الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاكتئاب والتدقيق في الأفعال .. التشخيص والعلاج

السؤال

السلام عليكم.
أشكركم على الاهتمام بالمشاكل التي يُعاني منها أبناء مجتمعاتنا.

أنا أُعاني من الاكتئاب، وذهبت لطبيب نفسي لأتعالج، ولكن للأسف لم تحل المشكلة، وأعاني من كثرة الأسئلة والتفقد لأي غرض لي، وأظل أتفرج بعمق على كل ما أفعله، وكل شيء أضعه، فمثلاً عندما أشغل الغاز وأنتهي منه أتفقده كله؛ ظناً مني أن شيئاً ما سيحدث.

أرجو الرد على مشكلتي، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أن التدقق المطلق والتعمق الفكري الذاتي المستمر، والذي يكون مفروضاً على الإنسان، هو واحد من علامات الوسواس القهري، والوسواس القهري يصيب الإنسان في مراحل عمرية معينة، منها المرحلة العمرية التي تمر بها، وفي كثير من الحالات يختفي تلقائياً، وفي قلة قليلة ربما يستمر.

أرجو أن تركز على أن الأفكار الوسواسية هي أفكار سخيفة ولا قيمة لها، ولابد للإنسان أن يسعى دائماً لتحقيرها، أي فيما يخص -على سبيل المثال- التدقق والتعمق في التفكير، قل لنفسك لماذا أتدقق؟ لماذا أتعمق؟ يجب أن آخذ الأمور بسهولة أكثر، كرر مثل هذا التفكير وإن شاء الله سيكون فيه فائدة لك.

بالنسبة لتفقد الغاز، هذا واحد من الوساوس المشهورة والمعروفة، وهي تعرف بوساوس الشكوك، أجبر نفسك ألا تذهب وتتأكد من الغاز، أرجو أن تفعل ذلك عدة مرات، اذهب وأغلق الغاز، وأصر على نفسك أنك لن تذهب مرة أخرى للتأكد إن كان مغلقاً أم لا، ثم بعد ساعة كاملة اذهب وافتح الغاز مرة أخرى ثم أغلقه، وأصر على نفسك إصراراً شديداً أنك لن تذهب مرة أخرى للتأكد، وبعد ثلاث ساعات قم بتكرار نفس الشيء، وهكذا.. هذا نوع من البناء السلوكي الجيد جدّاً.

بالطبع سوف ينتابك نوع من القلق مرتبط بالمقاومة على عدم فعل السلوك الوسواسي، وهذا القلق مفهوم، ولكن حين تصر على عدم اتباع الوساوس سوف يضعف القلق ويقل إن شاء الله تعالى.

ذكرتَ أنك تعاني أيضاً من بعض الاكتئاب، أرى أن المشكلة الأساسية هي الوساوس، وربما يكون هنالك اكتئاب بسيط ثانوي في شكل عسر مزاج مصاحب للوساوس، وهنا يكون العلاج عن طريق التدخل الدوائي ضروري ومفيد جدّاً إن شاء الله، ومن فضل الله علينا أن مضادات الاكتئاب، لا أقول كلها، إنما معظمها يساعد أيضاً في علاج الوساوس.

من أفضل الأدوية التي تمت دراستها هو العقار الذي يعرف باسم بروزاك، أرجو أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة من فئة 20 مليجرام بصفة مستمرة، لمدة أربعة أشهر، ويفضل أن تتناوله بعد الأكل، وبعد نهاية الأربعة أشهر أرجو أن تتناول كبسولة واحدة يوماً بعد يوم، وذلك لمدة شهرين، ثم يمكنك التوقف عنه.
بإذن الله تعالى بتطبيق العلاج السلوكي وتناول الدواء الذي وصفته لك، سوف تجد أن الوساوس قد اختفت، وأنك أصبحت تحس بارتياح داخلي، وسوف تزول كل الأعراض الاكتئابية، وحين تأتي هذه المشاعر الإيجابية لابد أن تطور من مقدرتك في التحكم في ذاتك، وأن تصر على الحرص في الدراسة والتركيز عليها والسعي نحو التفوق، مثل هذا التفكير يؤدي إلى ما يعرف بالتحفيز الذاتي، وهذا التحفيز الذاتي يؤدي إلى مزيد من التحسن، وذلك بالطبع سوف يرفع درجة صحتك النفسية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً