الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فكرة فقدان والدتي تشعرني بالخوف وعدم الارتياح

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من الوسواس من فقدان والدتي، وهذا الشعور بدأ قبل فقدان والدي -رحمة الله- بشهرين، كانت تأتيني أفكار سلبية ومخاوف حول موته.

بالفعل بعد شهرين أو أقل توفي -رحمه الله- وبعدها بدأت أخاف من فقدان أمي، وتراودني أفكار حول الانتحار وما شابه عند موتها، -الحمد لله- أصلي واقرأ القرآن واستغفر الله في كل حين، أبكي وأدعو الله دائما أن يطيل في عمرها، نعم تراودني فكرة الانتحار لكن لا أستطيع فعلها، لا أستطيع عصيان الله في ذلك، ولا أعرف ماذا أفعل؟

هل علي مراجعة طبيب نفسي أم ماذا؟ لأنني حقا لم أعد أحتمل هذا الوضع، وهذا الوسواس سيقتلني.

وجزاكم الله خيرا على مساعدتكم لي وللناس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى أن يتقبّل صيامكم وطاعاتكم، وكل عامٍ وأنتم بخير، نحن الآن في أيامٍ طيبة، في أيام الدعاء والاجتهاد في العبادة، فنسأل الله تعالى أن يعتق رقابنا جميعًا من النار، فحقيقة ندعوك وأنفسنا بأن نجتهد في هذه الأيام.

المشاعر التي لديك فعلاً هي مشاعر غير منطقية، وهي نوع من الوسواس التوقعي، وبما أنه لديك تجربة سابقة وأتتك نفس الأفكار ثم توفي الوالد – عليه رحمة الله تعالى – فأنا أقول لك أولاً: يجب أن تتجنبي التشاؤم والتطيُّر في هذا الموضوع وفي غيره، الأعمار بيد الله، أمر الموت أمرٌ محسوم، الموت هو الوعد الحق، {إنك ميتٌ وإنهم ميتون}، {إن أجل الله إذا جاء لا يُؤخر}، {كل نفسٍ ذائقة الموت}، هذه ثوابت يجب أن نُذكّر بها أنفسنا دائمًا خاصة حين تأتي مثل هذه الأفكار غير المقبولة. هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: لا أحد من البشر يتنبأ بموعد موت أحد أو بقربه، وكل الذي يُقال في هذا السياق ليس صحيحًا، وبكل أسف هنالك الكثير من الأفكار التي أتت من المشعوذين ومن المتطيرين ومن المتشائمين، والذين أوهموا الناس بما ليس لهم به علم ولا لآبائهم، وافتروا على الله الكذب ليشتروا به ثمنًا قليلاً.

إذًا أرجو – أيتها الفاضلة الكريمة – أن تغييري مفاهيمك، أرجو أن تحقّري هذا الوسواس، وأرجو أن تُكثري من الدعاء لك ولوالدتك، وأن تسألي الله تعالى أن يحفظها، وأن يطيل عمرها في عمل الصالحات، وأن يختم لنا ولكم جميعًا بخاتمة السعادة. هذا هو الأساس الذي يجب أن يُتبع لمقاومة مثل هذه الحالات.

وأنا حقيقة تعجبتُ كثيرًا لكلامك حول الانتحار، وأنك سوف تنتحرين إذا تُوفيت والدتك، أو شيء من هذا القبيل: طبعًا هذا فكر سخيف، فكر يجب أن يتم القضاء عليه تمامًا، هذا فكر لا يُناسبك أبدًا، وأنت الحمد لله مستوعبة ومدركة تمامًا أن الانتحار حقيقة أمرٌ بغيض وسيئ بكل المقاييس، وهو معصية كبرى لله تعالى، ومآل قبيح ولا شك في ذلك.

أنا على ثقة تامة أنك لن تقدمي على مثل هذا الفعل الشنيع، وعليك أن تطردي مثل هذه الأفكار، وعليك أن تُكثري من الاستغفار، وقولي أيضًا: (آمنت بالله، آمنت بالله، آمنت بالله)، مهمّة جدًّا لطرد مثل هذه الأفكار الوسواسية التشاؤمية.

أيضًا أريد أن تكون حياتك مفعمة بالأنشطة الإيجابية، لا تركني للتكاسل، أديري وقتك بصورة جيدة، مارسي الرياضة، أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة تفيدك كثيرًا، تواصلي اجتماعيًّا، انضمّي لأحد حِلق تدريس القرآن، فيها خير كثير جدًّا لك، كوني مشاركة في أعمال المنزل، بارَّةً بوالديك. بمعنى آخر: استمتعي بالحياة، وكوني إيجابية فيها، وكوني نافعة لنفسك ولغيرك. أنت - ما شاء الله - في بدايات سِنِّ الشباب، والله تعالى حباك بطاقاتٍ عظيمة، يجب أن تستفيدي من هذه الطاقات.

طبعًا مراجعة الطبيب النفسي ستكون أيضًا مفيدة، وأنا أعتقد أنه يمكن أن تتناولي أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، دواء مثل الـ (سيبرالكس) أو الـ (زولفت) أو الـ (بروزاك) أو الـ (فافرين)، بجرعة صغيرة ولمدة قصيرة سيكون أيضًا أمرًا مفيدًا لك، لكن سوف أترك هذا الأمر للطبيب الذي سوف تقابلينه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر عبد الرحمان

    مشكورين

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً