشخصين عليهما ملابس بيضاء، وينظرون إلي ويبتسمون، وأنا أسألهم من أنتم؟ وهم يتبسمون، فكيف أعرف أن الله قبل توبتي؟ وكيف يزول هذا الخوف مني؟

وشكرا على جهودكم، وأسأل الله أن يوفقكم ويحرم على وجوهكم النار.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ثامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- في موقعنا، ونسأل الله أن يتقبل توبتك، وأن يوفقك إلى طاعته، والجواب على ما ذكرت:

- بداية نحمد الله تعالى الذي وفقك إلى التوبة، وأعانك على الطاعة، وأصلح من حالك، فكل هذا من النعم التي تستوجب الشكر والثناء لله، ولقد أحسنت في شكر الله وحمده على ذلك، كما أن الوالد له عظيم الأجر؛ لأنه نصحك وأرشدك إلى الخير.

- ثم اعلم أن التوبة بشروطها الشرعية: من الندم على ما فات، والإقلاع عن الذنب في الحاضر، والعزم على أن لا تعود إلى الذنب في المستقبل، فإن الله يقبلها منك، فالله غفور رحيم، وإذا تاب الله على عبده، فإنه يمحي عنه ما كان منه في الماضي من الذنوب، ولهذا أبشر بخير، وما أنت عليه من خير وصلاح، ورغبة في الطاعة، وما رأيت من رؤى مبشرة لك بالخير، كل ذلك علامات على قبول توبتك، فأحسن الظن بالله، بأن تعتقد أن الله يقبل التوبة عن عباده.

وأما الخوف الذي ذكرت فإن له حالتين:
الأولى: أن الخوف من الموت والشعور بالقلق يدفعك إلى العمل الصالح، وأن تكون في إقبال على الله استعدادا للجزاء في الدار الآخرة ، وهذا مطلوب شرعا، وينبغي لكل مؤمن أن يكون خائفا من الموت بهذه الصورة.

أما الحالة الأخرى: إن كان الخوف من الموت والقلق، يؤدي إلى ما حصل لك من هلع ورعب، وإحساس بأن الله لم يقبل توبتك، ولديك ضيق في الصدر، وبكاء شديد، لدرجة أن يفقدك لذة الحياة، والذي يجلب لك المتاعب التي قد تصل إلى حد الوسواس، فهذا الخوف غير طبيعي، ومرهق لك، وهو عبارة عن وهم نفسي لا حقيقة له، ووسواس شيطاني لابد من سرعة الخلاص منه، ويجب أن تجتهد في أن تلتحق في حلقات العلم، وتجالس الصالحين، وأن تقطع التفكير في هذا الخوف، واترك الاسترسال معه، وانس كل ما كان في الماضي، وكأن شيئا لم يكن؛ لأنك حاليا على خير، وكلما طرأ خاطر من الشيطان ليقنطك من رحمة الله فعليك أن تستعيذ بالله من شره، وعليك أن تشغل نفسك بكل شيء نافع ومفيد من الطاعات أو القراءة أو الهواية المشروعة، وأكثر من الاستغفار، وأكثر من قول لاحول ولا قوة إلا بالله، وأبشر بخير بإذن الله.

كان الله في عونك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً