الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حائر بخطبة فتاة لا تناسبني من جميع النواحي.

السؤال

السلام عليكم.

أريد مشاركتكم بمعلومات فقط من أجل التوضيح للصورة كاملة، كنت على علاقة بفتاة منذ أيام الدراسة، والفتاة تعلقت بي كثيرا، ووقت الصبى لم نكن نحسبها جيدا، وبعد إنهاء المدرسة توجهت للدراسة في الجامعة، وبعد ٥ سنوات رجعت إلى المدينة، وكانت الفتاة ما زالت تنتظرني، فتوجهت لخطبتها، وعندها تبينت الأمور بأن أباها مدمن للمخدرات (وتوفي قبل سنة)، وعائلتها ليست بالمعروفة، ويوجد في عائلتها الكثير من الأشخاص السيئين لا ذو اسم، ولا حسب، ولا نسب، وحتى سمعة حسنة بين الناس، لا يوجد سمعة عادية جدا، ولكن الفتاة ذات خلق ودين، والكل من حولي يشهد بذلك، فقط عن الفتاة وأمها وأختها.

الفتاة ليست بمتعلمة، وليست بذاك الجمال، ولكنها متعلقة بي كثيرا لدرجة الموت، حتى بعد انفصالنا من الخطبة نتيجة هذه الأمور ما زالت تحبني وترفض كل من يتقدم لها، وأنا أشعر بنارين بين نار العقل ونار القلب، فهي تملك كل ما يحتاجه الشاب من عفة وأخلاق وسمعة حسنة ودين وإخلاص، ومن ناحية أخرى لا تلبي احتياجاتي من نسب وعائلة، ولا أنها متعلمة تعمل أعمالا عادية كأي مواطن.

أنا أعد من عائلة مرموقة في المدينة ومن المتعلمين والمثقفين وذي سلطة وأغنياء، وأنا أعمل في شركة مرموقة، والناس تعرفني جيدا طبعا هذا من فضل الله، أقول هذه المعلومات لنقل الصورة فقط لا أعلم ماذا أفعل حقيقة؟

أرجو النصيحة، وبارك الله بكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
الزواج مشروع عمر ويجب على الزوج أن يختار شريكة حياته بعناية وبدون مثالية، لكن هنالك صفات لا بد منها وهي ما أرشد إليها نبينا عليه الصلاة والسلام بقوله: (تُنكَحُ المرأةُ لأربعٍ: لجمالِها ولحسَبِها ولمالِها ولدِينِها فعليكَ بذاتِ الدِّينِ ترِبَت يداكَ)، ومعنى تربت يداك التصقت بالتراب فلا خير في زوجة لا دين لها ولا بركة فيمن كانت سبب فقر زوجها.

هنالك صفات أخرى يحتاجها الزوج وتؤدي إلى توطد العلاقة بين الزوجين منها: أن يكون الجمال مقبولا لديه حتى لا تبقى عيناه تنظر إلى وجوه النساء، وصفات أخرى تختلف من مكان إلى مكان ومن زمان إلى زمان مثل: أن تكون المرأة متعلمة وما شاكل ذلك، وهنالك صفات يقبل منها الأدنى كالتعلم فلا يلزم أن تكون المرأة جامعية، ولكن يمكن أن يكتفي أنها أكملت الثانوية العامة بحيث تستطيع القيام ببعض الأعمال التي كلفها بها زوجها، ويمكن أن تقوم بالمذاكرة لأبنائها وتعليمهم وهذه الصفات يقدرها الزوج لا غيره، فإن توفرت توكل على الله وتقدم للخطبة، وإن لم تتوفر فليس عليه حرج أن يترك حتى ولو كان خاطبا.

أوصيك أن تصلي صلاة الاستخارة قبل أن تتقدم للخطوبة، وتدعو بالدعاء المأثور، ثم تنظر ما ينقدح في نفسك فإن كانت منقبضة فهذا يدل على أن الله صرف قلبك عن تلك الفتاة، وإن وجدت ارتياحا فتتوكل على الله وتقدم فمن وكل أمره لله ليختار له ما يشاء فلن يخيب الله ظنه، بل إن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.

الزواج يجب أن يكون النظر فيه بالعقل وليس بالعاطفة؛ لأن العاطفة لا تعطيك التقدير الصحيح، ولا التفكير السليم، فعليك أن تقدم العقل على العاطفة، واعلم أن كلا منكما سيأخذ رزقه، فإن كانت من رزقك فلن تستطيع الزواج بغيرها، وإن كنت لست من رزقها فمهما بذلتما من أسباب فلن تتمكنا من الارتباط؛ لأن مشيئة الله هي النافذة.

اعلم أنك لو لم تتقدم لها فلست بآثم؛ لأن فسخ الخطوبة جائز لكل من الطرفين إن رأى شيئا لا يعجبه، وأنت لديك المبرر الذي جعلك تفسخ الخطوبة بغض النظر عن وجاهتها.

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وسل ربك أن يلهمك الصواب، وأن يختار لك ما فيه الخير، وأكثر من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

اجتهد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

استعن بعد الله بوالدتك وأخواتك في موضوع الزواج فهن أعرف بالفتيات وصفاتهن، وعندهن القدرة على معرفة ما لا تقدر عليه أنت.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً