الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدوية الاكتئاب النفسي الآمنة في حالة الحمل والإرضاع

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد عانيت طول حياتي كلها من خوف شديد من المستقبل، رغم أنني إنسانة ناجحة - والحمد لله - وحاصلة على الدكتوراة في تخصص علمي دقيق، ومتزوجة وعندي ثلاثة أطفال، ولكني عشت طفولة قاسية مع أمي التي انفصل عنها أبي بلا طلاق وعمري سبع سنوات، ولم يزرني أو يسأل عني إلا مرات قليلة جداً، فكانت تخاف علي بشكل مرضي مما بث في القلق من كل شيء، وكنت دائماً أتخيل أسوأ الاحتمالات.

والآن أنا متزوجة من رجل كان طيباً فيما مضى والآن قاسياً جداً ولا يوجد أي توافق بيننا، ويتعمد مضايقتي بكل صورة، ودائماً يبحث عن السفر للعمل في الخارج ويقول أنه سيتركنا في مصر؛ لأن ظروف الحياة فيها قاسية، وهو غير قادر على تحملها ولا يبالي بوجود أولاد في سن المراهقة يحتاجون إليه، رغم أنه سافر لسنوات طويلة وتركنا في مصر من قبل، وليس محتاجاً مادياً أبداً وهذا يثير قلقي بشدة.

وعندما تحدث مشكلة مع زوجي وما أكثرها أشعر بتعب وإرهاق شديد، وأحياناً لا أقوى على الوقوف ويحدث هذا أيضاً بدون مشاكل مباشرة، ولكني دائماً أشعر أني في مشكلة معه فهو قاس جداً في كلامه وتصرفاته، فهل أنا مريضة بالاكتئاب؟ فأنا عشت ظروفاً قاسية على مدى عمري، وعانيت من القلق الشديد طوال حياتي تقريباً، فهل يوجد علاج دوائي لحالتي؟ لأني أشعر بألم نفسي شديد.

علماً أن عندي طفل عمره 15 شهراً ولا زال يرضع، فهل تنصحوني بفطامه لتناول الأدوية النفسية أم أنتظر حتى يفطم وأتحمل بضعة أشهر؟! لأني أعلم أن الأدوية النفسية تؤثر على الرضيع.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن الواضح أنك وصلت لدرجة من عدم التحمل النفسي للدرجة التي أثرت سلباً على علاقتك الزوجية وربما تواصلك الاجتماعي بصفة عامة، وهذا لا يعني أننا نريد أن نبرئ ساحة زوجك الكريم ونضع مسئولية عدم الاستقرار الزوجي عليك، ونعرف تماماً أن الصعوبات الزوجية كثيراً ما تكون ناتجة لعوامل مشتركة وشيء من سوء التفاهم وفقدان الحوار الفعال، ومما يؤسف له أن الأسر العربية بصفة عامة لا تجيد الحوار فيما يخص المشاكل الأسرية.

وأنت والحمد لله على دراية كاملة ومعرفة بشئون الحياة الزوجية، ولابد أن تكون مساهمتك من أجل استقرار الزواج أكثر فعالية، وعليك بالالتزام الكامل بمبدأ المودة والسكينة والرحمة، ومن هنا حاولي أن تجدي لزوجك العذر فيما يبدر منه من سلبيات، وتحاولي أن تناقشي معه أمور البيت والزوجية حين يكون في مزاج حسن، ولابد أن تعرفي أن شعورك بالاكتئاب النفسي وعسر المزاج قد قلل من تحملك لما يصدر من زوجك، وعليه سيكون علاج الاكتئاب النفسي الذي تعانين منه مفيدا بإذن الله تعالى.

والحديث عن قسوة الوالدين ومنهج الشدة في التربية حيالك أرجو أن لا تنظري إليه بصفة سلبية فهو في نهاية الأمر تجربة، والتجارب يستفاد منها لتطوير المستقبل وتقوية الحاضر.

وسأصف لك دواء إن شاء الله يعتبر من الأدوية الفعالة والسليمة ولا يتعارض مع إرضاع الطفل في هذا العمر، والدواء يعرف باسم (سبرالكس)، فأرجو أن تبدئي بتناوله بجرعة (10 ملغم) ليلاً بعد الأكل لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى (20 ملغم) ليلاً لمدة 3 أشهر، ثم خفضي الجرعة بعد ذلك لمدة (10 ملغم) ليلاً لمدة شهرين، ثم توقفي عن العلاج.

وعليه فإن نصيحتي لك تتلخص فيما يلي:

1- حاولي أن تنظري لزوجك بإيجابية أكثر وأن لا تركزي على سلبياته فقط، وحاولي أن تكوني محاورة جيده لتبني علاقة جديدة معه، وحاولي أن تدعمي ما يجمع بينكما وأن تجدي له العذر فيما يفرق بينكما وأن توجهي له النصح والارشاد الذي لا يخدش كبريائه.

2- ركزي على تربية الأولاد واستغلال وقتك بصورة أكثر فعالية.

3- استعيني بالله أولاً ثم بالصحبة والرفقة الطيبة، ولا شك أن الصبر والمحافظة على العبادات وتلاوة القرآن والحرص على الأذكار سوف تعود عليكم جميعاً بالخير والبركة.

وبالله التوفيق.

د/ محمد عبد العليم
===============

ولإتمام الفائدة واكتمال الجواب تم عرض استشارتك على المستشار الشرعي د. أحمد الفرجابي، فأجاب قائلاً:

فإن نجاحك في الدراسة رغم المعاناة التي عاشتها والدتك حيث هجرها الوالد يدل على أنك قادرة بتقوق على تخطي الأزمات، كما أن استمرارك مع الزوج لسنوات وإنجابك للبنين والبنات يدل على أن التعايش مع أبو الأولاد لن يكون صعباً إذا نميت في نفسك ثقافة التوافق وأعطيت كل أزمة حجمها المناسب واجتهدت في البحث عن أسباب التغيير الذي حدث، فإنه إذا عرف السبب بطل العجب وسهل عليك وعلينا إصلاح الخلل والعطب.

وأرجو أن تشعري زوجك بمكانته ولا تفتخري عليه بنجاحاتك، وانسبي ما تحقق لك من تفوق للجميع؛ لأن الرجل يتضايق إذا أعلنت زوجته عن نجاحاتها في مقابل فشله، ولعل هذا ما يفسر حرصه على السفر للعمل رغم عدم احتياجكم لذلك، كما أرجو أن تقتربي منه وتتفهمي ما يدور في نفسه، وأظهري حاجتكم له، وحرضي أولاده على بره والإحسان إليه، وقللي من التصرفات التي تجلب غضبه، فإن بعض الزوجات تقوم بتصرفات تدرك أنها تثير غضب الزوج وقد يحصل العكس فيقوم الزوج ببعض التصرفات التي تجعل الزوجة تتوتر، ولذلك لابد من وجود الحوار، فإن عدم الحوار يعني الصمت، والصمت عدو الحياة الزوجية لأن المعركة تتحول إلى الداخل فيظل كل طرف يفكر في الأشياء التي تغيظ شريكه وتؤلمه.

وهذه وصيتي لكم بتقوى الله ثم بضرورة إصلاح ما بينكم وبين الله، وسوف يصلح الله لكم ما بينكم، فإن الطاعات تجمع والمعاصي تفرق بشؤمها وآثارها، وقد أحسن من قال: (إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وفي خلق امرأتي).

كما أرجو أن تتسلحي بالصبر وتكثري من اللجوء إلى من بيده ملكوت كل شيء سبحانه – ومن الضروري تجنب الخصام في حضور الأبناء، ونسأل الله أن يعينكم على الأذكار والتلاوة والصلاة السلام على رسولنا والاستغفار فإن بيوتنا تصلح بطاعتنا لله قال تعالى: (( وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ))[الأنبياء:90]^.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً