الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستعيد حلاوة الإيمان بعد أن فقدتها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا أبلغ من العمر 23 سنة، متزوجة والحمد لله وزوجي على خلق ودين.
مشكلتي تكمن في كون إيماني بدأ ينقص بالتدريج، وقد لاحظت هذا منذ حوالي 3 سنوات (قبل أن أتزوج بسنة ونصف).

فبعدما كنت فتاة محافظة على صلاتي، كثيرة الدعاء والاستغفار، محافظة على الأذكار، أصبحت متهاونة في الصلاة، أنام عن صلاة الفجر رغم سماعي للأذان، لا أتلو القرآن إلا نادراً، لا أدعو الله إلا نادراً، لا أحس بالخشوع إلا نادراً بل أبداً.

ربما هذا راجع إلى طبيعة عملي، فأنا أرجع مرهقة من العمل، خاصة بعد زواجي، تراكمت علي المسؤوليات، فأصبحت مجبرة على التوفيق بين حياتي الزوجية والمهنية.

فهلاً ساعدتموني على الإحساس بحلاوة الإيمان واسترجاع نور وجهي من جديد!
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Meryem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الإنسان الذي ذاق طعم الشيء هو الذي يشعر بفقده، ولا عقاب أشد من الحرمان بعد العطاء، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من ذلك حيث كان يقول: ( أعوذ بك من الحور بعد الكور) أي: من الحرمان والتشتت بعد العطاء والقوة والتمكن، وما تعانين منه هو أمر مؤلم حقاً؛ لأنه مؤشر خطير على التدني والانحدار في شيء لو فقده الإنسان فقد كل شيء، ولذلك ورد في الأثر: (ابن آدم! أطلبني تجدني فإنك إن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء) ومن هنا فلابد فعلاً من وقفة صادقة وحازمة مع هذا الوضع المتدهور، ولكي يتحقق ذلك لابد أولاً من معرفة أسباب هذا التحول وهل حدث مرة واحدة أم تدريجياً، وهذا ما أوصيك به أولاً وقبل كل شيء معرفة أسباب هذا التحول، وهذا يحتاج إلى مصارحة ومحاسبة للنفس ودراسة للواقع المعاش الآن، فابدئي أولاً وقبل كل شيء بمعرفة الأسباب واحصريها بدقة.

ثانياً: انظري في هذه الأسباب واجتهدي في تحديد أثرها وأخطرها عليك، فإن كان يمكن القضاء عليها فلابد من ذلك ولو مع شيء من الصبر والتدرج، وإن كان لا يمكن القضاء عليها فلا أقل من تخفيف حدتها وتقليل تأثيرها، وهذا أمر ضروري لابد منه لأن معرفة الداء يسهل وصف الدواء وبدون ذلك لا علاج.

ثالثاً: ضرورة التأكد من أن هذه المشكلة لا تهم شخصاً غيرك ولم ولن يعالجها سواك، ولذلك لابد من وضع خطة محكمة ولابد من الالتزام بها مهما كانت الظروف والالتزامات؛ لأنه إذا تركت الأمر للظروف والمناسبات فلن تتخلصي من هذه الأعراض مطلقاً، فلابد من الآن من مواجهة نفسك وإلزامها ببرنامج معقول حتى لا تتوقفي مرة أخرى وخير الأمور أوسطها.

فعلى سبيل المثال: لا بد من توفير وقت لقراءة جزء أو نصف جزء من القرآن يومياً مهما كان التعب والاجتهاد وكثرة الالتزامات، لأن نفسك ودينك أهم من زوجك وعملك وأولادك؛ لأن هؤلاء جميعاً لن يغنوا عنك من الله شيئاً.

وهذا ما أقصده بضرورة الالتزام ببرنامج متوسط ومحدد بصفة يومية حتى يصبح عادة في حياتك كالأكل والشرب والنوم؛ لأن المشكلة عندك أن هناك أموراً صارت عندك في حياتك أهم من هذه العبادات فقل اهتمامك بها رغم شعورك وإحساسك بأهميتها وخطورتها ولكنك لم توفري لها الاهتمام اللائق بها فماتت وخرجت من حياتك رغم رفضك لذلك، ولهذا أقول: لابد من الالتزام ببرنامج يومي على أن يكون معقولاً ومتوسطاً حتى لا تتوقفي عنه مرة أخرى لصعوبته، ومن هنا فأقدم لك برنامجاً متوسطاً، لعل وعسى أن تعودي وتنهضي:

1- استعمال ساعة منبه لإيقاظك لصلاة الفجر وجعلها بعيدة عنك حتى لا تغلقيها وتواصلي النوم.

2- لا مانع من الاستعانة بأحد الأقارب أو الصديقات أو الأرحام أو الأخوات لإيقاظك بالهاتف لصلاة الفجر على ألا يرد على الهاتف إلا أنت، حيث أنك سوف تخرجين من حالة النوم العميق إلى حالة الانتباه واليقظة مما يجعل من الصعب عليك العودة إلى النوم مرة أخرى بعد أن استعملت الهاتف.

3- إلزام نفسك بورد يومي من القرآن بصفة دائمة حتى ولو كان نصف جزء يومياً.

4- المحافظة على أذكار الصباح والمساء وعدم التهاون في ذلك.

5- استغلال الفراغات في ذكر الله تعالى، والإكثار من الاستغفار والتوبة.

6- عدم تضييع وقت كبير في مشاهدة التلفاز وإن كان الأفضل عدم مشاهدته تماماً.

7- عدم اصطحاب أي عمل من أعمال شغلك إلى المنزل إلا للضرورة القصوى.

8- تقليل مساحة ضياع الوقت في الخروج أو الزيارات حتى تتفرغي لنفسك ولدينك.

9- المشاركة في حضور بعض المحاضرات أو الدروس الدينية إن تيسر ذلك.

10- البحث عن صحبة طيبة صالحة لتعينك على العودة إلى ما كنت عليه.

11- القيام للصلاة بمجرد سماع الأذان فوراً مع عدم التأجيل مهما كانت الأسباب.

12- الاجتهاد في إتقان عملك حتى يكون طعامك حلالاً، وأن الحرام والمشبوه لا بركة فيه بل ويمحق البركة من الأعمار ويؤدي إلى عدم قبول الأعمال.

13-الدعاء والإلحاح على الله والبكاء بين يديه أن يرد عليك حلاوة الإيمان وأن يقبلك في عباده المؤمنين.

وأبشرى بفرج من الله قريب مع هذا البرنامج، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب كريمة العياط

    كل هادا صحيح بل التاثير الكبير لاسترجاع حلاوة الايمان يجب اجتناب المعاصي لان كل معصية تقلل الايمان

  • يونس. المغرب

    جزاك الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً