الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح لفتاة تريد الزواج من شاب يكبرها بسنتين ولم يتقدم لها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع الرائع.

سيدي! عملت منذ فترة ليست بالبعيدة في مركز إسلامي كبير، وهناك حصل أن تعرفت على شاب ملتزم، وبدت لديه الرغبة في الارتباط بي، وهو يناسبني من كل الاتجاهات.

ما حدث مؤخراً أنه سألني عن عمري، وعندما علم أني أصغره بسنتين لم يبد أي اعتراض، وسارت الأمور تماماً كما كانت منذ البداية، وكنا ننتظر فقط أن تتحسن أحواله المادية ويكمل بيته ليخطبني.

ولكن في الآونة الأخيرة بدأ يسمعني في سياق أحاديثنا -طبعاً ضمن جماعة- أني كبيرة، ودائماً يقحم الأعمار في حديثه، فمثلاً يسأل صديقتي من أكبر أنا أم هي؟ ليلفت نظري إلى أنني كبيرة، علماً أنه يكبرني بسنتين، ولا أجد مشكلة في هذا، خاصة أنه لا يبدو علي عمري، وحتى هو قال لي يوماً أني أبدو أصغر بكثير، وذلك بشهادة الجميع، فضلاً عن أن الله حباني من جميع نعمه، وجعلني فتاة متميزة بكل شيء، ولله الحمد.

أنا لا أريد أن أظلمه، فقد لا يكون قصده التجريح، ولكن أخشى أن تبقى هذه القصة مشكلة بيني وبينه طوال عمرنا، خاصة أن أخاه الأكبر تزوج بفتاة تصغره بـ 14 عاماً، ورغم تحضر عقله وعلمي بأن أهله لن يعارضوا، إلا أني أستغرب أنه إن كان عمري عنده مشكلة، فلم لا ينسحب ويتركني؟ وهو دائماً يسألني إن كنت سأترك العمل ومتى، رغم أنه لا نية لدي في ذلك، لكن لا أعلم لم يردد أمامي هذا الأمر، ولم يريدني أن أترك العمل، وهو يعلم أني إن تركت عملي فلن يراني بعدها، وهو كان ينوي ترك عمله قبل أن آتي، ولكنه عدل عن رأيه عندما توظفت، فلا أدري لم يريد الآن مني أن أترك أنا ويبتعد؟

أرجو أن تخبرني يا سيدي ماذا ينبغي علي فعله، لا شيء واضح بيني وبينه، وذلك لحيائنا الشديد، والذي أعتبره خطأ، لأني لا أفهمه، ولا أعلم متى سيأتي لخطبتي، ولا أعتمد في ذلك إلا على حدسي، علماً أني فتاة يرغب بي كل من يراني، ولكني تأخرت في الزواج للدراسة ولانتظار من يستحقني، وعندما التقيته شعرت أن بيني وبينه قواسم مشتركة في كل شيء، وأسأل الله ألا أكون مخطئة، واستخرت ربي كثيراً، ولا أعلم لم لا يتيسر زواجي بغيره، رغم أني لا أرفض أحداً من أجله؛ لأني لا أعلم حكمة ربي من لقائي بهذا الشاب، فقد يكون نصيبي وقد لا يكون.

المهم يا سيدي ما أريد أن أقوله لك: أني أعلم تماماً أنه يحبني ولا يقوى على البعد عني، ولكن أشعر أنه يريدني قربه وفقط، ولا يفكر في الزواج حالياً نظراً لظروفه المادية، وأنا لا أستطيع أن أنتظر أكثر، فماذا أفعل؟ هل ترى أن أسأله بطريق غير مباشر، أو أنتظر؟ وهل ترى أنه لن يقوى على نسيان مسألة العمر والفارق بيني وبينه، أم عليه ألا يهتم طالما أنه يحبني؟

أرجو ألا تفهم من رسالتي أني أختلط به أو أتكلم معه سراً، أبداً، فأنا لا أريد أن أبني حياتي على معصية، وأعلم يقيناً أن ما عند الله لن ينال بالمعصية، ولكني أتمنى أن يكون هو ما عند الله لي، وأن يكون فرج ربي الذي أنتظره والذي فيه عافيتي.

وأسألكم بالله أن تدعوا لي، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.

فإن الحياء لا يأتي إلا بخير، فحافظي على حيائك، وابتعدي من هذا الشاب حتى تصبحي غالية عنده فيقترب منك، ولكن على الطريقة الشرعية، بأن يأتي البيوت من أبوابها، وتصبح العلاقة بينكما شرعية، وليس من مصلحة أحد منكما طول العلاقة مع التردد وعدم الوضوح، ولا تترددي في القبول إذا تقدم إليك من يخاف الله ويتبع الرسول، فلا تنتظري السراب، ولا تكثري عليه من اللوم والعتاب، ولا تستعجلي فسوف يأتيك ما قدره لك الكريم الوهاب، فتمسكي بحجابك وحياءك، وكوني على الطريق الصواب، واشغلي نفسك بذكر الله وقراءة الكتاب.

وقد أسعدني حرصك على بناء حياتك على الطاعة، وهذا دليل على ما عندك من الخير والعفة، ونسأل الله أن يزيدك من فضله، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، ومرحباً بك في موقعك بين الآباء والإخوان.

وأرجو أن تعلمي أن الإنسان يمكن أن ينتظر إذا كان هناك خطوة إيجابية واضحة، ولكن إذا لم يتقدم رسمياً فلا ننصحك بانتظار ظروفه التي لا يعلمها أحد، وربما يكون أهله قد أعدوا له أخرى، ولا تستطيعين حسم هذا الأمر إلا بطرقه لبابكم، وحرصه على جعل علاقتكم رسمية؛ حتى يتاح لأهلك أن يتعرفوا عليه، وعلى أهله وأحواله، وقدرته على تحمل المسئوليات.

ونحن نخاف على شبابنا من التوسع في العلاقات، حتى ولو كانت مجرد نظرات؛ لأن لذلك آثاراً على القلب، والإنسان قد لا يملك مشاعره بعد ذلك، فماذا سيفعل الإنسان إذا لم يحصل ما يريد؟

ومن هنا تتجلى عظمة هذه الشريعة التي تريد لهذه المشاعر أن تنمو في ظلال الروابط الشرعية والآداب المرعية، وتحت بصر الأهل وسمع الناس، واعلمي أن خير البر عاجله، ونحن في زمان الفتن والشهوات.

وأرجو أن لا تكوني حساسة لهذه الدرجة، ولا أظن أن هناك مشكلة في العمر، وإذا وجد القبول والتوافق فلا عبرة بمثل هذا الفارق البسيط.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً