الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف نتعامل مع أخي الذي لا يصلي ويعق والديه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي مشكلة كبيرة مع أخي الأصغر، يبلغ من العمر 19 عاماً، في الصف الثالث الثانوي، لا يعمل، ولا يصلي، والده يحثه دائماً على الصلاة، في البداية كان يسمع منه مرة، ويعاند معه مرة، أما الآن فلا يسمع منه النصيحة أبداً.

معظم أوقاته يقضيها على الكمبيوتر الشخصي بألعاب فيديو (ببجي)، يسهر طوال الليل حتى الساعة السادسة صباحاً، ولا يصلي الفجر، وينام طوال النهار حتى العصر أو المغرب، ليبدأ يوماً جديداً في اللعب فقط.

هو غير مواظب على مذاكرته، ودائماً يعتقد أنه يفعل الصواب بقوله: أنا أعرف ماذا أعمل، أنا حر، حاول والده أن يأخذ منه الحاسوب، ولكنه منعه بالقوة، ويعاند كثيراً معه، وهو يعتقد أنه على حق.

والده بعمر 65 عاماً، لديه كسر مضاف في قصبة الرجل، ووالدته بعمر 55 عاماً، لديها كسر في العمود الفقري، حركتها محدودة، إذا طلبوا منه شيئاً يتأخر عليهم، وفي الغالب لا يجيبهم.

لدينا أرض زراعية، وإذا طلب والده منه الذهاب معه يأبى؛ لأنه لا يقوى على فعل شيء هناك؛ نظراً لتفاقم ضعفه فلا يذهب معه، علماً بأن والده قد كتب له جزءاً منها.

آخر شيء حدث أن والده أخذ منه الحاسوب، فأخذه منه عنوة، وعندما حدثته في الأمر كان يتكلم بصفة صاحب الحق، وأنهم جناة، وقد تدخلوا في حياته الشخصية بأوامرهم له بأن يذاكر أو يصلي، أو يذهب مع والده إلى الأرض، أو أن يجلب لهم كوباً من الماء، أو أي طلب خاص لهم، وهم بذلك يتعدون على حريته الشخصية، وعندما قلت له: إن ذلك من عقوق الوالدين، قال لي: إنك لست شيخاً، وإنه لن يأخذ الكلام إلا من شيخ.

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرجو أن تستمر في النصح لهذا الشقيق، فهو على خطر عظيم بتركه للصلاة ولعقوقه لوالديه، وهذه كبائر عظيمة من أكبر الكبائر، أن يترك الصلاة التي هي العهد الذي بيننا كمؤمنين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، و(لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة) كما قال الفاروق عمر رضي الله عنه، ثم يدخل في عقوق الوالدين التي قال فيها ابن عباس -رضي الله عنهما-: (لا يقبل الله عبادة من لا يطيع والديه)، فالعقوق أمر خطير؛ لذلك أرجو أن تتابع مع هذا الشقيق.

إذا كان يريد أن يسمع من شيخ، فاحرص على أن تأخذه لشيخ من العلماء ليحاوره، ليكلمه حتى يستمع إليه، ثم اجتهدوا في أن تنصحوا له، واجتهدوا حتى يعود إلى صوابه، فإنه على خطر عظيم، عقوق الوالدين، وترك الصلاة، جرائم من شأنها أن تكون سبباً في التضييق في رزقه، ومشاكل في حياته، وأيضاً خسارة الدنيا والآخرة والعياذ بالله، لكنني أريد أن أقول: لا بد ونحن ننصح هذا الشاب أن نراعي الآتي:

أولاً: الدعاء له بالليل والنهار، ثم دعوته إلى الله تبارك وتعالى.

ثانياً: معرفة خصائص هذه المرحلة العمرية التي لا تصلح فيها الأوامر والتعليمات، وإنما يصلح فيها الحوار الهادف، ويصلح فيها النقاش.

كذلك أيضاً الحرص على أن نختار الأوقات المناسبة لنصحه، ودعوته إلى الصلاة، أيضاً من المهم أن نبصره بعواقب ما يحصل، إن الشاب في هذا السن لا ينظر إلا إلى اللحظة التي يعيش فيها، لكن أرجو أن نفتح له آفاق المستقبل، ونبين له أن النجاح في الحياة يحتاج إلى مجهود، يحتاج إلى مذاكرة، يحتاج إلى اجتهاد.

كذلك من المهم أن يعرف عظم الجرائم التي يقع فيها، بعد ذلك لا بد من حسم الأمر معه، لكن قبل حسم الأمر لا بد من الحوار معه؛ لأن هذه المرحلة تحتاج إلى حوار وإقناع، وبعد ذلك تتخذ الوسائل الأخرى، ولذلك ما فعله الوالد معه من أخذ الجهاز بالطريقة المذكورة، يصعب على المراهق القبول بها، ولكن نحاوره، نبين له خطورة ما يعمل، وأثر ذلك على حياته، على دنياه، على آخرته، على مستقبله، ولا مانع بعد ذلك من اتخاذ قرار، كفصل الخدمة، وأخذ الجهاز، أو ترتيب الأوقات التي يلعب فيها، وأرجو أن تتخذوا كل حيلة، وكل وسيلة وتحاولوا أيضاً أن تأتوا بشباب في سنه حتى يتكلموا معه، حتى يحاوروه، حتى يبينوا له خطورة ما يحصل منه.

لذلك نسعد بتواصلك مع الموقع حتى نعرف ما هي الوسائل التي اتخذها الوالد والوالدة، ونحن يؤسفنا أن نقول: دائماً بعض الآباء والأمهات خاصة في أيام كبر سنهم يحيطون الشاب بمقدار من الدلال، ثم لما يصل إلى هذه المرحلة ينقلب الدلال إلى عدوان، إلى مخالفة للأوامر والتعليمات، ولذلك ينبغي ملاحظة كل هذه الأمور، وأرجو أن تستمر في النصح له، فأنت أيضاً مسؤول عنه، ونشكر لك هذا الحرص.

وأحب أن أذكرك بنقطتين:
النقطة الأولى: هي أننا عندما نحاور المراهق، ينبغي أن نحاول أن نحاوره قبل أن نتخذ القرارات؛ لأن هذه المرحلة فيها عناد، وإذا بدأنا معه بالعناد فإنا لا نستطيع أن نجاري المراهق في عناده؛ لأنه يمكن أن يفعل كل شيء على سبيل العناد، ونحن عند ذلك سنخسر كثيراً، وبالتالي أنا لا أمانع من أن تأخذ منه هذه الأجهزة، ولكن بعد أن يحاور ويناقش ويسمع وجهة نظره، ويسمعوا منه، ثم بعد ذلك نتخذ الإجراء الإداري الصحيح.

نحن نقول باختصار: أي قرار إداري يسبقه حوار، ويسبقه محاولات للإقناع، فإنه يعتبر قراراً صحيحاً مهما كانت قسوة هذا القرار، وبالتي هذا الشاب ينبغي أن يوقف عند حده في هذه التجاوزات، التي لا يصلح أن يجامل فيها خاصة فيما يتعلق بأمر الصلاة، وبأمر عقوق الوالدين والتقصير في مساعدتهم.

الثانية: ينبغي كذلك أيضاً أن ننبه هذا الشاب أن مجرد التأخر في تلبية طلب الوالدين يعتبر عقوقاً؛ لأن الكمال أن نلبي حاجة الوالد أو الوالدة دون أن يطلب، بل أن نعرض عليهم الخدمات، يا أبي تريد كذا، يا والدتي هل تريدين شيئاً؟ هل تطلبين شيئاً؟ هل تأمرين بشيء؟ فكيف إذا كان هو الذي يطلب وهو الذي يأمر، والأم هي التي تطلب ومع ذلك يتأخر!

لذلك نحن نتمنى أيضاً أن يحرصوا على الاستمرار في نصحه، واتخاذ كافة الوسائل، ولا مانع أيضاً من أن يؤتى بشيخ عالم، تتصلون ببعض الدعاة حتى يتعلم منه، ويسمع منهم وجهة النظر الشرعية، فإنه قد لا يقتنع بالذين يكلمونه.

نحن دائماً نقول أيضاً: هذه سمات وخصائص هذه المرحلة، أن المراهق قد يرى نفسه أعلم من غيره، فلذلك لو وضع أمام شيخ أو داعية ونصحه، فنرجو أن يكون ذلك أفيد.

نقترح أيضاً أن تتاح له فرصة التواصل مع الموقع لعرض ما عنده، طالما أنه يتعامل مع هذه الأجهزة، حتى يسمع الإجابات المباشرة، ونخوفه بالله تبارك وتعالى.

نسأل الله أن يصلح شبابنا وشباب المسلمين، وأن يردهم إلى الحق والبر والخير رداً جميلاً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً