الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ملتزم حديثًا فهل أذكر الناس بذنوبهم لكي يتوبوا منها؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا منذ ستة أشهر بدأت بالاهتمام بالعلم الشرعي، وكلما درست شيئا أوسوس حوله، مثلا: بدأت بالفقه وسوست في الطهارة والصلاة، ثم درست نواقض الإسلام، وأنا الآن أعانني الله أن أقضي ساعات بحثا عن الفتاوى.

أعلم أنكم سوف تقولون تجاهل الأمر، ولكن لا أستطيع؛ لأنه يتعلق بالكفر والإسلام، مثلا أنا عن نفسي أتوب ولكن لدي ذاكرة قوية؛ فأتذكر مواقف سابقة لإخواني أو أهلي فيها استهزاء بالملتزمين أو مثل ذلك، فهل أذكرهم لكي يتوبوا؟ مع أنهم يقولون لي إنك موسوس، علما أن الوالد مصاب بالوسواس من سنوات.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالعزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الكريم الفاضل-، وشكرًا لك على هذا السؤال، وإنما شفاء العيِّ السؤال، نرحب بك في الموقع، ونسأل الله أن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح، وأن ينفع بك بلاده والعباد.

نحن ننصحك بالاهتمام بطلب العلم الشرعي، وعدم التفكير في مثل هذه الأمور، واعلم أن الدين يُسر، ولن يُشادَّ الدِّينَ أحدٌ إلَّا غلبه، فاحرصْ دائمًا على أن تكون ممَّن يتعلَّم العلم ويتواصل مع العلماء، ولا تفكّر بالطريقة المذكورة، وإن كانت الوساوس في الطهارة أو في الصلاة فعلاجُها إهمالُها، واعلم أن هذه الوساوس تأتي للإنسان الذي يريد أن يأتي بكل شيءٍ مائة بالمائة، ولو أخذنا مثلاً مسألة الطهارة فإن غسلة واحدة تكفي، وغسلتين تكفي، وثلاث غسلات ممتاز، وما زاد عن ذلك تعدِّي وإساءة وظلم.

فتعوَّذ بالله من شيطانٍ يريد أن يوسوس لك حتى تملَّ وتترك الطاعات، وإذا كانت الوساوس في أمر العقيدة فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم علَّمنا أن نتعوَّذ بالله من الشيطان وأن نقول (آمنتُ بالله)، ثم بعد ذلك ينتهي، بمعنى أنك تنصرف لدراسة، لعلمٍ، لكلامٍ مع والديك، وأيضًا هذه الوساوس في العقيدة النبيُّ صلى الله عليه وسلم لمَّا قال له الصحابي: (لزوال السماوات أحب من أن أتكلّم به) قال: (أوجدتموه؟ ذاك صريح الإيمان) وقال: (الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة).

أمَّا المسألة الثالثة وهي أنك تتذكّر مواقف قديمة فإن القديم {عفى الله عمَّا سلف}، و(التوبة تجُبُّ ما قبلها)، و(التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، والإنسان إذا تصرَّف تصرفاتٍ عن جهلٍ ودون علمٍ فإن الله تبارك وتعالى لا يُحاسبه عليها: {ثم إن ربَّك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم}، {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم}، فكن حريصًا على دعوة أهلك للصلاة وللطاعات، ودعهم يستأنفوا فعل الخيرات، أمَّا الرجوع للوراء ومطالبتهم بالتوبة لأشياء قديمة هذا ليستَ مُكلَّفًا به.

كما أرجو ألَّا تكون مصدر إزعاج لأهلك، واحرص دائمًا على أن تقودهم لطلب العلم الشرعي. نحن نريد للشباب الرائعين المتميزين الذين يلتزموا أن يكون مصدر خير وهداية، وأن يجد الأهل منهم اللطف والشفقة والخدمة والإحسان، حتى يعرفوا أن هذا الدِّين وهذا الالتزام أمرُه جميل، كما هي حقيقة هذا الدِّين الذي شرَّفنا الله تبارك وتعالى به.

نكرر لك الشكر، ونكرر الترحيب بك في الموقع، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والثبات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً