الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أصبح حكيما وأمتلك القناعة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف السبيل لكي أكون حكيما - إن شاء الله -، وأكون قنوعا بما آتاني الله، وأن أصبر صبرا جميلا على الأقدار كلها.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مؤمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابننا الفاضل - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على التواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

كيف السبيل لأن أكون حكيمًا؟
سؤال رائع، ورأس الحكمة مخافة الله تبارك وتعالى، {ومَن يُؤتى الحكمة فقد أُوتيَ خيرًا كثيرًا}، والحكمة هي وضع الشيء في موضعه، والإنسان يكتسب الحكمة بدراسة العلم الشرعي، وبدراسة سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبمجالسة الحكماء، وتتبّع سيرهم عبر تاريخنا وعلى رأسهم الأنبياء – عليهم صلاة الله وسلامه – وكذلك أيضًا الإنسان يكتسب القناعة عندما يعرف حقيقة هذه الدنيا، وعندما يعرف أن هذه الدنيا سيخرج منها الإنسان كما دخلها، نحن الذين جئنا للدنيا وليس على أجسادنا قطعة قماش، ونخرج منها إلَّا من قطعة قماش قد يتصدّق بها فقير، هي القناعة فالزمها تعش بها ملِكًا، لو لم يكن لك منها إلَّا راحة البدن، انظر لمَن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن؟

ونحب أن نبشّرُك أن هذه الخصال يستطيع الإنسان أن يكتسبها، صحيح منها جزءٌ كسبي وجزء وهبي، وهبه الوهَّاب سبحانه وتعالى، وجَبَلَ بعض الناس على بعض الخصال الجميلة، لكن من لُطف الله وكرمه أن العلم بالتعلُّم وأن الحلم بالحلُّم، ومَن يتصبَّر يُصبِّرْه الله، وفي هذا دليل على أن هذه الصفات الجميلة والأخلاق النبيلة يستطيع الإنسان أن يكتسبها بالدُّرْبة، بالممارسة، بالمحاكاة، بالتقليد، بالدراسة، قبل ذلك وبعده بالاستعانة بالله تبارك وتعالى.

فالإنسان إذًا يستطيع أن يُغيّر أخلاقه المزعجة السالبة لتكون أخلاقًا إيجابية، وهذه معادلة تكلّم بها فطالح الإسلام من أمثال الغزالي، وكان يردّ على مَن يقولوا: كيف نتغيّر وقد خلقنا الله كذا وخلق فينا كذا؟ قال لهم: الأخلاق تتغيّر، ليس في الإنسان وحده، بل حتى في الحيوان، فالسائس الذي يسوس الدّابة يحوّل الدابة التي عندها شراسة إلى دابّة سهلة يستطيع أن يقودها الطفل الصغير.

فلذلك التغيير يحدث، وهذه من نعم الله تبارك وتعالى علينا، ثم قال: لو كنا لا يحدث تغيير إذًا لبطلت الرسل والرسالات والحِكَمُ والتعليم والتدريس، كل هذه الأشياء، والنبي صلى الله عليه وسلم بُعث مُتمِّمًا لصالح الأخلاق ولمكارم الأخلاق، عليه صلاة الله وسلامه.

والأساس في هذا التغيير هو العودة إلى منهج الله خالق الإنسان، {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}، ثم بالتأسّي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الذي احتشدت فيه الأخلاق الجميلة الكاملة، حتى مدحه العظيمُ فقال: {وإنَّك لعلى خُلقٍ عظيم}.

فالإنسان عندما يعيش هذه المعاني الإيمانية يُدركُ قيمة الدُّنيا، ويُدرك أن ما أخطأه لم يكن ليُصيبه، وأن ما أصابه لم يكن ليُخطئه، ويُدركُ أن سعادتنا في مواطن الأقدار، فيما يُقدّره الله تبارك وتعالى، بل يُوقن كما قال عمر: (لو كُشف الحجاب ما تمنّى أصحاب البلاء إلَّا ما قُدّر لهم)، فنسأل الله أن يجعلنا ممَّن رزقهم الله الحكمة، {ومن يُؤتى الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا}، ونسأله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياك ممَّن إذا أُعطي شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر.

ونكرر لك الشكر على التواصل مع الموقع، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً