الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقاوم الخمول والاكتئاب وأعيش حياة جديدة؟

السؤال

أعاني من فقدان الرغبة في عمل أي شيء، وأجد صعوبة بالغة في الاستيقاظ من النوم، أو حتى القيام بعد الجلوس، وأصبحت معاناتي يومية، وأستغفر واذكر الله مرارًا حتى أستطيع القيام، وكل شيء حولي أفعله بصعوبة، لأنني لا أرغب بفعله، ولكنه شيء واجب.

عندي ثلاثة أطفال يحتاجون رعاية نفسية ودراسية وإيمانية، وبيتي وزوجي وعملي أنا مقصرة فيه جدًا، حتى في عبادتي، أعلم أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولكن أعجز منذ سنوات طويلة عن تغيير ما بنفسي، حاولت الاشتراك بصحبة أو عمل جداول أو الالتزام بحلقة أو أوراد، ولكن أستمر فترة قصيرة جدًا وأعتذر، ولا أشعر بالتوفيق في العبادة، وإن تيسر فلا أجد قدرة على جهاد نفسي، لأكمل وأتذكر الآية (ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون).

أتمنى أن أكسر هذا الدائرة المفرغة وأخرج منها، أعاني من قلة التركيز والنسيان، جربت أن آخذ علاجا للاكتئاب، ولكن كنت أنسى أخذه وأصبح تناوله غير منتظم، فتركت أخذه، أجد الكثير من الحلقات على النت، وأشترك فيها، ولكني لا أسمع المحاضرات، كجائع ينظر للطعام من خلف نافذة ولا يستطيع الوصول له، كان عندنا مروحة معطلة نضغط على زر التشغيل، لا تعمل، وننساها فنجدها تعمل بعد فترة، كانت تذكرني بحالي، تجاهد وتجاهد كي تبدأ العمل، ولكن سرعان ما تتوقف.

ما يحزنني أننا كنا صحبة نعين بعضنا على الطاعة، أجد أن صديقاتي وصلن لبغيتهن، وأنا تراجعت، أسأل الله لهن دائماً التوفيق والثبات والهداية، ولكن أحزن لحالي، لا أجد رغبة للعودة لهواياتي، أو الخروج أو الصحبة حتى أخرج مما أنا فيه، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأعراض التي ذَكرتها في رسالتك هي أعراض الاستنفاد النفسي.  وهو " متلازمة تنتج عن إج?اد مُزمن في مكان العمل لم تتم إدارته بشكل ناجح، ویتمیز بإحساس الموظف بنضوب الطاقة أو استنفاد?ا، وزیادة الفجوة بین تفكیره العقلي والوظیفة التي یعمل ب?ا، إضافة إلى المشاعر السلبیة والسخریة المرتبطة بالعمل وانخفاض الكفاءة الم?نیة".  ویظ?ر الاستنفاذ النفسي عند الموظف على شكل اعراض من خلال ثلاثة أبعاد ?ي:

1 -الإج?اد الإنفعالي: شعور عام بالتعب ینتاب الموظف نتیجة لأعباء العمل، والمسؤولیات الكثیرة التي تُلقى على عاتقه.

2 -تبلد المشاعر: شعور عام یتولد لدى الموظف سببه ضغط العمل الزائد. مما یترتب علیه اللامبالاة وعدم الشعور بالقیمة الإنسانیة للآخرین الذین یتعامل مع?م.

3 -نقص الشعور بالإنجاز: میل الموظف إلى تقییم نفسه بطریقة سلبیة في مجال علاقته بالأشخاص الذين يتعامل معهم من زملاء وعملاء.

وللتخلص من الحالة التي تعانيها، بالإمكان الأخذ بالإرشادات العملية التالية:

- حددي أنت بدقة العوامل التي جعلتك تصلين إلى هذا المستوى من التعب النفسي، وذلك يكون من خلال تحديد الأماكن والناس، الأماكن هي: عيادة، بيت أهلي، بيت أختي ...، الناس هم زوجي، أولادي، أمي، صديقاتي...، بعد ذلك حددي السلبيات في جميع الأماكن، وحددي الشخصيات السلبية من ضمن الناس التي قمت بتحديدها، وابدئي بعدها بعملية الفرز، وحددي العوامل الأكثر سلبية ثم الأقل فالأقل.

ابدئي بالتخلص من العلاقات المرهقة، والأماكن التي تبث طاقة سلبية في داخلك، قومي بإجراء تغييرات في مكان عملك، المكتب، الديكور، رائحة جميلة، وكذلك بيتك حركي الأثاث من مكانه أضيفي لمسات جديدة على الجدران والأثاث، اشتري ملابس جديدة وتخلصي من القديمة المكدسة التي لا تحتاجينها:

- لا تنتسبي لأي مجموعة أو حلقة إلا إذا كنتِ مقتنعة بشكل تام بذلك، لا تنتسبي لشيء لمجرد أن فلانة جربت ومدحت وأثنت على ذلك الشيء.

- ابدئي بانجاز الأعمال السهلة التي لا تحتاج إلى وقت طويل.

- لمدة ٢١ يوماً ضعي مؤقت بحيث يدق جرس المنبه كل ساعة اشعار لك أن تأخذي استراحة لمدة ربع ساعة مثلاً ثم تعودي إلى عملك، وخلال فترة الاستراحة القصيرة غادري المكتب الذي تعملي فيه، واجلسي في مكان آخر.

- مارسي نشاطات، مثل: الرياضة الخفيفة، قراء كتب خارج التخصص بحيث تكون ممتعة وقصيرة.

- احصلي على قسط وافر من النوم.

- التواصل مع الآخرين: إن زيارة الأصدقاء والأقارب لها فاعلية كبيرة في تحسين الجانب النفسي.

- قولي كلمة لا: أحد العوامل الذي يزيد من مستوى الضغط والاستنفاد النفسي عند الشخص هو قوله كلمة "نعم" دائماً، مما يجعل الآخرين يعتادون على أن هذا الشخص لا يرفض ما يقال له أو ما يكلف به من أعمال، ويبدؤون بإسناد جميع الأعمال إليه باعتباره "مطيعاً"، بينما كلمة "لا" ، أو "لا أستطيع" تجعل الآخرين يفكرون كثيراً قبل أن يكلفوه بأعمال، وهذا تدريجياً ينعكس بشكل إيجابي على هذا الشخص.

- تغيير الطريقة التي تُنجزي من خلالها ما يطلب منك: تجنبي أداء المهام المتعددة والتركيز على مهمة واحدة في المرة الواحدة، وتقسيم المشاريع الكبيرة إلى مهام صغيرة يسهل تنفيذها، وتجنبي قضاء وقت زائد بعد انتهاء أوقات العمل،  وتجنبي الاتصال بالعمل في الإجازات.

- خذي رصيدك من الإجازات، وحاولي قضاء وقت كاف مع الأسرة والأصدقاء.

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فرنسا Rim

    شكرا كثيرا علي هذه الإجابة المعمقه و جزاك الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً