الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبت فتاة ورفضتني رغم مؤهلاتي، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تقدمت لخطبة فتاة مرتين، ورفضتني رغم أن حالتي المادية جيدة، عندي شقة ووظيفة، ودخل خاص، وكذلك حسن المظهر، أعلم أن الأمر نصيب وقدر، ولكنني متمسك بها لأبعد الحدود، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به فاعلم -أخي الكريم- ما يلي:

1- ليس الرفض دائماً مرتبطاً بعلة قادحة في الخاطب، بل قد تكون هناك علل أخرى بعضها قد يكون عند المخطوبة نفسها، وعليه فلا يجب ابتداء جلد الذات، ولا اتهام النفس.

2- الزواج كما تفضلت قدر مكتوب، والله عز وجل له حكمة جلت عن أفهامنا، فقد نجد شاباً وفتاة صالحين والأمور المادية ممتازة، والنفسية والفكرية والاجتماعية كذلك، ولا يوفقان لبعضهما، لعلة لا نفهمها في حينها، ثم بعد فترة يتزوج الشاب وتتزوج الفتاة غيره، ويدرك كل منهما أن اختيار الله لهما كان الأفضل، ولو تم الزواج بينهما لما كتب له النجاح لعلة ظهرت بعد ذلك، وهذه -أخي- ميزة الاستخارة والرضا بالقدر.

3- من كتبها الله لك زوجة فثق أنها لك لا لغيرك، ومن لم يكتبها فثق أن الخير لو كان فيها لك لكتبها الله لك، فلا تقلق -أخي- ولا تحزن، إذ كيف يخاف أو يحزن أو يقلق أو يضطرب من يعلم أن الله كتب عليه كل شيء، وأن الله قد فرغ من كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء " .

فإذا آمنت بذلك واقتنعت به تماماً، علمت قطعاً أن خوفك وقلقك ليس في محله؛ فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف، ولم يبق إلا ما كتبه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وهذا -أخي- يطمئنك، فقضاء الله هو الخير لك، وقد علمنا القرآن أن العبد قد يتمنى الخير وهو لا يدري أن فيه هلكته، وقد يعترض على الشر ولا يعلم أن فيه نجاته، قال تعالي: " وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم"، فكن على يقين بأن اختيار الله لك هو الأفضل دائماً، وهنا سيطمئن قلبك ويستريح.

4- نأتي بعد ذلك إلى ما ننصحك به وهو كالتالي:

- إذا كانت الفتاة صاحبة دين وخلق، ورأيت فيها ما رغبك في نكاحها؛ فأتمم قراءة الإجابة، واتبع النصائح وفق القواعد التي أصلناها لك سابقاً، وإذا لم يكن الاختيار على أساس الدين والخلق، بل كان لأسباب بعيدة عنه، فإننا ننصحك بالتوقف فوراً عن القراءة والبحث عن أخرى، ولعل هذه رسالة من الله بالبحث الجاد عن صاحبة الدين والخلق.

- إذا كانت الفتاة ذات دين وخلق، فلا بأس من محاولة أخيرة، ولكن لا تقم بها أنت، بل تبحث عن أحد له مكانة عند هذه العائلة، وهم يحبونه ويحترمونه، وأدخله في الموضوع ليعلم ابتداء علة الرفض، فقد تكون وشاية كاذبة أو موقفاً لم يفهم فهماً صحيحاً أو شيئاً يمكن تداركه، فإن أجابوك لذلك وعلمت الخلل؛ فلا بأس من الإتمام مع هذا الوسيط حتى يقضي الله الأمر.

- إن مضت الأمور على ما تحب، فلا تذهب ولا تقدم على أي خطوة إيجابية تجاه الفتاة إلا بعد صلاة ركعتي استخارة، فما خاب عبد استخار الله قط.

- إن دخل الوسيط ولم يخبروه بشيء فاعلم -أخي- أن العلة قد لا تكون فيك، وهذا من حق كل فرد، فليس كل مناسب للناس مناسبًا لي، وساعتها ننصحك بالتوقف فوراً عن التفكير في هذه الأخت، والبحث عن أخرى، ولعل الله يكون قد ادخر لك من هي أفضل من السابقة، وما تدرى أين يكون الخير -يا أخي-.

نسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً