الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الدعاء إلهام من الله؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قرأت أن الدعاء إلهام من الله، وأن الله إذا أراد أن يعطي العبد شيئاً أجرى على لسانه الدعاء، لكن ماذا إذا دعا أكثر من شخص بنفس الدعوة؟ على سبيل المثال فتاة تدعو بالزواج من شخص معين، وعرفت أن هناك فتاة أخرى تدعو بالزواج من نفس الشخص، كيف يكون هذا؟ هل الله ألهم الفتاتين بالدعاء بنفس الشخص؟ كيف سيعطيهما نفس الشخص؟ واذا لم يكن الأمر كذلك، أليس هذا ينفي هذه الجملة السابقة؟ وإذا لم يكن الدعاء إلهاما من الله، فمن منهما التي سوف يستجيب الله دعاءها في النهاية؟ أو لن يستجيب لهما جميعا؟

آسفة على الإطالة، ولكن آمل أن توضحوا لي هذا الأمر بالتفصيل، والدعاء لي بتحقيق ما أتمنى.

وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

الدعاء -أيتها البنت العزيزة- عبادة من العبادات العظيمة التي يحبها الله تعالى ويرضى عن صاحبها، فإن الله تعالى كريم يحب أن يسأل، وقد أمرنا سبحانه وتعالى بأن ندعوه وقال (ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ )، وبشرنا سبحانه وتعالى بإجابة الدعوات إذا سلم الإنسان من الموانع المانعة من إجابة الدعاء، فقال سبحانه (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، فإذا كان الإنسان مستجيباً لله تعالى أي قائماً بواجباته التي أوجبها الله عليه ومبتعداً عن المحرمات فإن هذا من أعظم الأسباب في إجابة دعائه.

والدعاء -أيتها البنت الكريمة- صاحبه يثاب ويدخر الله تعالى له من الأجور ما لا يعلمه إلا الله، فإن عبادة محبوبة إلى الله تعالى، ولكن ما ينبغي أن يعلمه الإنسان المسلم أن الله سبحانه وتعالى حكيم رحيم يفعل بعبده ما هو الخير له، فالإنسان بطبيعته البشرية قد يحرص على الشيء الذي يحبه، ولكن الله تعالى يعلم أن هذا الشيء ليس فيه خير لهذا الإنسان فيصرفه عنه، ولا يعطيه ما سأل، لعلمه سبحانه وتعالى بأن فيه المضرة والشقاء، والإنسان لقصور علمه يجهل هذه الحقيقة، ولهذا أخبرنا الله تعالى بهذا في كتابه الكريم، فقال: (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، وإذا دعى الإنسان ربه بدعاء وعلم الله تعالى أن الخير أن لا يعطيه ما سأل فإنه سبحانه وتعالى لا يحرمه جائزة هذا الدعاء وثوابه، فإنه إما أن يصرف عنه شراً كان سينزل به وإما أن يدخر له ثواب هذه الدعوات ويعوضه عنها في الآخرة.

هذا عن الدعاء -أيتها البنت الكريمة-، أما ما قرأته أنت من أن الدعاء إلهام من الله فهو كلام صحيح، أن الله سبحانه وتعالى قد يلهم الإنسان هذا الدعاء ولكنه ليس بالضرورة ليعطيه نفس الشيء الذي سأله، ولكن إجابة الدعاء كما سبق قد تكون بأن يعطيه نفس الشيء الذي سأل وطلب إذا كان في ذلك خيراً له، وقد يدفع عنه من المكروه ما لا يعلمه هذا الإنسان، وقد يدخر الله تعالى له ثواب دعائه هذا إلى الآخرة ليكون أنفع له.

وأما ما سألت عنه من كون شخصين يسألان الله تعالى نفس المسألة، فالله تعالى أعلم بمصالح عباده وأرحم بهم من أنفسهم، وسيقدر لكل واحد ممن يدعوه ما هو خير له، وبهذا تكون الصورة قد وضحت لديك، ونصيحتنا لك أن لا تحرصي على شيء بخصوصه، وأن تسألي الله تعالى أن يقدر لك الخير وأن يرزقك إياه، فإذا سألت الله تعالى أن يزوجك بشخص فلا بأس، ولكن لا تعلقي قلبك بضرورة حصول هذا المطلوب، بل فوّضي الأمور لله سبحانه وتعالى، وارضي بما قدره الله فإن ما يقدره لك هو الخير.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً