الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تردد شاب في الانفصال عن فتاة خشية أن يؤثر ذلك في حياته

السؤال

أنا حالتي غير مستقرة لوجود مشكلة خارجية من طرف واحد نحو الحب، هل أواصل علاقتي منها أم أقاطعها، لو انفصلت قد يؤثر ذلك علي، وإذا لم أنفصل فأنا مضطرب لوجود تلك العلاقة الحميمة بيني وبينها، هل أتحمل المسئولية لوجود تلك العلاقة؟ وما رأي الإسلام في ذلك؟ أرجو إجابتكم لأن حالتي تنحدر إلى القلق وعدم الاستقرار في الدراسة وغيرها، وجزاكم الله خير الجزاء لحسن خدمتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الإسلام ينظم علاقة الرجل بالمرأة وفق الضوابط الشرعية، ولا يسمح بأي علاقة بين الرجل والمرأة إذا لم يكونا محارم، إلا بميثاق غليظ وعلاقة معلنة ورسمية، ولا يمكن للحياة أن تستقر إلا برعاية تلك الآداب الشرعية، ولا يخفى عليك أن عدم الالتزام بتلك القواعد والضوابط هو سبب كل فساد وشر وأمراض وبلاء، وتفكك وانهيار، وقد توصل إلى هذه النتيجة الباحثون المنصفون من كل الملل والنحل، وها هي البلاد الغربية تحاول علاج الأوضاع المتردية أخلاقياً ولكن هيهات وهيهات.

وأرجو أن تعلم أنك لن تنال الطمأنينة والسعادة والراحة والنجاح إلا بقطع تلك العلاقة أو بوضعها في إطارها الشرعي، بأن تذهب لأهل الفتاة وتطلب يدها رسمياً، ولكن استمرار العلاقة العاطفية بدون ضوابط شرعية معصية لرب البرية، ومخالفة لهدي الإسلام ولرسوله عليه الصلاة والسلام: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )[النور:63].

واعلم أن الشيطان يستدرج ضحاياه، وأنه ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، وأن كل الحوادث تبدأ بالنظر وقد أحسن من قال:
كل الحوادث مبداها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فعلت في نفس صاحبها *** فعل السهام بلا قوس ولا وتر
يسر ناظره ما ضر خاطره *** لا مرحباً بسرور عاد بالضرر

فاتق الله في نفسك، وابتعد عن هذه الفتاة وعن غيرها، وراقب الله في أحوالك كلها، واعلم أنك لن ترتاح إذا سرت في هذا الطريق، وسوف تؤثر هذه العلاقة على دراستك وصحتك وحياتك، وأرجو أن تضع نفسك في رفقة الأخيار، ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يغفر ذنبنا وذنبك.

وننصحك بأن تشغل نفسك بذكر الله وطاعته وتلاوة كتابه، فإن هذا هو الدواء النافع للقلق والاضطراب، قال تعالى: ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )[الرعد:28] ولن ينال الإنسان سعادة الدنيا وفلاح الآخرة إلا بطاعة الله الذي يقول: ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى )[طه:123-124].

واعلم أن للمعصية ظلمة في الوجه وضيقاً في الصدر وقلة في الرزق وبغض في قلوب الخلق، وأن للحسنة ضياء في الوجه وانشراحاً في الصدر وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الخلق، فأشغل نفسك بالطاعات وتوجه لرب الأرض والسموات، واعلم أنه من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً