الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنتابني نوبات خوف مع ضيق في التنفس وتغرب عن الذت.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
باختصار عانيت منذ 9 أشهر من شعور وكأني في حلم، وكأن الواقع متغير لدي، وكل شيء ليس طبيعيا، مع خفقان شديد في القلب، ونوم متقطع، أنهض مفزوعا من النوم، مع خوف شديد يلازمني مع هذا الشعور، وإحساس بالدوخة يلازمني كل الوقت تقريبا، ومؤخرا أصبحت أشعر بأن نفسي غير كاف في صدري، وكأن شيئا ما عالق في حلقي.

تخلصت وحدي وتدريجيا من الخوف وخفقان القلب الشديد، وعاد نومي طبيعيا، الآن ما زالت لدي بقية من الأعراض وأريد مساعدتكم فيها، واستشارتكم في بعض الأشياء الأخرى:

1) الشعور بأني في حلم، أشعر بأنه ما زال موجودا يأتي ويختفي، أنا دائما في انتظار شعور أفضل وأحسن في الواقع فهل تفكيري هذا صحيح؟ ما الذي يجب فعله كي يكون شعوري طبيعيا وأتخلص من هذا الإحساس نهائيا؟

2) تأتيني في بعض الأوقات لحظات أشعر فيها أني لا أفكر ولا أستطيع التفكير في شيء، وأسرح أثناء تحدث شخص معي، فما الحل لها؟

3) ينتابني كثير من الأحيان شعور أني غير مستقر نفسيا، شعور لا أعرف كيف أصفه تحديدا، فماذا أفعل تجاهه؟

4) أشعر أن مشاعري متبلدة، وأحاسيسي متحكم بها وغير تلقائية، ففي موقف الحزن لا أشعر أني تلقائي، بل أشعر أني غير حزين وأقنع نفسي أن كل الأمور على ما يرام فما الحل؟

5) هل أستطيع التخص من مشكلتي وحدي، وتطبيق العلاج المعرفي وحدي في كل المشكلات اللتي تواجهني؟ وهل هناك كتب تساعدني في تعلم العلاج المعرفي السلوكي؟ وهل كتب الذكاء العاطفي يساعدني في ذلك؟ وما هي أفضل الكتب لأثقف نفسي وأطور من ذاتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
الذي حدث لك هو نوبة هرع أو فزع، وبعد أن أجهضت بقي بعد ذلك ما نسمّيه بقلق المخاوف الوسواسي ذي الطابع التوقعي، أنت تتوقع القلق والخوف لأن تجربة الفزع والهلع في حد ذاتها حقيقة ليس سهلاً على بعض الناس، وإن كانت ليست خطيرة أبدًا، نعتبرها مزعجة لكنها ليست خطيرة.

أيها الفاضل الكريم: أسئلتك التي طرحتها هي أسئلة متداخلة حقيقة، الذي أؤكد لك أن كل مخاوفك ووساوسك نتجت من حالة الهرع، وأفضل وسيلة لعلاج هذه الحالة هو تجاهلها التام، التجاهل التام، وأنها حالة بسيطة، وأنها قد انتهت، وحتى إن أتت مرة أخرى ليس منها خطورة أبدًا.

إذًا التجاهل، التحقير مبدأ علاجي رصين، فأرجو أن تُركّز عليه.

ثانيًا: أن تمارس الرياضة باستمرار، الرياضة تقوّي النفوس، تعطي مشاعر إيجابية، وُجد أنها تؤثّر على كيمياء الدماغ بصورة إيجابية جدًّا، فيجب أن تجعلها جزءًا من حياتك.

ثالثًا: تنظيم الوقت، بشرط أن تحرص على النوم الليلي المبكّر، هذا أيضًا يجعل خلايا الدماغ في حالة من الترميم المستمر، وهذا يعود عليك بإيجابيات كثيرة جدًّا.

اهتمّ بغذائك، اهتمَّ بالتواصل الاجتماعي، بر الوالدين، الصلاة في وقتها، الترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل ... هذه كلها علاجات، ويجب أن تجعلها جزءًا أساسيًا في نمط حياتك، وهذه حقيقة أهم من الأدوية، وأهم من الكتب التي تتحدث عن العلاج السلوكي وخلافه، فأرجو أن تجعل منهجيتك على هذا الأساس.

الصحبة الطيبة والرفقة الطيبة مهمّة، ومهمّة جدًّا. وأريدك أيضًا أن تنقل نفسك للمستقبل نقلات إيجابية، عش على الأمل والرجاء، تصور نفسك بعد ثلاثة أو أربع سنوات من الآن وقد تخرجت وقد بدأت العمل، والتفكير في الماجستير والدكتوراه، وتكون قد تزوجت، أو سوف تتزوج، انقل نفسك لهذا التصور الإيجابي الجميل، وهو ليس نوعًا من الخيال أو خداع النفس، هو حقيقة وحقيقة ثابتة جدًّا.

هذه الأشياء التي أنصحك بها، وأنا أعتقد أنه سيكون من الجميل إذا تناولت أحد الأدوية البسيطة المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، عقار مثل (سبرالكس) والذي يُسمَّى علميًا (استالوبرام) سليم، وفاعل، وغير إدماني، وغير تعودي، إذا اقتنعت به فأراه مناسبًا لك جدًّا بجرعة صغيرة ولمدة قصيرة. الجرعة في حالتك هي: تبدأ بخمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناولها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناوله.

أمَّا بالنسبة لكتب العلاج السلوكي:
فهي كثيرة جدًّا، ومعظم كتب الصحة النفسية والطب النفسي بها فصول عن هذا العلاج، وأنا حقيقة لا أحب أن أوجّه لكتابٍ معيَّن، لأن المدارس مختلفة.

طبعًا الذكاء العاطفي مهم، والذكاء الوجداني أو العاطفي يعتبر الآن من أفضل العلوم التي تعلِّمنا كيفي نعيش حياة إيجابية مع أنفسنا ومع الآخرين. طبعًا كتاب دانييل جولمان؛ لأنه رائد هذا العلم، والذي كتبه عام 1995، يُعتبر من الكتب الرائدة والممتازة جدًّا، لكن بعد ذلك أتت كتب سهلة وبسيطة، أيضًا يمكنك الاستفادة منها، وتوجد مواضيع كثيرة جدًّا مكتوبة على الإنترنت حول الذكاء العاطفي أو الوجداني.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً