الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس الخوف من الموت في ازدياد، كيف اتخلص منه ؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أدرس بالجامعة عمري عشرون سنة، أمر بحالة من الخوف والفزع من الموت، منذ وفاة فتاة وهي في طريق عودتها من الجامعة إلى المنزل، منذ ان سمعت خبر وفاتها وأنا أشعر بالخوف من الموت.

كل شيء يذكرني بالموت، فعندما أضحك وأكون سعيدة أقول: إن أجلي قد اقترب، عندما يجلس معي أحد وأكون سعيدة أقول: إن أجلي قد اقترب.

أخاف من قدوم رمضان ولا أكون موجودة، وأنا كأي فتاة أريد أن أنهي دراستي، وأتزوج وأنجب أطفالا وأربيهم تربية صالحة، مع العلم أنني ملتزمة جداً في صلاتي، وقراءة القرآن والاستغفار، لكنني لا أعلم لماذا هذا الشعور يلاحقني.

أشعر بالتعب من شدة التفكير في هذا الشيء عند صلاتي وعند نومي، وعندما أجلس مع أهلي أقول هذه آخر مرة، وعند نومي أخاف أن أحلم أحلاما تدل على هذا، وازدادت حالتي سوءاً منذ أن رأيت في حلمي رجلا يقوم بتجربة مسكار الرموش لتجربها فتاة في الحلم، وبحثت عن التفسير وكان دليلا على الوفاة، مع العلم لست أنا من وضعت المسكارا.

مخاوفي تزداد، أعلم أن الأعمار بيد الله، لكن لا أعلم لم أصبحت هكذا، وهذه الأفكار تلاحقني دائماً عندما أرى أنه اقترب رمضان، شيء يقول لي إنني لن أكون موجودة، ولن أصوم والعيد نفس الشيء.

عند الصلاة، عند النوم، في كل وقت أصبحت أفكر هكذا منذ شهرين، عندما أعود من الجامعة وأقطع الشارع أقول: ستأتي سيارة وتضربني، عندما أخرج من البيت أقول: من المحتمل لن أعود، عندما أضحك مع صديقاتي أقول: هذه آخر مرة، ولا أستطيع قول هذا لأحد.

أرجو منكم مساعدتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في استشارات إسلام ويب.

حالتك بسيطة إن شاء الله، الذي حدث لك هو نوع من قلق المخاوف، وقلق المخاوف في بعض الأحيان يرتبط بأحداث حياتية مُعينة، فوفاة تلك الفتاة -عليها رحمة الله- كان هو الرابط او المُحرّك الذي أثار لديك قلق المخاوف، وأنا أطمئنك: -إن شاء الله تعالى- هذه حالة عارضة، وقطعًا حرصك على الصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والاستغفار ستكون من المعينات العظيمة لك جدًّا، وهذه الحالات تُصيب المسلم وغير المسلم، تُصيب البر والفاجر، لكن قطعًا المسلم يستطيع أن يُقاومها بصورة أفضل، ولذا أنا أدعوك أن تتجاهلي هذا الموضوع تمامًا، ولا تتأثري بتفسير هذه الأحلام، وأنا أطلبُ منك أن تتجنّبي هذا تمامًا، ولا تحكي عنها أبدًا، ودائمًا سَلِ الله تعالى خيرها وتعوذي بالله من شَرِّها، واتفلي على شقك الأيسر ثلاثًا، وهذا يكفي تمامًا.

أنا أعتقد أنك محتاجة لعلاج دوائي بسيط، مضاد للمخاوف، كثير من الناس قد يتوجسون نحو الأدوية، لكن الإرشاد النفسي والتغيير السلوكي الدعاء يُساعد في ذلك كثيرًا، خاصة إذا كان الدواء دواءً سليمًا، فأنا أقترح عليك تناول يُسمَّى (اسيتالوبرام) وهذا هو اسمه العلمي، ويُسمَّى تجاريًا (سيبرالكس)، وهو أصلاً مضاد للاكتئاب، وأنت ليس لديك اكتئاب، لكن هذا الدواء أيضًا مضاد للقلق وللمخاوف وللوسوسة، وأنت تحتاجين له بجرعة صغيرة.

هناك عبوة تحتوي على عشرة مليجرام، يمكنك الحصول عليها، تبدئي في تناوله نصف حبة -أي خمسة مليجرام- يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول هذا الدواء.

وإن أردت الذهاب إلى طبيب نفسي فهذا أيضًا يُعتبر أمرًا جيدًا.

هذه الوساوس والقلق والتوترات لا تكتميها، التفريغ النفسي مهم، تحدّثي إلى أي شخص تثقين فيه، تحدثي إلى والدتك مثلاً -إلى أختك، صديقة تثقين بها-؛ لأن التفريغ النفسي في حدّ ذاته يُعتبر نوعًا من العلاج.

وأريدك أن تشغلي نفسك بما هو مفيد، اجتهدي في دراستك، نظّمي وقتك، شاركي في أعمال المنزل، يكون لديك حضورًا حقيقيًا في داخل الأسرة، هذه كلها مُعينات للتخلص من هذه الحالة، وأنا أؤكد لك أنها حالة وقتية، -وإن شاء الله تعالى- سوف تزول عنك تمامًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً