الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستطيع العمل مع منع زوجي لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرا على جهدكم وبارك في مسعاكم.

تخرجت من كلية الطب حديثا، حيث تزوجت خلال فترة الدراسة، وأنجبت أطفالا، وكنت قد اتفقت أنا وأهلي مع زوجي في العمل من قبل الزواج، لكنه الآن رفض حتى إخراج الشهادات، ورفض أن يخرجها لي إخوتي، وأن يدخلوا بيته، ولا يرغب في مناقشة أحد، مع العلم بإمكانية الاتفاق مع رجل للكشف على الرجال، والمبيت بدلا مني ولو بمقابل فترة الامتياز، ورغبتي في العمل كطبيبة من البيت للنساء بسعر وعدد بسيط لوجود الحاجة للنساء الطبيبات، وحتى لا أنشغل عن بيتي وأبنائي.

مع العلم أنني تأخرت وتعبت كثيرا لأسباب خارجة عن إرادتي فترة الدراسة، وأرهقت نفسي وأبنائي وأنا الآن في وقت الحصاد، هو يرفض كل الخيارات ويتمسك بالطلاق فقط.

اشيروا علي ماذا أفعل، مع العلم بأنه يمنعني من زيارة جاراتي ويمنعهم من زيارتي، ولا يذهب بي لأقاربي إلا ما ندر، فهل يتحمل إنسان كل هذا الكبت الاجتماعي؟! ويدعي بأنه سيتضرر هو وأولادي، لكن حصاد السنين وتعبي يضيع من أجل سنة امتياز، بل حتى يرفض عملي للنساء في البيت، وأنا لا أريد الطلاق ولا أريد ضياع جهدي ورغبتي وعدم مقابلة الناس إطلاقا! فماذا أفعل!

وهل علي أن أدعو الله أن ييسر لي إن كان فيه الخير وأدعو وأتوكل فقط بدون أي محاولة، وأقول بأنها مشيئة الله لي ولو عكس ما أريد؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم الأبناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله أن يُقدّر لك الخير حيث كان، وأن يهدي زوجك لاتخاذ القرار الصائب النافع في حقك وفي حقه.

لم تذكري لنا – ابنتنا العزيزة – حال زوجك معك من الناحية المادّية، وهل يتولّى القيام بواجباته من الإنفاق عليك وعلى الأولاد ويوفّر لك حاجاتك؟ وهذه الجزئية مهمّة في إعطاء الحكم الشرعي، ولكن تبيَّن لنا من استشارتك حرصك على إبقاء الأسرة، وهذا رأيٌ صحيح، ودليلٌ على رجاحةٍ في عقلك، وتقديرك للأمور حق قدرها، فنصيحتُنا لك أن تستمري في التمسُّك بهذا الخيار، وألَّا تُفرّطي في زوجك وتهدمي أسرتك، إذا كان الزوج يكفيك المؤن المالية، ويُوفّر لك حاجاتك، فإن الزوج مُكلَّفٌ شرعًا بالإنفاق على الزوجة وكفايتها في مقابل ملازمتها للبيت، وعدم عملها خارج البيت.

ولا شك أن المصلحة قد تقتضي عمل المرأة خارج البيت، ولكن هذا يحتاج إلى توافق مع الزوج؛ لأنه أمرٌ زائدٌ عن الحق، فإذا حاولت أن تتعرفي على الأسباب التي تدفع زوجك لمنعك من هذا العمل فإن العلاج هو مداواة هذه الأسباب وطمأنة الزوج بعدم وقوع شيء من المحاذير، وهذا الإقناع يحتاج إلى وسائل:

منها: أن تستعيني بمن لهم تأثير على الزوج، وهم محلُّ ثقته، وتُبيِّني لهم الأمر كما هو، والمنافع المنتظرة، والمفاسد المترتبة على تركك لهذه المدة من العمل.

ومن الوسائل أيضًا: أن تستغلي حالات هدوء الزوج وارتياحه معك لطرح الموضوع، ليس للطلب، ولكن للتفكير فيه من حيث المنافع والمضار.

وأكثري من دعاء الله تعالى أن يُقدّر لك الخير، وأن يُسهّل لك الأمور، فإن حرصك على الشيء قد لا يكون خيرًا، فأنت تُحبين الشيء وتحرصين على وقوعه والله تعالى قد يصرفه عنك لعلمه سبحانه وتعالى بأن فيه شرًّا كثيرًا لك، وقد قال سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

فنصيحتُنا لك أن تبذلي هذه الأسباب لإقناع زوجك بالعمل ولو لهذه المدة فقط، وتعديه بأنها فترة قصيرة لن تؤثّر على عملك، وهي مدة السنة، وأمَّا ما زاد على السنة فتدعي الكلام فيه إلى حينه، فربما رأى الزوج أن المدة يسيرة فيتحمَّلُها.

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان، وييسّر لك ما فيه منافعك ومصالحك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً