الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلتي مع أختي كيف أحلها فهي تتشاجر معي دائما؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أعيش بمفردي مع أختي منذ فترة، وللأسف نتشاجر كثيرا، والمشكلة أن أختي جادة في شجارها، وتلقي بكل اللوم عليّ، فأنا كثيرا ما أخطئ بالكلام فأقول كلاما جارحا لا يقال، حتى أصبحت تكرهني وتقولها لي جهرا، وترفض كل اعتذاراتي المتكررة، وترفض مسامحتي، وتقول: إن طبعي الشرير معها يختلف عن طبعي مع غيري، فعلام يدل هذا؟ لا أعرف كيف أصلح هذا الطبع فيّ، وكيف أطهر قلبي من سوء الظن والكبر، والقسوة، والنفاق؟ وأنا أظن أنه حتى لو أصلحت من نفسي لن تسامحني، فماذا أفعل إن لم تسامحني؟ أرجو منكم الدعاء لنا من فضلكم.

جزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mar حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا، كما نشكرك على سؤالك اللطيف الذي لمسنا في صياغته حرصك على الاعتراف بالخطأ وعلى التواضع؛ فأنت متواضعة فعلا ولست متكبرة ولا منافقة، نعم قد يكون هناك نوع من القسوة في التعامل مع أختك الكريمة بسبب الألفاظ الجارحة التي تسمعها منك، مما يدفعها للرد عليك بنفس الطريقة، فلكل فعل رد فعل كما تعلمين، فلا تتوقعي من أختك أن تسمع منك كلمات جارحة ثم تسكت ولا ترد عليك!

أما سؤالك: كيف تصلحين هذا الطبع، وكيف تطهرين قلبك، فسنقدم لك بعض النصائح التي قد تعينك في ذلك:

1- عليك أن تصدقي أن الطبع يمكن تغييره، وأنه ليس قدرا مقدورا لا يمكن الفكاك منه، بل يمكن تعديل السلوك السيء إلى سلوك حسن، ولذلك قال النبي ﷺ :(إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه ومن يتق الشر يوقه) أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه والطبراني في الكبير وحسنه الشيخ الألباني، وقبل ذلك يقول الله عز وجل:
﴿يَـٰۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱصۡبِرُوا۟ وَصَابِرُوا۟ وَرَابِطُوا۟ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ﴾ [آل عمران 200]. وقال صلى الله عليه وسلم: (ومن يتصبر يصبره الله وما أُعطي أحدٌ عطاء خيراً وأوسع من الصبر) متفق عليه.

فالله تعالى أمر المؤمنين بالصبر والمصابرة والمرابطة، وهي مستويات ثلاثة للتعامل مع السلوك:
الأول: الصبر، وهو منع النفس عما تحب، أو إرغامها على ما لا تحب، فهذا التعامل يسمى صبرا، وهو أول المستويات في السلوك، مثل الصبر على الاستيقاظ لصلاة الفجر، والصبر على الصوم.. وهكذا بقية الأحكام الشرعية.
الثاني: المصابرة، من المفاعلة بين اثنين، مثل أن تصبر على أذى شخص يسبك أو يتعرض لك بسوء.
الثالث: المرابطة، وهو أبلغ من الصبر ومن المصابرة، فلو قلنا إن المصابرة هي صبر متكرر، فإن المرابطة هي مصابرة متكررة، وذلك مثل القتال في سبيل الله، ومثل الدعوة إلى الله تعالى، خاصة في السفر والذهاب إلى الأماكن البعيدة لدعوة الناس إلى الإسلام، وقد سمى النبي ﷺ انتظار الجلوس في المسجد وانتظار الصلاة مرابطة، فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-أن النبي ﷺ قال: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟، قالوا بلى يا رسول الله، قال إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط" رواه مسلم.

2- تعلمي كيف تديرين انفعالاتك، ونعني بذلك إدارة الغضب، وقد أرشد النبي ﷺ الغضبان إلى إذا كان واقفا أن يجلس، فإذا زال عنه الغضب ولا اضطجع، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا غضبَ أحدُكم وهو قائمٌ فلْيجلسْ، فإن ذهبَ عنه الغضبُ وإلاَّ فلْيَضْطَجِعْ) صححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود، والمقصد من ذلك أن يغير الشخص من سلوكه حتى يكسر حدة الغضب ولا يستمر فيه، ويمكنك الاستفادة من بعض الدورات التي تتحدث عن إدارة الغضب.

3- حاولي أن ترتبي أوقاتك وتنظميها، فهذا سيخفف الضغط النفسي عليك، وبالتالي سيخفف من حدة الغضب الذي يتسبب في سوء العلاقة مع أختك.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً