الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية علاج الشخصية الحساسة من حالات الاكتئاب التي تصيبها

السؤال

السلام عليكم.

أولاً: أحييكم وأتمنى التواصل معي لأنني تعبت من التواصل بالنت ولا من مجيب، وأشعر أن الوضع أصبح سيئاً.
الدكتور الفاضل! المشكلة هي أختي التي تمر بحالة نفسية صعبة جداً، وإليك الموضوع:

أختي تصغرني بسنوات، رقيقة، وشاعرية، وبحكم عيشنا في السعودية أصبح حلمها الزواج بسعودي متوسط الحال، وعش صغير يجمعها به في جو هادئ، فهي من الناس الذين لا يؤمنون بالوسط إما أبيض أو أسود، تقدم لها دكتور سعودي يكبرها بسنوات كثيرة، وصارت خطبة ورآها، وجلست معه للحظات، واستمروا على الخطبة لفترة بسيطة، بعدها بفترة ذهب ولم يرجع، وبدون أسباب واضحة، ولكن للأسف أنها كانت قد تعلقت به لأبعد الحدود.

ظلت تنتظر عودته ولكن دون جدوى، دخلت بعدها في حالة من الانهيار النفسي، لا أكل، ولا خروج، ولا أصحاب، ولا نحن لفترة طويلة، بعدها تقدم لها شاب رفضت حتى بدون أن تعرف عنه أي شيء، بعدها تكرر على تلفونها اتصال من شخص بالخطأ، أصبح بينهما حوار وتحول إلى حب، للأسف من طرف واحد، قال لها مرات ومرات بأنه لا يستطيع الزواج لأن أهله اختاروا له الزوجة، ولكن يريد أن يظلا أصدقاء، ومع أنه أشعرها بأهمية كبيرة لها في حياته إلا أنه قال لها لا زواج! بعدها تدخلت بعض الصديقات وكلمنه وطلبن منه الزواج أو الابتعاد، إلا أنه قرر الابتعاد.

الآن حالتها سيئة لأبعد الحدود، وزنها نزل لدرجة مخيفة، في عزلة تامة، للأسف من زمن بعيد تشعر بفارق فكري بيننا كبير، فأنا جادة لست حالمة، ولا شاعرية كإفراطها هي، لذلك لا تستمع إلي أبداً، ولا تستمع إلا لمن يواسيها، ويتعاطف مع مشكلتها، أصبحت مثل الطفلة بكلمة ترضيها، وبكلمة تنهار، إذا قلت كلمة في من تحبه تغضب وتقاطعني أياماً، وإن امتدحته أحبتني، أصبحت حياتها صيام وصلاة بالأيام والشهور، حالياً استشرنا طبيباً لأنها ترفض أن تعترف بأنها تمر بحالة نفسية، فذهبنا إليه بدون علمها فأعطاها حبوباً، وقال لنا بأن نضعها لها في الطعام بدون علمها، ولكن لا ألمس أي تحسن، وبسبب إقامتي حالياً باليمن فإن أختي التي تكبرها بقليل، ومخزن أسرارها، معها هناك لأنها تواسيها، وتقول لها ما تريد هي سماعه، فهي المستمع الوحيد لها، الذي تثق به.

وهي تطلب منها أحياناً أن لا تخبرني بما يحدث معها بسبب قناعتها بعدم تفهمي لمشاعرها، برغم محاولاتي التقرب منها، هذه هي المشكلة حالها من سيئ إلى أسوأ، فما هو الحل معها.

علماً أنه الآن أصبح تأتيها حالات من الصراخ الهستيري لأتفه الأسباب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ شمس حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمثل هذه الحالة الوجدانية والعاطفية التي مرت بها أختك، والتي من الواضح أنها رقيقة وحساسة، وليس لديها تحمل الأزمات أو التواؤم والتكيف معها، حقيقة فهذا الأمر يكون مرتبطاً بشخصيتها في الأصل.

مثل هذه الحالات تتطلب العلاج عن طريق المساندة، وما يسميه الأطباء النفسيين أيضاً بالاستبصار، أي أن تحاول أن تعيد للشخص استبصاره بأن يضع الأمور في موازين صحيحة، وهذا هو المطلوب من أختك، بأن تكون أكثر واقعية، وبأن تتقبل الأمر، وبأن تعرف أن علاقاتها السابقة في الأصل لم تكن علاقات سوية.

بمعنى أن الطبيب السعودي يكبرها بسنوات عدة، وهذا الزواج ربما يكون فيه بعض المشاكل، أما الأخ الثاني الذي قال لها: إننا فقط نظل أصدقاء، فهو رجل لا يوثق به في نظري - مع احترامي له - وهي في نفس الوقت لابد أن تفهم أن هذه علاقة لم تكن قائمة أصلاً على أصول صحيحة، كانت قائمة على أصول خاطئة من الناحية الاجتماعية، ومن ناحية احترام الذات ومن الناحية الدينية.

إذن: في نظري هي لم تخسر إنما كسبت الكثير، هذا يجب أن يدخل في مفهومها وفي تفكيرها، وهذا يتم عن طريق التحدث معها ومساندها، ويمكن أن تقوم بذلك إحدى صديقاتها أو أختك.

بالطبع حالتها -كما ذكرت لك- هي ردة الفعل والصدمة القوية التي أصابتها، وذلك نسبة لشخصيتها التي تحمل سمات الحساسية والهستيريا كما ذكرت، ولكن يظهر أنه قد حدث لها اكتئاب ثانوي شديد، وهذا يظهر في فقدانها للوزن والشهية، وانقطاعها وعدم تفاعلها مع الآخرين.

أرى أنها محتاجة أيضاً للأدوية المضادة للاكتئاب، فهي إن شاء الله سوف تساعدها كثيراً، ربما لا تقتنع بمبدأ العلاج كما ذكرت، ولكن بالاقتراب منها والمودة، وإشعارها بأهميتها، وأنه إن شاء الله سوف تأتيها فرص أفضل، ويمكن أن تقبل العلاج، ويجب أن تتخذ إحدى صديقاتها أو أختك أو أحد المعارف المقربين، يمكن أن يكون وسيلة علاجية ووسيلة مساندة بالنسبة لها.

من الأدوية الممتازة التي سوف تساعدها إن شاء الله، العقار الذي يعرف باسم زولفت، أو ما يسمى باسم لسترال، جرعته هي حبة واحدة من فئة 50 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عنها.

أرجو أن تتناول العلاج، وأرجو أن تجدي وسيلة لإقناعها - كما ذكرت لك - ولكن في المقام الأول المساندة والاستبصار عن طريق من حولها هي وسيلة العلاج الأولى، ولابد أن تعرف وأن تبني في كيانها بأنه (( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ))[البقرة:216].

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً