الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل بالدعاء سيحقق الله لي الأمنيات؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من عدة خواطر نفسية، أظنها من تلبيس إبليس ليصدني عن سبيل الله، فأرجو المساعدة.

أنا شاب طموح أرغب في كل شيء جميل من دين وصحة ومال وذرية وتوفيق وسعادة، لكن مشكلتي هو أنني لا أعرف بماذا أدعو الله، أعاني من التشتت، لدي المئات من الأماني، كيف سألح على الله في كل هذه الأمنيات؟ وأنا أعرف أن الله يحب عبده اللحوح، ثم بأي الدعوات أبدأ؟ هل بالرزق الوفير والغني، أم دخول الجنة والثبات عند الموت، أم بالذرية الصالحة، أم بالصحة وغير ذلك من الأمنيات المشروعة؟ كيف سأدعو الله في كل تفصيله من حياتي، وقد تشغلني عدة أمور في وقت واحد، كما كان يفعل الصالحون حينما يحتاج ولو شيئا بسيطا مثل ملح طعامه، يسأل الله تعالى!

هل الدعاء والذكر المستمر والصدقات وصلة الأرحام والاستغفار سبب ضروري للتوفيق في حياتي عامة، وفي الرزق خاصة؟ أعاني من ضيق الرزق، وعدم السهولة فيما أقوم به من الأعمال، علما أني أجتهد كثيرا في عملي، وأنا حريص على رضا الله بالبعد عن الذنوب والمعاصي، والمحافظة علي فروضي الدينية، أحاول أداء السنن والنوافل والصدقات طلبا لرضا الله، وزيادة في حسناتي، وليس طلبا لسعة الأرزاق.

يوسوس لي الشيطان بأن الاجتهاد في العمل وإتقانه أولى من الذكر والدعاء، بحجة أن الغرب غير مسلم لكنه متقدم، وأن الله يقول:" إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا"، إذا المسألة ليست بالأذكار والأدعية، ثم أرد عليه بآية: ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا).

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم-، وأسأل الله أن يمن عليك بالعافية، وأن ييسر أمرك، ويرزقك من حيث لا تحتسب، والجواب على ما ذكرت:
- بداية إذا كنت تعاني من تلبيس الشيطان عليك ووسوسته، فعليك أن تكون جادا في الخلاص من هذا الوسوسة، بأن تدعو الله أن يقيك شره، وأن تطلب العلم الشرعي، فإنه سبيل ناجع لمعرفة أساليب الشيطان على النفس، ومن ثم تعرض عن كل ما يوسوس به الشيطان عليك ولا تلقي له بالا، واقطع التفكير فيما يدعوك إليه من أمور تتنافى مع الدين والشرع.

- وأما بخصوص طموحك في الحياة وأنك تريد صلاح الدين والدنيا، فيمكن أن تدعو بكل ما تريده في وقت واحد، من صلاح الدين والصحة وكثرة المال وإنجاب الذرية والتوفيق في حياتك وتحقق السعادة، ونحو ذلك، وهناك أدعية جامعة يمكن تدعو تعم كل ذلك، ومنها "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "، ومنها " اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم.. الخ، والمهم الإكثار من الدعاء مع حسن الظن بالله واليقين في الإجابة فيه خير لك في كل حال، واعلم أن الله يستجيب لك في كل ما كان فيه مصلحة لك في دينك ودنياك، والله كريم خزائنه ملأا، ولا يعجزه أن يعطيك كل ما سألت وفوق ما سألت.

- أسباب التوفيق في الحياة له سببان رئيسان الأول: الصلاح في الدين وتقوى الله، "ومن يتق الله يجعل له مخرجا"، وكثرة الدعاء والذكر والاستغفار، والصدقات، وطاعة الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الخلق، ونحو ذلك، فينبغي أن يكون لك نصيب من كل ما ذكرت، وكلها من أبواب الخير تنال منها أجر ومثوبة عند الله، وتنال بها التوفيق في حياتك، وأرجو أن تستعجل في تحقيق ما تريد.

- والسبب الآخر للتوفيق: السعي في طلب الرزق مع التوكل على الله تعالى، وإتقان مهنة تكسب منها رزقا حلالا.

- من قال لك أن الاجتهاد في العمل أولى من الذكر والدعاء، فقد أخطأ، فإن المسلم يجمع بين خيري الدنيا والآخرة، اجتهد في عملك، واستمر في ذكر ربك، والكفار الذين لديهم سعة في الرزق، وهم على كفرهم إنما ذلك استدراج ومكر من الله بهم، ولن يحصل لهم السعادة بما عندهم من سعة الرزق، وليس لهم أجر في كسبهم، ولا في إنفاقهم، بسبب كفرهم، وحياتهم مثل حياة البهائم تراهم ينفقون المال في الفساد والطغيان، ثم إذا لم يحصل للمسلم سعة في رزقه، جعل الله في قلبه القناعة والرضا، وعوضه النعيم المقيم في الآخرة، بخلاف الكافر إذا حصل له فقر يسارع للخلاص من حياته، وليس له في الآخرة إلا النار.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً