الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما نصيحتكم لي لأتخلص من العصبية وأكون بارة؟

السؤال

‏السلام عليكم ورحمة الله

‏أنا طالبة في الثانوية العامة عندي 19 سنة، أنا عصبية جداً، بشكل غير طبيعي، أقل كلمة تعصبني.

طريقة كلامي التي يسمعها يقول: إني متعصبة، حتى وإن لم أكن متعصبة لكن الجميع يتفهم أن هذا أسلوب كلامي الطبيعي إلا والدتي كل ما أتكلم معها، تظن أني متعصبة، حتى في الوقت غير المتعصبة فيه، فكلما تكلمت معها طبيعياً، في الوقت الذي أنا طبيعية فيه تقول لي: اهدئي، اسكتي تماماً، لا تتكلمي، وهذا يحولني من أن أكون طبيعية إلى شخص متعصب جداً.

أنا وأختي الكبيرة دائماً في مشاكل، لأنها تستفزني وأنا أتعصب وأتعب، فنتخاصم بالأشهر بل بالسنوات، وأمي تميزها عني، فأصبحت أكره أختي بشكل غير طبيعي.

غير ذلك أمي لا تبتسم في وجهي أبداً، علماً أني والله أكثر أخواتي براً بها.

أصبحت أكره الناس جميعاً، ودائماً أحب أن أختلي بنفسي بعيداً عنهم، وعندما أحب الحديث مع أحد أتحدث مع صديقات الإنترنت أشعر بأن أعصابي تدهورت تماماً، وكأني إنسانة غير طبيعية!

أحياناً أيضاً أختلق شخصيات غير موجودة لأتحدث معهم بعيداً عن الناس! ولا أحب أبداً أن أتعامل مع أحد بسبب ما أجده من استهزاء من أهلي عندما أنبههم عن شيء حرام يسخرون مني جداً، يسخرون من الزي الشرعي، وهذا يعصبني جداً، فقررت أن أعتزلهم حتى لا يستهزؤوا بدين الله وأحكامه، فأصبحت عندما يسألوني عن شيء جائز أم محرم، أقول لا أعلم! حتى وإن كنت أعلم لأنهم يسألون من باب السخرية.

هل هذا التصرف صحيح؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميرفت حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابنتنا الفاضلة، ونسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، ونسأله تبارك وتعالى أن يُعينك على بر الوالدة، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.

أرجو أن تتعوذي بالله تبارك وتعالى من العصبية ومن نتائجها، واسألي الله دائمًا توفيقه والسداد، واحرصي دائمًا على فعل ما يُرضي الوالدة، واستمري في البرِّ لها ولا تُقصّري حتى لو ظهر التقصير من جانب الوالدة، لأن البر عبادة لربِّ البرية، واحرصي كذلك على حسن التعامل مع مَن حولك، لأن هذا أيضًا ممَّا يُسعد الوالدة، فإن الوالد والوالدة يُزعجهم جدًّا أن يكون الخصام بين الأشقاء والشقيقات، لذلك أرجو مراعاة هذه المسألة.

قد سعدنا أنك حريصة على أن تنصحي بالنصائح الشرعية، وتتوجّهي عندما تحصل مخالفات، أرجو ألَّا تتوقفي عن هذا العمل العظيم، حتى لو سخروا، حتى لو قصّروا في حقك لا تتوقفي، ولكن من المهم أن تكون دعوتُنا إلى الله تبارك وتعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن ننتقي الكلمات، وأن نختار العبارات، والتوقيت الذي نوجّه فيه النصيحة، وعندما تكون النصيحة لأحد الوالدين ينبغي أن تُغلَّف بمزيد من اللطف والأدب، كما فعل الخليل مع والده: {يا أبتِ ... يا أبتِ ... يا أبت ... يا أبت ...} بهذا اللطف.

مهما حصل من السخرية والاستهزاء فما ينبغي أن تتوقفي عن فعل الخير أو قول الخير، واحتسبي أجرك وثوابك عند الله، فلست أوَّل مَن يسخر منه الناس، بل إن الأنبياء – عليهم صلوات الله وسلامه – سخر منهم أقوامهم، ولكنَّ المؤمن يحتسب ويصبر، وهذا هو مهر الجنّة، فالجنَّة حُفَّت بالصعاب وحُفَّت بالمكاره. نسأل الله أن يُعينك على الخير.

لا نوافق على اعتزال الناس جميعًا، بل ندعوك إلى أن تُخالطي وتصبري، فالمؤمنة التي تُخالط وتصبر خيرٌ من التي لا تُخالط ولا تصبر، مع ضرورة أيضًا تفادي الأمور التي فيها احتكاك أو خصام، قدِّمي قليلاً من التنازلات، وإذا كانت طريقتك في الكلام هي التي جبلَك الله عليها فأنت معذورة، لكن أيضًا الإنسان يجتهد في تغيير ما يستطيع ما يمكن تغييره، وسيأتي اليوم الذي يعرف فيه الناس جميعًا أن هذه طبيعتك، وعندها سيتعاملون معك بمنتهى الهدوء.

نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد، واستمري في التواصل مع الموقع حتى تصلك النصائح المناسبة، وهذه أيضًا تحية لك، ونسأل الله لنا ولك الهداية، وأن يهدينا جميعًا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو سبحانه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً