الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحالات الفصامية وشبه الفصامية .. الأعراض والعلاج

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله كل الخير على هذا الموقع الرائع.

أنا امرأة وعمري 33 سنة، وأعيش حياة هانئة مع زوجي، ولدي ولدان وابنتان، ولكن مشكلتي مع ابني الأكبر، عمره 13 سنة، ومشكلته أنه إلى الآن يخجل من أن يتكلم كلمة واحدة، وكلما ازداد عمره كلما قل كلامه، والآن هو في الصف السابع، لا يتكلم كلمة واحدة أو ليس لديه القدرة على الشرح، وكلامه قليل معي، ولا يتكلم مطلقاً مع أبيه، كأنه غريب عنه، وما يجمعه به هو البيت فقط، وليته لا يتكلم خجلاً ولكن أحياناً أشعر بأنه غير قادر على الكلام، وهو كذلك بالفعل، ولا يعرف التكلم بالشكل الصحيح، وإن تكلم معي أو طلب مني شيئاً معيناً فتكون حالته كالتالي:

يتكلم بلسان مرتخ جداً جداً، ويمد في الكلام، وهو يتمايل، ولا أعرف ما هو الحل؟‍ وهو في البيت نادراً ما يتحدث مع أخيه أو مع أخواته، مع أن أخاه الأصغر أصغر منه بسنة فقط، وهو كذلك في مدرسته، لا يتكلم فقط يبتسم أو يضحك، ومع أولاد الجيران لا يتكلم، يبقى هادئاً معهم، ولكنه يذهب إليهم ويمشي معهم، فمثلاً: عندما تأتي جارتي عندي تقول له: أين أمك؟ يقف ولا يجيب، وبعد فترة من الزمن من الممكن أن يعطيها جواباً بلسان مرخ، ولا يجيب جواباً كاملاً، حيث أن مستواه الدراسي بدأ بالتدني بشكل ملحوظ، حيث أن علاماته أدنى من علامة النجاح، وأحاول أن أتابع معه دروسه إلا أنني في البداية أشعر أنه معي، وبعدها يسرح في عالم آخر، وأشعر بأنه يتابع شيئاً معينا ويسرح فيه، ويغرق معه، ولا أعرف ما هو‍‍‍‍‍‍، يبقى على ذلك فترة طويلة، وبعدها يعود، وأقول له عدت معي فيضحك ولا يعطيني أي شيء.

وأسأله مع من كنت؟ ومن كنت تتخيل؟ وما الذي أضحكك؟ وماذا تحسب في عقلك؟ لا يرد أبداً علي.

والمشكلة الأخرى عندي هي: زوجي، فلا يساعدني في هذا الموضوع، ولا يتكلم مع ابني مطلقاً (الذي هو ابنه طبعاً)، وعندما أناقشه بالموضوع يغضب ولا يتكلم كلمة واحدة، وزوجي مثالي معي جداً، ولا يحصل أي خلاف بيننا والحمد لله، ولكن ما يسبب المشاكل بيننا هو عندما أقول له عن ابننا، وأطلب منه أن يبادر في الحديث معه، ويقوي شخصيته، فيبقى زوجي صامتاً ولا يقول كلمة واحدة، مع أن زوجي حنون جداً علي، وعلى بناته، يعشقهن ويموت فيهن لدرجة غير طبيعية.

وزوجي يحب إخوانه وأخواته وعلاقته معهم جيدة جداً، وأبو زوجي (حماي) أب مثالي جداً، وهادئ، ويستمع لأولاده كثيراً، ولطيف جداً، ولكن لا أعرف ما سبب بعد زوجي عن أولاده الأول والثاني، يعني زوجي بعيد عن أولاده الذكور وأحسه لا يحبهم، ولا أشعر بأي حنان من قبله تجاههم.

ولكن مشكلتي مع الأول حيث أن ابني الثاني كثير الكلام، وفصيح جداً، وذكي، ودائم النقد والتعليق، ويتكلم معي كثيراً، ويناقش ويجادل أباه، ولكن ابني الأكبر لا يتكلم، ومثلما وصفت لكم حالته، فأرجو منك الإفادة وادعو الله لي أن يساعدني.

ولكم عظيم الأجر من الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم المجد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً على اهتمامك بأمر أسرتك، وبالطبع حتى تكون الأسرة فعالة فلابد أن يلعب كل فرد من أفرادها دوره ويقوم به كاملاً، ووصفك لزوجك بأنه مثالي هذا شيء مشجع جداً؛ لأن القصور والخلل في رب الأسرة يجعل من الصعوبة تخطي الصعوبات الزوجية وتجاوزها، ولكن ما دام الزوج يقوم بدوره ويتصرف بمعقولية فبقية المشاكل والصعاب يمكن تجاوزها والتغلب عليها.

ابتعاد الآباء عن أبنائهم الذكور قد يفسر نفسياً كما يقول أصحاب المدرسة التحليلية بأن الذكر يتنافس مع جنسه، وكذلك الأنثى مع الأنثى، وهذا يؤدي إلى تقارب بين الأب وبناته، والأم بأولادها، ربما لا نتفق مع هذا التفسير، ولكن ربما يكون فيه شيء من الصواب.

الشيء الآخر هو أن الكثير من الآباء يتوقع أن يكون ابنه الأكبر متميزاً، ويجب أن يقوم بدوره تلقائياً، وهذا بالطبع ليس صحيحاً، بالنسبة لحالة ابنك الأكبر فمع تقديري لمشاعرك كأم، فالوصف الذي ورد في الرسالة يشير أنه ربما يعاني من علة نفسية أساسية، فالأمراض الفصامية والشبه فصامية تظهر بالصورة التي وردت في وصفك لحالة ابنك.

حيث أن هذه الأمراض تظهر لدى اليافعين في شكل قصور في مهاراتهم الاجتماعية ومقدرتهم على التواصل، وضعف تطور اللغة واضمحلالها، أرجو أن لا تنزعجي، ونصيحتي لك هي أن يعرض هذا الابن على طبيب نفسي بأسرع فرصة ممكنة، وذلك من أجل تأكيد التشخيص، وإعطائه العلاج المناسب، خاصة أحد الأدوية المطلوبة في هذه الحالات، وبالطبع سيقوم الطبيب أيضاً بتوجيهكم نحو الطرق النفسية لتطوير مهاراته.

والذي أود أن أقترحه هو أن تعرضي لزوجك الكريم محتوى هذه الرسالة؛ وذلك من أجل إقناعه بضرورة عرض هذا الابن - حفظه الله - على الطبيب المختص، ولا شك أن اقتناع والده بوجود حالة مرضية سوف يجعله يكون أكثر مشاركة في توجيهه والاهتمام به.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً