الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح لشاب يبحث عن عمل

السؤال

كان حلمي دائماً أن أكون صيدلانياً، والحمد لله بعد أن أنهيت الثانوية قام أخواي الكبيران -حماهما الله وحفظهما- بالإنفاق علي وتدريسي خارج بلدي، وذلك بأمرٍ من والدي العزيز، فهو الذي أمرهم بدعمي المادي في ذلك، والآن بعد أن أنهيت دراستي وعدت لبلدي إليك ما أنا فيه:

لقد مضى على تخرجي 10 أشهر، وأنا الآن في طور تجهيز أوراقي في بلدي، فهي تأخذ مدةً تقارب الثلاثة أشهر حتى تنتهي، ولكن ما يُقلقني ماذا أفعل بعد أن تنتهي أوراقي؟!

أنا لي رغبة في أن أفتح صيدلية، وأعمل فيها، ولكن من أين لي المال؟! أغلب أصدقائي ومعارفي يظنون أن إخوتي هم الذين سينفقون علي أيضاً، ولكن هذا شبه غير صحيح، أخي الكبير -حماه الله وحفظه- قال لأهلي عندما تخرجت دون علمي أنه لن يُساعدني بعد تخرجي في شيء، وقد قال هذا الشيء وهو منزعج، وقد علمت بالأمر فيما بعد، وأنا لا ألومه فهو حتى الآن لم يتزوج، وقد أصبح عمره 31 سنة، وهو يُساعد أبي في مصروف البيت، أما أخي الآخر الأصغر منه -حفظه الله وحماه- فهو أيضاً لم يتزوج ولم يشتر منزلاً لزواجه، ويُساعد أبي في المصروف أيضاً ولكنه لم يقل أنه لن يُساعدني بعد تخرجي، ولكنه رغم ذلك لم يعرض نفسه علي ولم يتحدث في ذلك، أحس بأنه يخجل أن يقول لي ذلك -يعني شبه مطنش- وهو أيضاً لا ألومه في موقفه -ساعدهما الله-.

بعض الناس يقولون لي: سافر إلى دول الخليج ولكن من أين لي بسعر الفيزا أو حتى أي معارف هناك؟ هل أتغرب مرةً أخرى فأنا لا أعرف كيف انتهت سنوات الدراسة؟

وبعضهم يقول لي: عُد إلى البلد الذي درست فيه واشتغل هناك، ولكن أصحابي هناك أكثرهم لا يأخذ أكثر من 600 دولار، وهي في الحقيقة قليلة؛ لأني مغترب ولا تكفي لأسدد لإخوتي حماهم الله المال الذي علموني به.

ويمكنني أن أعمل في بلدي كمندوب للأدوية، ولكن أغلى راتب لا يتعدى الـ400 أو الـ500 دولار، وهذا لا يكفي كما علمت.

بالنسبة لأقربائي هم يقدرون على مساعدتي كأعمامي ولكن كما يقال (ما حدا لحدا)

وأبي أعانه الله بصعوبة يحصل على مصروف البيت.

ماذا أفعل؟ أنا في حيرة!!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صادق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فقد أسعدني اعترافك بفضل إخوانك ودورهم، وأفرحني هذا التماسك الأسرى، ومرحباً في موقعك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

ولا أظن أن هناك داعيا للانزعاج، وغداً سوف تتاح فرص لرد الجميل لأهلك وإخوانك، وليس بين الإخوان عتب أو تلاوم، ونسأل الله أن يجعل لك فرجاً ومخرجاً.

وأرجو أن تعلم أن الله الذي وفقك حتى وصلت هذه المرحلة لن يضيعك، وهو سبحانه قد تكفل بالأرزاق وخلقنا لعبادته، إنه الرزاق، وقد قال لنبيه صلى الله عليه وسلم (( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ))[طه:132].

ولا يخفى عليك أن واجب الإنسان أن يسعى، ولكن ليس من واجبه النجاح؛ لأنه بيد الكريم الفتاح، واعلم أن الكون ملكٌ لله ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده، وعجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له أو أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.

ونحن نتمنى أن يسمع منك إخوانك عبارات الشكر والثناء والوعد بالوفاء، ويكفي أن يشعر الجميع أنك صاحب همةٍ عاليةٍ ورغبة في تحمل الصعاب، فليس العيب أن لا يجد الإنسان عملاً، ولكن العيب في التبطل والكسل وأنت لست من أولئك البطالين.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، مع ضرورة الأخذ بالأسباب، والرضا بما قدره الوهاب، والإكثار من الاستغفار فإنه باب من أبواب الرزق، وكذلك الاستقامة التي قال الله عنها (( وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ))[الجن:16] مع ضرورة زيادة البر للوالدين وطلب الدعاء، وكذلك صلة الأرحام ورعاية الضعفاء والأيتام، وإذا كان الإنسان في حاجة الضعاف كان القوي في حاجته، ومن يسر على معسرٍ يسر الله عليه.

وننصحك بعدم الإصرار على وظيفة معينة، فإن أبواب الرزق واسعة، كما أرجو أن تهتم بمتابعة مجال تخصصك وتطوير نفسك، وعليك بالتوجه إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.

ونسأل الله أن يوفقك للخير، وأن ينفع بك أهلك وبلدك ودينك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً