الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خجل شديد ورهاب اجتماعي وضعف جنسي

السؤال

أنا شاب مغربي عمري 25سنة، طالب جامعي.
أعاني من خجل شديد ورهاب اجتماعي، حيث سرعان ما أحمر، وأتصبب عرقاً، ويتعثر لساني، وأرتبك كثيراً، وأبلع ريقي عدة مرات في الدقيقة الواحدة، وأشعر بخوف كبير، ويزداد خفقان قلبي كلما أردت التكلم مع مسؤول في الإدارة أو في السلطة أو مع فتاة، أو كلما أردت التكلم وسط جماعة من الناس، وكذلك عندما يقف أستاذي أمامي، أو عندما أقوم إلى الصبورة أو كلما أريد أن أستظهر شيئاً ما أمام أستاذي.

هذه السنة أنا مقبل على امتحان شفوي، وأنا غير قادر عليه، الرجاء منك سيدي المساعدة العاجلة ولك جزيل الخير.

أما مرضي الجنسي، فعندي صعوبة في الانتصاب منذ 5 سنوات، من قبل كنت عادياً، ذهبت إلى الطبيب فأكد لي أن مرضي نفسي وليس عضوياً، وأنا عازب.

بالنسبة للمرض النفسي، أعتقد أنه وراثي، حيث أعراضي رأيتها في أبي وعند إخوتي لكن أمي سليمة، وأنا أكثرهم خطورة.

هل مرضي هذا له علاج، رغم أنه وراثي؟ وهل يمكن لي أن أجتاز الامتحان الشفوي بأخذ الدواء؟
الرجاء المساعدة، إني دائماً أفكر في الانتحار.
ملاحظة: أشكو من التأتأة ولو مع أمي، حتى عندما أكون أفكر في صمت تتعثر الكلمات في ذهني.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ب_عبدالرزاق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فكما ذكرت وتفضلت في رسالتك، فإن الأعراض التي تعاني منها هي أعراض الرهاب الاجتماعي، والرهاب الاجتماعي يزيد من خجل الإنسان في بعض الحالات، كما أن الخجل أيضاً يزيد من الرهاب الاجتماعي، والأعراض التي ذكرتها من خفقان في القلب هي في الحقيقة هي الأعراض الجسدية للرهاب، حيث أن الرهاب في الأصل هو نوع من القلق الشديد، وهو مرتبط بإفراز مادة الأدرانلين، وهذه المادة تؤدي إلى تسارع ضربات القلب.

والشيء الذي أود أن أضيفه لك هو حتى ضعف الانتصاب أرى أنه ذو منشأ نفسي، حيث أن الخوف والقلق والتوتر يؤدي في كثير من الرجال إلى ضعف الانتصاب والشعور بالفشل.

وعليه، فلابد أن تعالج هذه الحالة النفسية، وعلاجها يكون عن طريق الإصرار على المواجهة في المواقف الاجتماعية، ويمكنك أن تعيش نوعا من الخيال المستمر لمدة نصف ساعة في اليوم على الأقل، بأنك تقوم بمواجهة اجتماعية حيث أنك تلقي محاضرة أو درسا أو حديثاً، أو أنك تدير حواراً أو نقاشاً، أو أنك في مناسبة اجتماعية، لابد لك أن تبرز من خلالها دورك، كاستقبال الضيوف مثلاً، عليك أن تتأمل هذه المواقف وعليك أن تكون دقيقاً في تأملك، وأن تأخذ الأمر بجدية شديدة، فهذا إن شاء الله يساعدك كثيراً في المواجهة في الواقع، وبعد المواجهة في الخيال عليك أيضاً أن تكثر من المواجهة في الواقع، ويجب أن لا تتجنب المواقف الاجتماعية صغيرة كانت أم كبيرة.

والشعور الذي يأتيك من خوف وضيق هو شعور ليس حقيقياً في مجمله، ولن يحدث لك أي شيء أمام الآخرين، ولن تسقط على الأرض مثلاً كما يتخيل البعض، كما أن الآخرين لن يلاحظوا عليك أي نوع من الاضطراب كما يعتقد البعض، ولقد دلت الدراسات على ما قلته لك.

الجانب الآخر في العلاج،هي عليك أن تمارس تمارين الاسترخاء، فهي إن شاء الله مفيدة جداً في مثل هذه الحالات، وهنالك عدة كتيبات وأشرطة،وكذلك معالجين نفسيين يمكن من خلالهم معرفة ممارسة هذه التمارين بالصورة التفصيلية الصحيحة.

وهذه التمارين في مجملها تتمثل في أخذ شهيق وزفير ببطء وعمق، وأن تكون في مكان هادئ، وفي حالة استرخائية، ولقد اتضحت قيمتها العلمية وفائدتها بما لا يدع مجالاً للشك.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي، فهو والحمد لله الآن متوفر ومفيد جداً، وهنالك عدة أنواع من الأدوية، مثل زيروكسات وسبراليكس وبرزاك وزولفت، ولكن هذه الأدوية ربما تؤدي إلى نوع من ضعف الانتصاب البسيط، لذا لا أنصحك باستعمالها، إنما أنصحك باستعمال مجموعة الأدوية الأخرى، وهذه المجموعة هي مجموعة الدواء الذي يعرف باسم مكلوبمايد (Moclobemide) وجرعة هذا الدواء هي 150 مليجرام ثلاث مرات في اليوم، وأقل مدة للعلاج هي ستة أشهر، وعليك أن تواصل فيها بنفس الجرعة، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة بمعدل 150 مليجرام كل أسبوع حتى تتوقف عنه.

الدواء الآخر أي الدواء البديل الذي يمكن أن تستعمله بديلاً للمكلوبمايد، هو أحد الأدوية القديمة ويعرف باسم تفرانيل، فعاليته ليست قوية جداً، ولكنه فعال بصفة عامة، ويتميز بأنه لا يؤدي إلى أي آثار جنسية سلبية.

جرعة هذا الدواء أي التفرانيل هي 25 مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة بنفس المعدل أي 25 مليجرام كل أسبوعين، حتى تصل الجرعة إلى 100 مليجرام في اليوم، يفضل أن تأخذها مجزئة، أي 50 مليجرام في الصباح و50 مليجرام في المساء، حيث أن هذا الدواء لا يسبب أي نوع من النعاس أو استرخاء زائد أو شعور بالكسل.

استمر على الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم ابدأ في تخفيضها بواقع 25 مليجرام كل أسبوعين، حتى تتوقف عن العلاج تماماً.

بالنسبة للتأتأة لا شك أنها مرتبطة أيضاً بالقلق، وبمعالجة القلق والتوتر والمخاوف عن طريق الإرشادات السابقة وتناول الدواء، سوف تجد أيضاً إن شاء الله أن التأتأة قد بدأت في الاختفاء.

ونصحيتي لك هي أيضاً أن لا تراقب نفسك حين الكلام، وأن تحاول أن تتكلم ببطء، ويمكنك أيضاً أن ترى الأحرف التي تعاني من صعوبة في نطقها، وتتخير حوالي خمسين كلمة تبدأ بالحرف الذي تعاني من الصعوبة في نطقه، وتكرر هذه الكلمات بصوت مرتفع، ويمكن أيضاً أن تضع هذه الكلمات في جمل وتسجلها في جهاز التسجيل، وتستمع لنفسك، وسوف تجد إن شاء الله أن أداءك جيد جداً.

بالنسبة لقضية الوراثة، فالأدوية نعم تفيد حتى ولو وجد الجانب الوراثي، حيث أن الأمراض النفسية لا تسببها الوراثة الكاملة، إنما الوراثة تؤدي إلى نوع من الاستعداد للإصابة بالمرض، وليس وراثة المرض نفسه.

إذن فالأدوية تعتبر فعالة ومفيدة في مثل هذه الحالات.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً