الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فضل طلب العلم والآداب التي يجب الالتزام بها في محيط المدرسة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء، وبعد:

نحن على مشارف عام دراسي جديد بإذن الله، ونحتاج نصائحكم لنا، ونرجو منكم أن توضحوا لنا الآداب التي يجب أن نلتزمها في محيط المدرسة، سواء مع بعضنا البعض أو مع معلماتنا، كما نود منكم تشجيعنا على مضاعفة الجد والجهد لما لذلك من أهمية في التفوق.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لؤلؤة مصونة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إننا نرحب بفتاة الإسلام، ونعلن عن سعادتنا بسؤالها وفرحنا بتواصلها مع موقعها، ونبشرها بأنها سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه، وحق لنا أن نفخر بالصغيرة في عمرها الكبيرة بعقلها ورسالتها وهمومها، ونسأل الله أن يحفظك وينفع بك أهلك وبلادك والعباد.

قد قال علي رضي الله عنه: (من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم، ومن أراد الدنيا والآخرة فعليه بالعلم)، وقد نسب إليه أيضاً في شرف العلم وأهله:

الناس من جهــة الآبــــاء أكـفــاء *** أبـــــوهم آدم والأم حــواء
فإن يكن لهم من أصلهم شــرف *** يفاخرون به فالطين والـــــــــمـاء
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهــــمُ *** على الهدى لمن استهدى أدلاء
ففز بعلـم تــــعش حيّاً به أبـــــداً *** الناس موتى وأهل العلم أحـــياء
ومقدار كل امرئ ما كان يحسنه *** والجــاهلون لأهل العــــلم أعداء

كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من لا يحسنه، والعلم هو أول مطلوب: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) [محمد:19]، ووعد الله أهله بالرفعة فقال سبحانه: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) [المجادلة:11]، ورفع من مقدارهم فقال: (وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) [العنكبوت:43]، وأشهدهم على أعظم مشهود به فقال سبحانه: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ) [آل عمران:18]، وجعلهم أهل خشيته فقال: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) [فاطر:28]، وجعلهم خير البرية فقال: (ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) [البينة:8].

أرجو أن تعلمي أن الإنسان لا يزال عالماً ما طلب العلم، فإن ظن أنه علم فقد جهل، ولابد لأهل العلم وطلابه من آداب، منها ما يلي:

1- الإخلاص لله في طلب العلم.

2- معرفة قيمة فضل العلم.

3- احترام المعلمين والمعلمات والاعتراف بفضائلهم.

4- الصبر على طلب العلم.

5- البعد عن الذنوب والخطايا، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: (كنا نتحدث أن الخطيئة تنسي العلم)، وقد نسب إلى الشافعي قوله:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العــــــلم نــــــــور *** ونور الله لا يـــهــدى لـــعاصي

6- سلامة القلب من الغل والحقد والحسد والكبر، وقد أحسن من قال:

السيل حرب للمكان العالي *** كالعلم حرب للفتى المتعالي

ولابد لطالب العلم من بذل الأسباب ثم التوكل على الكريم الوهاب والتوجه إلى من بيده الهداية والصواب، وطلاب العلم والطالبات قدوة لغيرهم وثمرة العلم هي الخشية من الله والوقار، والعاقل يعامل كبير المسلمين معاملة الأب احتراماً وتوقيراً، ويعامل صغير المسلمين معاملة الابن شفقة ورحمة، ويعامل من في سنه أو سنها من الزميلات معاملة الأخوات حبّاً ومودة وإحساناً.

مع الحرص على استغلال هذا العلم في الدعوة إلى الله، لا سيما في الوسط الدراسي الذي أنت فيه، حيث تقومين بتوزيع الكتيبات والأشرطة المفيدة والنافعة، والدلالة على أماكن الدروس والمحاضرات وزمانها بين الطالبات، واعلمي أن من أهم أسباب ووسائل الدعوة وأقواها تأثيراً هو الخلق الحسن، وهذا إنما يكتسب بالعلم والصحبة الصالحة، فاحرصي على هذه الصحبة التي تعينك على الطاعة، وتباعدك عن مواطن الغواية والغفلة.

هذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بالمواظبة على الصلوات وتنظيم الوقت، وطاعة الآباء والأمهات، بعد إخلاص العمل وتصحيح النيات، ونسأل الله أن يرفعك عالي الدرجات، وأرجو أن تحرصي على صحبة الصالحات.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً