الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاضطرابات النفسية والخوف والقلق تفسد علي علاقاتي وحياتي!

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالب جامعي، شاب عمري 22 سنة، بدأت مؤخرا بالعمل والتعلم بنفس الوقت، أعمل في ساعات الليل، وفي ساعات الصباح أذهب إلى الجامعة، في إحدى المرات كان لدي تقديم على آخر امتحان في السنة، وأنا شخص يفكر كثيرا، قبل الامتحان بيوم لم أتوقف عن التفكير في العمل وفي الامتحان الأخير، شعرت بضغط كبير حينها.

في اليوم التالي تقدمت للامتحان وفي وسط الامتحان شعرت بضيق تنفس ودوار كدت أن أفقد الوعي، فلم أعط أي اهتمام، أكملت الامتحان مسرعاً وخرجت، وبعدها ذهبت للعمل كالمعتاد ولم أشعر بشيء حينها، وبعد أسبوع كنت جالسا وحيدا بعد العمل، فشعرت بالشعور نفسه مجددا، ذهبت للمشفى وأجريت فحوصات دم، وضغط، وأكسجين، ونبض قلب، وكله سليم والحمد لله، قال لي الدكتور ربما أنت تشعر بأنك لا تستطيع التنفس ولكن كل شيء على ما يرام، لكن الحالة بدأت تزيد!

بدأت أتشكك وأخاف من أي شيء، وأشعر بضيق صدر وتنفس، والشعور بالموت، والحياة تضيق علي، أحيانا يستمر لأيام، وأحيانا لساعات قليلة، وأحيانا تمضي أيام بدون الشعور بشيء إطلاقا، لا يوجد مدة محددة ولا أدري كيف أفسر هذا الوضع وهذا الشعور، ولكن بشكل عام أصاب بالشعور عندما أكون وحيداً أو مرتاحا في أيام العطل.

أنا على هذه الحالة تقريبا سنة كاملة، لم أعد كما كنت، لقد بدأت بتقليص العلاقات الاجتماعية ولا أخرج من البيت إلا للعمل، أصبحت إنسانا تعيسا وقلقا، مع العلم أني شاب ولا زلت أخطط لمستقبلي، أخاف يصيبني الشعور هذا مع الأصدقاء أو الأقارب والشعور بالإحراج، هل تنصحونني بإجراء فحوصات مرة أخرى؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحالة التي أصابتك بالفعل هي حالة نفسية، الذي حدث لك يُسمَّى بنوبات الهرع أو نوبة الهلع، هي من النوع البسيط وليست من النوع المعقد، طبعًا كنت تستعد للامتحان وتعمل ليلاً، ربنا يوفقك، هذا جُهدٌ عظيم ومُقدَّرٌ جدًّا. طبعًا الاستعداد للامتحان في مثل هذه الظروف قد يؤدي إلى إجهاد نفسي، وهذا الإجهاد ظهر في صورة ما نعتبره نوعًا من نوبات الفزع أو الهلع، والتي عُبِّر عنها جسديًّا أكثر من تعبيرها نفسيًّا، والشعور بالضيق في النفس، والشعور بقرب الموت، هذا من صميم نوبات الهلع أو الفزع، وهو يُعرَّف بأنه نوع من القلق الحاد جدًّا، الذي قد يأتي بسبب أو بدون سبب.

قد يذهب بسبب أو بدون سبب أيضًا، وهو ليس خطيرًا أبدًا، نعم قد يُزعج الإنسان، قد يُضايقه، يُسبِّب للإنسان همًّا شديدًا حول صحته، ولذا تجد الذين يُصابون بهذه الحالات يتنقلون بين العيادات من طبيب إلى طبيب، وأول ما يبدؤون به هو طبيب القلب، والحالة ليس لها علاقة بمرض القلب أبدًا.

لا تنزعج أبدًا، هذه الحالات تختفي تلقائيًا، ساعد نفسك بممارسة الرياضة، الرياضة مفيدة جدًّا، خاصة رياضة المشي أو الجري، تمارين الاسترخاء أيضًا مهمة، تمارين التنفس المتدرجة وتمارين شد العضلات وقبضها ثم إطلاقها، توجد برامج على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، فأرجو الاستفادة منها.

أرجو ألَّا تقلص علاقاتك الاجتماعية، فالتواصل الاجتماعي مهم جدًّا، والقيام بالواجبات الاجتماعية على وجه الخصوص ذات أهمية شديدة، أن تلبي الدعوات، أن تشارك الناس في مناسباتهم، أن تزور المرضى، أن تصل رحمك، تكون إنسان فاعلاً داخل أسرتك، بارًّا بوالديك، هذه كلها أشياء مهمة جدًّا لتطوير النفس وإزالة القلق والتوترات.

إذًا هذه نصائحي لك، ولست في حاجة لإجراء أي فحوصات أخرى، وأنا أنصحك أيضًا بتناول دواء بسيط يُسمَّى سبرالكس، واسمه العلمي (استالوبرام) هو في الأصل مضاد للاكتئاب، لكنه أيضًا يُعالج القلق ونوبات الفزع والهرع والوسوسة والخوف. أنت طبعًا لست مكتئبًا أبدًا، وحتى بالنسبة لهذا الدواء تحتاج لجرعة صغيرة وليست الجرعة الكبيرة، هناك حبة تحتوي على عشرة مليجرام وحبة تحتوي على عشرين مليجرامًا، أنت تحتاج للحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، ابدأ بتناول نصفها – أي خمسة مليجرام – يوميًا لمدة عشرة أيام.

بعد ذلك تناول عشرة مليجرام يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء. هو دواء سليم جدًّا، ولا يُسبب أي إدمان، وليس له ضرر على صحتك أبدًا، وإن شاء الله تعالى سوف يساعدك كثيرًا، فتناوله حسب ما هو موصوف، وطبّق الإرشادات الأخرى التي ذكرتها لك، وكما أسلفتُ الحالة بسيطة، ولا تحتاج حقيقة لإجراء أي فحوصات أخرى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً