الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أختار العلم الدنيوي، أم العلم الشرعي؟

السؤال

السلام عليكم...

أنا فتاة أبلغ من العمر 26 سنة، درست الهندسة المعمارية، وتفوقت فيها -والحمد لله- لم أنوِ العمل بسببها نظرًا لأن فيها اختلاطا، وتستلزم الخروج لمواقع الإنشاء التي تكون كلها رجال، وأنا المرأة الوحيدة بينهم، وهذا ما لم أستطع تقبله، ففضلت الجلوس في المنزل.

حيرتي تكمن في تقرير مستقبلي، وأمامي فرصة للمشاركة في مسابقة دكتوراه هندسة معمارية، الدكتوراه فيها: مؤتمرات داخل وخارج البلاد، وفيها: اختلاط تام مع الرجال لا يمكن تفاديه، وأحيانا يجب البقاء وحدي أنا والمعلم لأنه لا توجد معلمة، الدكتوراه كانت حلمي منذ الصغر، لكن الآن لا أدري هل أواصلها أم لا، وماذا سأجنيه منها؟ علمًا أن العمل بها يقتصر على التدريس في الجامعة فقط هذا إن استطعت، وفي نفس الوقت أرغب في تعلم العلم الشرعي، والتفقه في الدين، وحفظ كتاب الله، وقد سجلت في أكاديمية للتعليم الشرعي عن بعد -دراسة لمدة عامين- لكن إن نجحت في الدكتوراه لن أستطيع تعلم العلوم الشرعية، فماذا عليّ فعله؟

- هل أختار دراسة الدكتوراه في الهندسة المعمارية، أم أتفرغ للعلم الشرعي؟و هل أنال الأجر على ترك العلم الدنيوي، أم أكون آثمة لأنه يجب تعلم الهندسة، وتعليمها لنفع المسلمين، مع العلم أن دارسي الهندسة والأساتذة كثر.

حالياً أبي من يصرف عليّ، وأود التخفيف عنه، إذا نجحت فيها بعد 4 سنوات، أستطيع التدريس وأعينه، هل عملي هنا جائز؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الرميصاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك أختنا الكريمة ورداً على استشارتك أقول: تخصص الهندسة تخصص جيد لولا أن فيه مشقة، ومضايقة للمرأة، كونها تعمل في أوساط رجال، وقد تكون هنالك خلوة بها من قبل بعضهم، ولا تأمن فيه المرأة على نفسها في تلك البيئة، وإكمال الدراسة بحسب، وصفك فيه مخاطر كبيرة، خاصة أن المرأة ضعيفة يمكن أن تضعف في بعض الأحوال فيحصل لها ما لا تحمد عقباه.

سفر المرأة لمسافة بعيدة، يستلزم محرما للمرأة كما قال عليه الصلاة والسلام: لا تسافر المرأة مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم، ولو أنك تجدين عملاً مكتبياً بحيث تمارسين عمل الرسم، والتخطيط فقط، فلا بأس بهذا إن أمنت على نفسك، وكذلك إن أمكنك أن تفتحي لنفسك مكتبًا، فهذا أفضل من تعطيل شهادتك، ويذهب تعبك سدى، وأرى أن فتح مكتب للهندسة المعمارية، وتضمين له بعض المتخصصات بنفس مهنتك، وتعملن كفريق واحد، وأنت تديرين المكتب، وتشاركين في العمل فهذا عمل طيب، وسيكون مصدر رزق لك، وسيدر عليكن ربحاً حلالاً إن شاء الله تعالى.

الإشراف على تنفيذ الأعمال، والنزول الميداني للمواقع، يختلف من حال إلى حال، فكون المهندسة صاحبة العمل لا يستطيع أحد أن يلزمها بشيء مثل خلع نقابها مثلاً، وستنزل في الوقت التي تراه مناسباً لها بخلاف ما لو كانت تعمل في مؤسسة فقد تلزم بأمور هي لا تريدها، وقد تنزل مع غيرها من المهندسين، وغير ذلك مما يعرضها للفتنة والتحرش.

لو استطعت إكمال الدراسة محليًا في بلدك دون سفر، فأنا أشجعك على هذا، وتصبحين بعد ذلك أستاذة في الجامعة، فكل عمل يصل نفعه للناس فيؤجر عليه المسلم، والعمل الدنيوي إن أحسن المسلم نيته انقلب إلى عبادة فالطبيب يؤجر، والصيدلاني يؤجر والمهندس يؤجر وهكذا.

قد ذكرت في استشارتك المخاطر التي تكتنف دراستك للدكتوراه، وهذا يعني أنك لست آمنة على نفسك، فالذي أنصحك به: هو أن تفتحي مكتباً للهندسة المعمارية، ومواصلة العلم الشرعي بحيث تسجلين في أي جامعة عن بعد، وبهذا تجمعين بين ما اكتسبته من دراستك للهندسة، وبين طلب العلم الشرعي.

نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً