الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أنا مصابة بالهلع أم الاكتئاب؟

السؤال

السلام عليكم.

كنت قد أرسلت سابقا رسالة عن معاناتي مع اضطراب الهلع، ولدي مجموعة من الأسئلة لو تكرمتم.

أولا: أصبت بنوبات هلع ثم أعراض مستمرة للتوتر والقلق بشكل شبه دائم بالنهار، فما هوسبب ديمومة الأعراض؟ ولماذا لا تأتي على شكل نوبات كما هو معروف عن الهلع؟

ثانيا: هل من الممكن أن أضطر للاستمرار على الدواء مدى الحياة؟ وفي هذه الحال هل هناك ضرر من الدواء؟

ثالثا: بسبب قوة الأعراض في حالتي أصبحت عندما تنتهي الأعراض وبسبب شدتها وطول مدتها أبحث عنها كأنها صارت جزءا من حياتي، وأصبح عندي بسببها شعور( بعدم الاكتراث )، لكن هو مجرد شعور لا يمنعني فعلا لا من زيارة أو من واجب اجتماعي، إنما يأتي ببالي لبرهة، وأقول ما (معنى أن أعمل كذا وكذا) هل هذا اكتئاب؟

وللأسف بعد هذه التجربة، حتى مع تحسن الأعراض أشعر أني لست كما كنت سابقا.

والسؤال الأخير: هل يخف الهلع مع التقدم بالعمر؟

وجزاك الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور الهدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

الهلع كثيرًا ما يكون منشأه أو قاعدته القلق والخوف وشيء من الوسوسة، ويُعرف أن القلق حين يكون قلقًا عامًّا يظلُّ مع الإنسان، أو يكون جزءًا من شخصيته، لذا تجد بعض الناس لا يمكن أن يصلوا إلى ما نسمّيه الخط القاعدي، أي أن يرجعوا إلى وضعهم الذي كانوا عليه.

هذا الكلام يجب ألَّا يكون مزعجًا لكِ أبدًا. الهلع والقلق يمكن أن يُعالج بصورة فاعلة جدًّا. أنا فقط وددتُّ أن أشرح لك وأوضّح لك لماذا تستمرُّ هذه الأعراض، الأعراض مستمرة لأن شخصيتك تحمل السمات القلقية، السمات التوتُّريَّة، وهذه إذًا هي الطبقة النفسية الأولى. الطبقة النفسية الثانية هي نوبات الهلع والهرع، وهذا الوضع نجده في حوالي أربعين بالمائة من الناس.

العلاج يجب أن يكون بمكوّناته الأربعة مكتملة، (العلاج الدوائي، العلاج النفسي، العلاج الاجتماعي، والعلاج الإسلامي)، هذه يجب أن تمشي مع بعضها البعض، وألَّا يعتمد الإنسان على الدواء فقط، بالرغم من أن الأدوية سليمة وفاعلة.

نحن نقول إن الإنسان إذا استمر على الدواء لمدة ثلاث سنوات ولم تنتابه أي نوبات هلع حقيقية خلال هذه الفترة يمكن بعد ذلك أن يتوقف من الدواء تدريجيًّا، هذا في حالة النوبات المتكررة.

فإذًا لا نستطيع أن نقول إن الإنسان يحتاج للدواء مدى حياته، لكن بعد انقضاء الثلاث السنوات إذا أتتْ نوبات الإنسان قد يحتاج للدواء لفترة أطول.

المهم هو أن يكون هناك علاج تأهيلي، وعلاج اجتماعي، وعلاج نفسي، وأنا أرجوك أن تُقلِّلي من ملاحظاتك على ذاتك، كثير من الناس الذين لديهم قلق تجدهم يترصّدون لديهم ما يمكن أن نسمّيه المجهر الداخلي لرصد أي عرض حتى وإن كان عرضًا فسيولوجيًّا طبيعيًّا، فقلِّلي من مراقبتك على ذاتك، وهذا أمرٌ مهم جدًّا.

لا أرى أن لديك اكتئابا، في بعض الأحيان الإنسان قد يُصاب بشيء من عُسر المزاج، وهذا غالبًا يكون وقتيًّا وعرضيًّا، لكن أنا لا أرى أبدًا أن لديك اكتئابا نفسيا حقيقيا.

الأسئلة التي تزعجك في بعض الأحيان ومن خلال المثال الذي ورد (ما معنى أن أعمل كذا وكذا)، طبعًا هذه التساؤلات تساؤلات وسواسية، وتطرأ على الإنسان.

بالنسبة لسؤالك: هل يخف الهلع مع تقدُّم العمر؟ الإجابة هي: نعم، إذا كان الإنسان قد وضع بالفعل قاعدة علاجية صحيحة، وأعتقد أنك في هذا الطريق إن شاء الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً