الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف من الموت.. كيف أتخلص منه؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من وسواس الموت لمدة تقارب السنة، وقد تعبت منه، مع أنني حاولت تجاهله، لكن من دون جدوى ومن دون أي نتيجة تذكر، مع العلم أنني محافظ على الصلوات الخمس، وأقرأ القرآن كل اليوم -الحمد لله-، لكنني تعبت من هذا الوسواس، وهو يأتيني فقط في الليل حيث في بعض اليالي لا أنام حتى الساعة 6 أو 7 صباحا، أرجو أن تعطوني حلا يفيدني.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونسأل الله سبحانه وتعالى لك الصحة والعافية، وأن يطيل في عمرك في طاعته.

مسألة الخوف من الموت مسألة يحس بها الكثير من الناس في هذا الزمان، وهو شيء طبيعي، خاصة بالنسبة للمسلم، لابد أن يخاف من الموت حتى يعمل الصالحات، ويتجنّب فعل المنكرات، لأنك كما تعلم أن بعد الموت لا عمل، وإنما حساب وجزاء، كما ذُكر في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي في معناه: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلَّا من ثلاث: صدقة جارية، أو علمٌ ينتفع به، أو ابن صالح يدعو له)، والخوف من الابتلاءات كما قال الله تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف}.

والمسلم يخاف من الموت لأنه يخشى أن يكون مُقصّرًا في عمله، وأن يكون من أهل النار والعياذ بالله، ولكن - ابننا الفاضل - في نفس الوقت لابد أن يُفكّر الإنسان ويرجو رحمة الله تعالى ولطفه، فهو أرحم الراحمين، رحمنا ورزقنا في هذه الدنيا، وهو القادرُ على رحمتنا ورزقنا في حياتنا بعد الموت.

والمعادلة الصحيحة هي أن يكون قلب المؤمن بين الخوف والرجاء دائمًا، لا تقنط من رحمة الله، فهذا هو الشيء الطبيعي، ولكن إذا صارت فكرة الموت كفكرة مرضية أو وسواسية تُؤثّر على حياة الشخص، بحيث لا يستطيع التغلُّب عليها، وتُصبح ملازمة له، وتُعطّل نشاطاته اليومية؛ فهنا فعلاً الأمر يحتاج إلى علاج.

ولا بد أن يسأل الشخص نفسه:
* هل خوفي من الموت بسبب خوفي من حياتي بعد الموت؟ أي: العذاب وما يتبع ذلك من إرهاصات؛ عذاب القبر ويوم القيامة وما إلى ذلك من التصورات التي تكون في حياتنا بعد الموت؟

* أم أن خوفي من الموت لأني لا أريد مفارقة الحياة وما فيها من الملذات والأقارب والأصحاب والأهل؟

* أم أن فكرة الموت نفسها فكرة مرعبة وبالتالي تُؤثر في مشاعرنا الداخلية، وتُحدث الخوف المرضي؟

فهذه الأسئلة مهمّة، لأن الإجابة عليها هي التي تُساعد في التعامل مع الفكرة، والعلاج يكمن في تغيير قناعات الشخص عن الموت، ولابد أن يعتبره مرحلة من مراحل حياة الإنسان، منذ أن كان في عالم الأرواح، ثم نزل في رحم الأم، ثم قضى تقريبًا تسعة أشهر، ثم خرج إلى هذه الحياة الدنيا، وسينتقل عبر الموت إلى عالم البرزخ، وبعد ذلك يبعثه الله سبحانه وتعالى يوم الحساب، ثم بعد ذلك إمَّا نار وإمَّا جنّة، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أهل الجنّة.

وحقيقةً الخوف من الموت لا يُقدّم ولا يُؤخّر الأجل المحتوم، ومن نعم الله سبحانه وتعالى علينا أنه أخفى عنَّا آجالنا، حتى نعمّر الأرض، فتصوّر - ابننا الفاضل - إذا كلّ إنسانٍ علِمَ بيوم موته هل يستطيع العيش بصورة طبيعية؟ هل يدرس؟ هل يتعلّم؟ هل يتزوج؟ هل يعمل؟ بالتأكيد لا، فيظلُّ حبيس أن الموت سيأتيه في يوم كذا، ولذلك لا فائدة من كل النشاطات التي يقوم بها أو يُعمّر بها هذه الدنيا.

فحاول أن تشغل نفسك قبل النوم بممارسة تمارين الاسترخاء العضلي، التي تُساعدك في خفض التوتر والقلق، وستجد الكيفية إذا بحثت عنها في استشارات الشبكة الإسلامية في استشارات ماضية، وحاول أن تُبدّل الفكرة بالتفكير في آمالك وطموحاتك الدنيوية، ماذا تريد أن تدرس؟ ماذا تريد أن تعمل؟ ما هي أهدافك المستقبلية؟ وما هي الوسائل لتحقيقها؟ وكيف تعمل الأعمال الخيّرة، وكيف تفعل الطاعات؟ والحمد لله أنك ذكرت أنك من المواظبين على الصلوات الخمس وعلى قراءة القرآن، وهذا شيء عظيم، وتذكّر دائمًا رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده في الحياة وبعد الممات، وتذكّر نعيم الجنّة، ونحن في هذه الدنيا ممتحنين، وهناك سباق، فكيف ينجح المسلم في هذا السباق ويُحقق الفوز الحقيقي؟

أيضًا لا تحاور الفكرة وتُجادلها، فهذا قد يبعث القلق والتوتر اللذان من شأنهما أن يُؤدّيان إلى عدم النوم. وكذلك إذا وجدتَّ فرصة أن تنام قبل الذين ينامون معك - في مكان في البيت أو في غرفة - فافعل، حتى لا تكون آخر مَن ينام في البيت أو في الغرفة فتهاجمك الأفكار الوسواسية.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك ويُسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً