الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجها طلقها بسبب عدم الإنجاب فأصيبت باكتئاب

السؤال

السلام عليكم .
إنني سيدة مطلقة منذ عام، فاقدةٌ لكل معنى الحياة، كرهت كل شيء، أصبح كل تفكيري كيف أرضي الله وحسب؟ أحس أن الله غير راضٍ عني؛ لأنه لم يرزقني بأطفال، مما أدى إلى طلاقي، وهذا الظلم الشديد من زوجي الذي منحته كل الحب والسعادة، وقابل هذا كله بالخيانة لمشاعري وثقتي التي فقدتها فيه وفي كل من حولي بعد هذه الطعنة القاتلة لكل ما هو جميلٌ في حياتي.

إنني مضطربة جداً، وحينما أرجع إلى الله وكتابه أرتاح، ولكن حينما أرى الأطفال أمامي أنزعج وأقول: لو كان الله رزقني وأكون سعيدة كباقي الخلق، وأسأل نفسي: هل هدا غضب علي من الله أم ماذا؟
إنني فعلاً محتارة، وأكاد أفقد كل توازني، ساعدوني، كيف أتعامل مع هذه الخيانة وعدم الصدق في المشاعر؟ كيف أستطيع أن أضع ثقتي في رجل كان هو كل حياتي وكان رمزاً للرجل الحنون المتخلق بالنسبة لي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الكريمة الفاضلة/ هيبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه يسرنا أن نرحب بك للمرة الثانية في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل جلاله أن يربط على قلبك وأن يبدلك خيراً مما أخذ منك، وأن يمن عليك بزوجٍ صالح يكون عوناً لك على طاعته وعوضاً لما فقدتيه.

وبخصوص ما ورد برسالتك فاعلمي أن الله قال: (( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ))[الرعد:11]، فهذه الحالة النفسية لن تتخلصي منها إلا بعزيمةٍ قوية وإرادةٍ داخلية، وإلا ستظلين تعيشين هذه الذكرى الحزينة المؤلمة.

فإلى متى أختي هيبة تظلين تعيشين هذه الحالة المحزنة؟ هذه الحالة النفسية لن تزيدك إلا ضعفاً وحزناً وتعاسة، افرضي أن هذا الزوج قد مات فهل يا ترى كنت ستموتين معه؟ أين الإيمان بقضاء الله وقدره؟

أنت سيدة فاضلة، ولا ينبغي لك أن تقتلي نفسك بهذا الحزن المدمر، أمر أراده الله قبل خلق السماوات والأرض، وكان لا بد أن يكون فكان، انظري إلى بقية نعم الله عليك وستجدين أنك إذا كنت قد حرمت نعمة فعندك مئات النعم الجميلة التي تساعدك على النسيان والاستمتاع بالحياة.

أنت والحمد لله لست عالة على أحد، فلديك وظيفة طيبة ودخل طيب، ولديك صحة وعافية، ولديك أخلاق عالية، ولديك أهل وأصدقاء، ولديك منزل يؤويك، أليست هذه كلها نعم عظيمة يا أختي هيبة؟

لماذا هذا الحزن وهذه التعاسة إذن؟ أنت تدمرين نفسك وتغضبين ربك، ثم يأتيك الشيطان ليقول لك بأن الله قد غضب عليك لعدم الإنجاب، من قال هذا أيتها الفاضلة المباركة؟ هل اطلعت على الغيب؟ وهل عدم الإنجاب يدل على غضب الله؟ هذا كله هراء لا أساس له.

احمدي الله على أن جعل كل تفكيرك في مرضاته، وليس معنى هذا أن تهملي نفسك وتنسين حظك من الحياة، فالحياة جميلة ونعمة من الله يجب علينا استغلالها وعدم تضييعها، فعليك بالاهتمام بمظهرك وفق الضوابط الشرعية، واجعلي البسمة عنوانك الدائم بين أخواتك، وقاومي الفشل والكسل، وأكثري من طاعة ربك والتضرع إليه أن يقدر لك الخير، واعلمي أن مسألة الطلاق التي حدثت إنما حدثت بإرادة الله وتقديره، والمسلم الصادق يجب عليه أن يرضى بقضاء الله وقدره، واعلمي أن ما قدره الله هو خير لك، وما أدراك فلعل الله أن يعوضك قريباً برجل أفضل من زوجك الأول وتعيشين معه سعادةً غامرة، ويحل عليك الرضوان من الله، ولذلك قال الحق جلا جلاله: (( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ))[النساء:19] فاخلعي عنك هذه النفسية المنهزمة، وعودي إلى لحياة الطبيعية كأي امرأة؛ لأن عندك قدرات ونعم عظيمة حاولي استغلالها، ولا تكوني ضعيفة فيأكلك الشيطان ويدمرك الحزن والأسى، وهذا كله لن يغير من واقعك شيئاً، بل على العكس سيدمر حياتك تماماً، وحياتك غالية ونعمة يجب الحفاظ عليها.

أكثري من الطاعة، وتقربي من الله أكثر وأكثر، وتضرعي إليه أن يعوضك خيراً، وتفائلي للحياة، وسلِ الله الخير حيثما كان، وسليه أن يرزقك الرضا به، وستجدين خيراً كثيراً إن شاء الله.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسعادة، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • على ابوذكرى

    الحمد لله على كل حال أحمد ى ربك على كل حال وربنا يعوضك خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً