الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من توهان في الحياة وتشتت، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم.

الموقع الأقرب إلى قلبي أشكر لكم الاهتمام والحرص على إعانة الناس ونشر الخير, ممتنة كثيراً لوجودكم بالحياة.

سؤالي متعلق باستشارتي السابقة: رقم: (2474525).

للأسف لم تكن الإجابة شافية لي، ولا أعلم هل هذه الأفكار وساوس أم ماذا؟! ولا أعلم الهدف من الاستمتاع بالحياة والرياضة وغيرها من الأعمال، وكيف أتغلب على عدم استشعاري الذكر بقلبي ومجاهدتي كثيراً في ذلك؟ وكيف أتعامل مع عقلي في كل هذه المواقف؟ حيث كثيراً ما أكون في حيرة من أمري، وأتشتت.

هل ما أنا فيه عدم رضا عن حياتي أم أني مجرد شخص كثير التفكير؟ وهل فعلاً عدم زواجي هو بسبب أختي الصغيرة لأرعاها بعد عمر طويل؟

شخصني الطبيب منذ عدة سنوات أني شخصية تعاني من القلق على بدايات الاكتئاب، وكتب لي حبتين لوسترال 50 يومياً، ومنذ فترة خفضت الجرعة إلى حبة واحدة بدون الرجوع للطبيب، وحاولت كثيراً أن أتوقف عن الدواء ولكن فشلت.

أرجو التوضيح حتى أتمكن من التعامل مع نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ S N حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا وأختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يجلب لك الخير، وأن يُصلح لنا ولك البال، وأن يجلب الطمأنينة والسكينة، وأن يُعيننا على تجاوز مثل هذه الأحوال، وأن يهدينا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

نحب أن نؤكد لك أولاً: ضرورة عدم التصرف في مسألة الدواء دون الرجوع إلى الطبيب المختص، فلا ينبغي زيادة الكمية أو نقصانها أو التوقف دون الرجوع إلى الطبيب، خاصة مثل هذه الأدوية التي تُصرَف في بعض الهبوط النفسي، سواء كان الاكتئاب أو القلق الذي يعتري الإنسان.

قد أسعدنا أنك ذاكرةً لله، وتبحثين عن حلاوة الذكر لله تبارك وتعالى، ونحب أن نؤكد أننا نشرفُ بخدمة بناتنا وأبنائنا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بنا جميعًا، وأن يُعيننا جميعًا على الخير، ونؤكد لك على ما يلي:

أولاً: كثرة اللجوء إلى الله تبارك وتعالى والمواظبة على ذكره وشُكره وحُسن عبادته.
ثانيًا: اليقين بأن أي مسيرة تصحيح تبدأ بإصلاح ما بينك وبين الله تبارك وتعالى.

ثالثًا: أرجو ألَّا تنزعجي من عدم الشعور المبكّر بحلاوة الأذكار وحلاوة الصلاة ولذَّة العبادة، فإن ذلك قرينٌ بالاستمرار فيها، فإن الله تبارك وتعالى يذكر من صفات المصلين أنهم عليها دائمون واستثناهم عن غيرهم بأن قال: {إلَّا المصلين * الذين هم على صلاتهم دائمون} وختم صفاتهم بقوله: {والذين هم على صلاتهم يُحافظون}، فالاسمرار على هذه الطاعات هو الذي يجلب للإنسان حلاوتها وثمرتها، حتى قال قائل السلف: (كابدتُ الخشوع عشرين سنة، ثم تلذَّذتُ بالصلاة عشرين سنة) يعني أنه وصل لهذه المرحلة بعد جُهدٍ طويل وبعد جهادٍ ولجوء إلى الله تبارك وتعالى.

لكن البشارة للذّاكر لله، الذي يبحث عن الحلاوة، للمصلّي الذي يبحث عن الخشوع، ويجتهد في تحصيله، أنهم يأخذون الأجر على المحاولات وعلى ما يتحقق لهم من الخشوع، فلذلك أرجو أن تحرصي على الذكر، أن تحرصي على الدعاء، كما قال عمر: (أنا لا أحمل همَّ الإجابة – لأن الله تكفّل بها – لكني أحمل همَّ السؤال).

أمَّا بالنسبة للمناقشة التي تدور والوساوس التي تدور، فعلاجُها:
أولاً: بأن تتجنبي الوحدة لأن الشيطان مع الواحد.
ثانيًا: بأن تشغلي نفسك بأفكار إيجابية وأعمال ومهارات قبل أن يشغلك الشيطان بغيرها.

ثالثًا: أرجو ألَّا تقفي أمام المواقف السالبة طويلاً، حتى لا تُشوش عليك.

رابعًا: كما قال ابن القيم: دافع الهم قبل أن يتحوّل إلى فكرة، ودافع الفكرة قبل أن تتحول إلى إرادة، ودافع الإرادة قبل أن تتحول إلى عمل، فإن علاج الهموم والوساوس بإهمالها، وكذلك الحرص على علاجها في البدايات ممَّا يُسهّلُ أمرها.

أحب أن أؤكد لك أن مسألة خدمة أختك الصغيرة ورعايتها والقيام بها يمكن أن يتحقق، سواء كان بزواجك أو بغير الزواج، المهم أن تجعلي هذا همًّا لك، وممَّا تُؤجرين عليه عند الله تبارك وتعالى.

لذلك أرجو ألَّا تربطي الأمور بهذه الطريقة، وإذا كان تزوجتِ ويسّر الله لك أمر الزواج فأختُك هذه ستكون أسعد الناس، لأن الرعاية ستمتدّ، ولأن الله قد يرزقك بأبناء وبنات يكونوا في رعاية خالتهم والاهتمام بها والوقوف معها.

الإنسان ينبغي أن ينوي الخير ويعمل الخير ويُفكّر في الخير، والإنسان أحيانًا يُعطى على نيته الطيبة، فأنت تُشكري على الاهتمام بأمر أختك ورعايتها، ولن يُضيّعك الله تبارك وتعالى، فإن مَن يفعل المعروف لا يقع، وإن وقع وجد مُتكئًا، فكيف إذا كان المعروف في الشقيقة، ونحيّي هذه الروح الرائعة، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً