الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية وعظ الوالدين ودعوتهم؟

السؤال

السلام عليكم..

مشكلتي مع أبي الحبيب، بالرغم من أنه طيب وحنون إلا أن تقصيره في حق الله يؤرقني ويبكيني، إنه يقصر في صلاة الفجر؛ لأنه جاهل بأمور دينه للأسف، ويظن أن صلاتها بعد الشروق ليس تقصيرا ولا بأس به، وأخشى أن يكون ممن قال الله فيهم: ((فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ))[الماعون:4] وأخشى أن يلقى الله وهو مقصر في حقه.

كما أنه ابتلي بالتدخين، وأعلم أن التدخين معصية، وأخاف عليه من غضب الله؛ لأنه قاطع لبعض الرحم الذين يسيئون إليه وهو لا يسعى للإصلاح، وينفطر قلبي؛ لأني لم أعتد رؤية أبي يقرأ كتاب الله أو يصلي صلاة في مسجد إلا صلاة الجمعة، فهو بالكاد يصليها.

وطبعاً أفعاله هذه انتقلت لإخوتي لأنه القدوة، وأشفق على والدتي ومعاناتها معهم رغم أن جهودها معهم ضائعة، وأحاول أن أصلحهم من خلال الأشرطة الإسلامية أو البطاقات الدعوية أو عن طريق لوحات أكتبها بخط يدي تحثهم على الصلاة والالتزام وطاعة الوالدين، وأتمنى من الله أن يهديهم، أرجوكم أرشدوني كيف السبيل لإصلاح أبي ووعظه؟ وهل من أمل لتغييره؟

وجزاكم الله كل خير وبوركتم أجمعين.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المهتدية بإذن الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

فكم نحن سعداء بفتيات يحملن هم الدعوة ويرغبن في هداية الأقربين، ويتأسفن إذا تأخرت الاستجابة، وهكذا ينبغي أن تكون فتاة الإسلام التي تسير على درب أم شريك وأم كلثوم رضي الله عنهما، فقد كانت أم شريك تتسلل إلى بيوت المشركين من أهلها، وتقدم أنوار التوحيد، فشعر بها أهلها فعذبوها وحرموها الماء، ووضعوها في الصحراء، فسقاها الله رب الأرض والسماء، فأسلم أهلها بعد أن قالوا: (والله أن الذي سقاك هو الذي تؤمنين به) وهكذا كانت تفعل أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها، وهذا درب الصحابة والصحابيات الذين عاشوا الإسلام واجتهدوا في نصره ونشره، فإنه ليس أبخل ممن يقصر في بذل هذا الدين، ولا يهتم بنصح وهداية الأقربين.

ومما يعينك على القيام بمهمتك العظيمة ما يلي:

1- التوجه إلى الله الذي يجيب من دعاه، واختيار أوقات الإجابة، مع الإلحاح في الدعاء، وتكرار المسألة دون ملل أو كلل، واعلمي أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن .

2- الإخلاص في دعوتك ونصحك، فإن كلام المخلصين يصل إلى قلوب المدعوين.

3- البناء على الجوانب الإيجابية بعد إبرارزها والثناء عليها، كأن تقولي لهذا الوالد :كم نحن فخورين بك وباهتمامك بأسرتك فجزاك الله خيراً من أب لم يقصر في توفير احتياجاتنا والحرص على مصلحتنا، ولكن سعادتنا سوف تكتمل إذا رأيناك تذهب إلى صلاة الجماعة وتركع لله مع الراكعين، ونحن ننتظر اليوم الذي تخرج فيه مع إخواني لتلبيه نداء الفلاح.

4- اختيار الوقت المناسب للنصيحة، والحرص على جعلها سر بينك وبينه.

5- انتقاء الألفاظ اللطيفة، فإن أمر الوالد بالمعروف ونهيه عن المنكر يحتاج إلى ملاطفة زائدة وشفقة طافحة، وقدوتنا في ذلك خليلُ الرحمن، وقد وردت قصة في سورة مريم حين قدم دعوته لأبيه فقال: ((يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا))[مريم:44].

6- زيادة البر والاهتمام به قبل تقديم النصيحة.

7- حث الوالدة على الاستمرار في النصح لهم وخاصة الأبناء.

8- الحرص على تقديم نصائح خاصة لكل واحد من إخوانك على انفراد؛ لأنه إذا صلح بعضهم كانوا عوناً لك على الخير.

9- تحريض الصالحين من أرحامك على زيارة الوالد وتشجيعه على شهود الجماعات، وحبذا لو كانت الزيارات قبل الصلوات مباشرة حتى يتمكن من الذهاب معهم.

10- وأخيراً: ربط إخوانك الشباب بالخيرين، وتشجيعهم على صحبة الطيبين.

والله ولي الهداية والتوفيق.




مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً