الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا يهتم بي وكل وقته لأمه، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوجة منذ سنتين، وأم لطفل.

مشكلتي: أن زوجي لا يفرق بين حبه لأمه، وبين علاقته معي، فهو يظلمني ليسعدها، ويتحكم بي ليرضيها، ويطلب رضا أمه على حساب سعادة أسرته، لا يستطيع أن يفصل بين العلاقات.

عندما تكون أمه عندنا في المنزل لمدة شهر، فإنه يرفض أن أزور أهلي، لكي لا تستاء أمه، حتى لو كانت الزيار عبارة عن ساعتين في الأسبوع، ويريد مني تأجيل الزيارة لأهلي حتى تذهب أمه عند أخواته.

أيضاً هي تتدخل في كل شيء في البيت بشكل مبالغ فيه، علماً أن عمرها أكثر من 75 سنة، وهي ذكية، وتتعامل مع ابنها وكأنها صديقته، وأنا الخادمة، حيث إنه يشاركها جميع تفاصيل يومه، فعندما يعود من العمل يحدثها عن عمله وأفكاره، وكل أمور حياته، بينما يختصر الكلام معي، ولا يخبرني عن شيء إلا القليل.

أشعر وكأن زوجي لا يراني في حضورها، فأنا مجرد خادمة، علماً أنه أكبر مني سناً، فعمره 38 سنة، لا أستطيع أحياناً التعامل معه، فهو عصبي، والمشاكل معه لا تنتهي بشكل صحيح، فهو لا يتعلم منها، ولا يتغير، ودائماً يقف مع أمه وأخواته، وعندما أحاول التعامل معه بالمثل، يرفض ذلك، لذا أفكر في الطلاق لكثرة الخلافات بيننا، والتي لا أعرف كيف أتخلص منها، أرجو الرد سريعاً، وأعتذر على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يعينك على تجاوز هذا الموقف، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

أولاً: لا شك أن الأم لها منزلة رفيعة، ولكن الشرع الذي أمر بالإحسان إلى الوالدة هو الشرع الذي أمر بأن لا تظلم الزوجة، بل بأن يحسن الزوج إلى زوجته، وحبذا لو تواصل زوجك معنا حتى نقيم معه هذه المعادلة التي ينبغي أن ينتبه لها.

ثانياً: أرجو أن لا تنزعجي من ارتباطه بأمه، ومحاولة الحديث معها؛ فإن رضا الأم من الواجبات الشرعية المطلوبة عنده، ونحن لا نملك تغيير نمط شخصية الأم بعد هذا العمر الطويل، ولكن نتمنى أيضاً أن تكوني عوناً له على أن يبر أمه، وعلى أن يحسن إليك.

ونحب أن نطمئنك أن الحب للأم والحب للزوجة لا يمكن أن يلتقيا، فحب الزوجة يختلف وله خانات مختلفة في القلب، وله تفاعلات مختلفة بخلاف الحب للأم والارتباط بها، ولذلك الانزعاج ليس من هذه الناحية، ولكنك تتكلمين عن اهتمامه بها في مقابل إهماله لك، وإلا فحب هذا الشاب لأمه من المناقب التي ينبغي أن تفرحي بها؛ لأنك موعودة -إن شاء الله- بالأبناء البررة لأمهم -إذا كان الأمر كما ذكرت-، ولا شك أن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، وهذا خطاب نحتاج إلى أن نوجهه لزوجك، وحبذا لو نجحت في أن تجعليه يتواصل مع الموقع، حتى يسمع الرسالة من إخوانه.

ثالثاً: نحن لا نريد لمثل هذا الموقف أن يكون سبباً في خراب بيتك أو طلب الطلاق، إذا كان الشاب في بقية أموره جيداً، يسعدك ويعوضك، فأرجو أن تنظري إلى الحياة الزوجية نظرة شاملة، فالحياة الزوجية بينك وبين زوجك مشوارها طويل، وهو يحتاج إلى تصحيح بعض المفاهيم، ونحن نريد أيضاً أن لا تتكلمي عن أهله إلا بالخير، ولا يتكلم عن أهلك إلا بالخير، فمن الواجب أن تهتمي بأهله وعليه كذلك أن يبادلك المشاعر، وأن يهتم بأهلك، ونحن نحب أن نؤكد أن بعض الشباب -بكل أسف- يكون ارتباطه بالأم شديداً، أو تكون الأم نفسها عصبية وشخصيتها قوية، وربت أبناءها على نمط مختلف، وبالتالي نؤكد لك أن الخروج مما اعتاد عليه قد يحتاج إلى بعض الوقت، فلا تضجري ولا تعطي الأمور أكبر من حجمها، ونحن نوافقك أن هناك ثمت خلل، ولكن نريد أن نقول من الذي تخلو حياته من الخلل!

وعليه أرجو أن نعرف أحوال زوجك من صلاته وطاعته لله، وقيامه بالواجبات، والإنفاق عليك، وانظري إلى حياته كاملة ليس في وجود أمه، فإن وجود الأم سيكون عابراً وسطحياً، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يطيل أعمارنا جميعاً في طاعته، لكن من الواضح أن عمرها كبير، وأن الكبير هو الذي يحتاج منا إلى العناية والاهتمام، وهو يتحاشى غضب هذه الأم؛ لأن غضبها ليس في مصلحته، وليس في مصلحتك، ونسأل الله أن يعينكم على الخير.

ومسألة الزيارة لأهلك: أرجو أن تحاولي أن تحاوريه فيها بمنتهى الهدوء، كما نرجو أن يتفهم الجميع مثل هذه الظروف، فالمرأة الكبيرة هي أم للجميع، وعلينا جميعاً أن نجتهد في إرضائها بحسب ما نستطيع، فإن ذلك خيراً لها وخيراً لنا، ونتمنى من زوجك أن يقدر هذا الأمر فيك، وأن يعوضك عن كل ما يمكن أن تفقديه من اهتمام أو وقت أو مشاعر تحتاجين إلى أن تصل إليك.

ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، ونكرر دعوتنا لك بعدم الاستعجال، وعدم تضخيم المشاكل؛ لأنها مشاكل عابرة ومؤقتة، وليست دائمة حتى لو قسناها على مدار السنة، فهي مرتبطة بأيام وجود هذه الأم معكم.

ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً