الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إمكانية تسبب العين بالإصابة بفيروس الكبد (B)

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد يا إخوتي -بارك الله فيكم- رأياً شرعياً وطبياً:

قبل فترة سمعت شيخاً (على فضائية) يتحدث عن الأمراض، وذكر أن الحسد يسبب الأمراض، وذكر بالذات مرض الكبد الوبائي (b) وحيث أنني حامل للفيروس انتبهت بقوة، فقال الشيخ أن هذا الفيروس يصيب الإنسان في بعض الحالات كنوع من الحسد، وحيث أنني قرأت عنكم في هذا الموقع المميز أن 30% من الحالات غير معروف سبب العدوى مثل حالتي، فهل هذا صحيح أو ممكن طبياً وشرعياً؟

وذكر أن العلاج بالرقية والأعشاب، لا دواء طبي والأعشاب خلطة من الروند والخرشوف والنعنع ولا أدري أعشاب كهذه، فما رأيكم بذلك، وهل أشرب هذه الأعشاب حيث أنني أستطيع توفير هذه الخلطة أو الخلطات الأخرى؟

وبعثت اليوم لأني أيضاً قرأت نشرة صغيرة تحث على ضرورة التخلص من الفيروس من النوع (b) حيث أنه بعد 20 سنة سيسبب مصائب للجسم، فخفت وفزعت فزعاً كبيراً، وبالتأكيد لا أعترض على قضاء الله -والحمد لله- لكني خفت، وحين سألت طبيبي المختص: قال لي أنه ربما لن أتخلص منه أبداً (الاحتمال قليل جداً )، ولكن بفحوصاتي (حيث -بحمد الله- النتائج جيدة، وأنني غير معد، والإنزيمات والصورة للكبد وكلها -بفضل من الله وما شاء الله لا قوة إلا بالله- جيدة).

أيضاً سأعيش عمري الذي كتبه الله لي دون أي مشاكل، وحتى لو حملت الفيروس 50 سنة، فهدأت وأسأل الله الشفاء التام.

ولكن أردت الحقيقة بخصوص قصة الحسد؛ حيث أن كل من حولي يقولون لي أيضاً أنه حسد تماماً.

وأيضاً ودون تخطيط، والله أقرأ بكتاب بالأمس (وقاية الإنسان من الجن والشيطان لوحيد عبدالسلام بالي) وإذا به يذكر المؤلف أن الشيطان يستطيع أن يدخل جسم الإنسان، ويسكن أي عضو، فصرت أربط المواضيع ببعضها من الحسد والسحر والجن والشيطان والفيروس أنه شكل من ذلك، ومن ناحية أخرى تسكنني الوساوس وأتخيل السرطان والتليف والهم والنكد، وأن ابنتي ستتربى دون أب وغيره، وأقول بما أنه عشرين سنة فربما كان عندي من عشرين سنة (واقتربت النهاية) وأشياء كهذه الأفكار المزعجة.

وعلى فكرة مؤلف الكتاب هو وحيد بالي، ولما سألت عنه تبين أنه ليس دجالاً مثلاً، وأنه له اجتهادات يحترم بها.

أنا لن أنجر -إن شاء الله- وراء أوهام ودجل أو خرافات أو أعشاب وغيره، أنا بحمد من الله وفضله متعلم مثقف، وأحترم عقلي (معجزتي الكبرى) ولكن بعثت أستوضح الحقيقة، وكي لا أسمح لهذه الأفكار أن تبقى عندي، وفي عقلي أريد طردها تماماً -إن شاء الله-.

وعليه بعثت ناشداً الصواب والدعاء منكم والنصائح القيمة والكلمات المطمئنة (نعم أريد الطمأنينة ) لأثبت على الصواب والسداد، ولا يحدث عندي انفصام بالأفكار من كثرة ما نقرأ ونسمع، ووالله إنني متفائل دوماً وجداً، وأكون أحياناً في قمة التفاؤل، ولكن تعلمون ضعف الإيمان أحياناً يزعزع الثبات، ولكني - إن شاء الله - ثابت على الحق -والحمد لله- دوماً، وأستغفر الله العظيم ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وادعوا لنا بارك الله فيكم.

وشكراً لكم وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نادر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يلبسك ثوب العافية، وأن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يربط على قلبك كما ربط على قلب الصالحين من عباده، وأن يزيدك يقيناً به، وثقة فيه، وحسن توكل عليه، وأن يعافيك من الوساوس والهواجس، وأن يرزقك القرار والاستقرار، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك فإنك تعلم أن القنوات الفضائية فيها الخير والشر، وفيها الغث والثمين، وفيها الطيب والخبيث، وكلٌ يُدلي بدلوه دون أن يحاسبه على ذلك أحد، قناة أنشأها بماله أو كان ضيفاً على أهلها فيقول ما شاء، والقنوات الآن التجارية وقنوات الإعلام – كما تعلم - تملأ تلفزيونات العالم الآن بالمئات، فهذه القنوات لا تستطيع حقيقة أن تأخذ معلومة دقيقة من أي أحد، وإنما الأمور تحتاج حقيقة لنوع من التروي ونوع من الحذر والحيطة؛ لأن هناك دجاجلة، دجَّالون وسحرة وكهنة وعرافون ومشعوذون لهم قنوات الآن، قناة فقط لتفسير الأحلام بطريقة ما أنزل الله بها من سلطان، وقناة لقراءة الفنجان، وقناة لكذا وقناة لكذا، كثرت هذه القنوات، ووجود أُناس لا نعرف عنهم شيئاً وغير متخصصين، هؤلاء الذين يستطيعون أن يفتحوا استديوهات من بيوتهم وأن يُنشئوا قنوات في محل بقالة ويخرجون على العالم، ولا تستطيع أن تمنعهم، لأنهم قد يأخذون ترخيصاً من الجهات الرسمية ويبثون هذه السموم دون مراعاة لقبول الناس لها أو رفضها.

فأنا أقول لك ليس كل ما يسمع يقال، وليس كل ما يُعلم يقال، وليس كل ما يقال يُعقل؛ ولذلك أقول: كون الحسد يُؤثر ويسبب فيروس الكبد الوبائي (B) أو (C) أو غيره هذه المسائل تحتاج حقيقة إلى لجان علمية كبرى، المعالجون الذين يعالجون بالرقية الشرعية يقولون نعم إن الحسد يؤثر ونحن نقول نعم إن العين حق، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (العين حق، وإن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر)، فالعين تقتل، صحابي من الصحابة نظر لأخيه وهو يغتسل معه في بركة واحدة فلم يستطع أن يخرج من البركة، وظل نائماً فيها من شدة العين حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فرقاه، وهذا أمر حقيقي، والعين منها العين التي تحرق، والعين الخارقة التي تخرق، والعين القاتلة التي تقتل، هذا كله موجود؛ لأنه عبارة عن سميات تخرج من الجسد كأشعة الليزر وغيرها فتؤثر بإرادة الله تعالى، الحاسد ليس له القدرة على إلحاق الضرر بأحد، والساحر كذلك ليس له قدرة على إلحاق الضرر بأحد؛ ولذلك قد يحسد فتؤثر عينه، وقد يحسد فلا يتأثر به أحد، فالساحر قد يقوم بعمل مائة سحر في اليوم فلا يتأثر إلا عدد قليل، وبقية الناس لا يتأثرون رغم أن السحر صُنع لهم، ولكن شاء الله تبارك وتعالى أن يحفظهم، فكل شيء يقع في الكون بإرادة الله -جل جلاله-.

والأعشاب الطبية -أخي الحبيب بارك الله فيك- لا مانع أيضاً من استعمالها فإنه ثبت الآن جدواها، ولكن من الذي يصف الأعشاب؟ ومن الذي يصنف الأعشاب، ومن الذي يحكم عليها؟ بعض العطارين الآن أو بعض التجار أصبح يأتي بأعشاب من البداية ولا يعرف عن اسمها شيئاً فيكتب عليها أسماءً حتى يروج لبضاعته خاصة بعد انتشار ما يعرف (الطب البديل)، ومن هنا أيضاً حتى لو قدر الله وكان هناك علاج بالأعشاب لا بد أن نتأكد من جهة أهل الاختصاص والخبرة والعلم أن هذه الأعشاب هيَ هي، أما مجرد صورة أو أي أعشاب تظهر ويقال للناس بأنه كان يفعل وكان يفعل، هذه حقيقة مسائل أيضاً فيها نوع من العشوائية ومن تضييع أموال الناس بالباطل ومن إشاعة الفوضى والبلبلة وعدم الاستقرار لدى عموم المسلمين.

وأنت الآن بارك الله فيك قد عرضت نفسك على أخصائي وقد بشرك بخير بأن إنزيمات الكبد، -الحمد لله - معتدلة وأن صورة الكبد جيدة، وصحة الكبد مستقرة، فلا أرى أنك في حاجة لهذا كله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو رسول الله ما كان يتولى علاج كل الحالات، فهناك حالات عالجها بالرقية، وهناك حالات عالجها بالقراءة فعلاً، وهناك حالات عالجها بالطب، فلقد طلبَ عندما طُعن سعد رضي الله عنه أن يستخدموا له طبيباً، وكان يطلب من بعض أهل المرضى أن يستخدموا طبيباً، فلما جاء الطبيب سأله صلى الله عليه وسلم فوجد أن خبرته أقل، فجاء بطبيب آخر فسأله فوجد أن خبراته وإمكاناته أعلى، فقال: (هذا يبقى وهذا ينصرف).

فبارك الله فيك الالتزام بالإسلام والعمل بالطاعة والاستقامة على العبادة ليس معناه إلغاء الأسباب أبداً، وإنما الأسباب هذه إنما هي جزء من هذا الدين العظيم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: (تداووا عباد الله ولا تتداووا بمحرم) ويقول: (تداووا عباد الله فإن الله ما خلق داءً إلا وخلق له دواء علمه من علمه وجهله من جهله)، فلا يجوز لنا أبداً أن نغلق أبواب الطب الطبيعي الذي عرفه الناس منذ آلاف السنين، وأن نذهب إلى رجل يقول بأن هذا الفيروس سببه العين أو الحسد أو غيره، ومع ذلك نقول يمكن أن تكون سبباً في هذا المرض أو في غيره، ولكن لا نستطيع أن نجزم قطعاً بأن هذا المرض بسبب هذه العين أو غيرها.

وعموماً في جميع الأحوال لا مانع من استعمال الرقية الشرعية، ما دام هو يقول هناك آيات قرآنية وهناك أعشاب، فأنا أقول: أما الآيات القرآنية فبمقدورك -بارك الله فيك- أن تأتي بكتاب للرقية الشرعية أو بشريط من الأشرطة المسجلة -وهي عندكم الحمد لله كثيرة في بلادكم- وأن تقرأ على نفسك، ولا يلزم أن تذهب إلى واحد متخصص لأننا لسنا في مجال الطب التجريبي، وإنما هذه القراءة متوقفة على الإخلاص وعلى صدق الراقي، وأنت قطعاً ستكون أصدق في علاج نفسك من أي طرف آخر.

فأقول: إذا كان ولا بد فلا مانع من رقية نفسك من الحسد وغيره بالرقية الشرعية المعروفة، وهي متوفرة في الكتب وكثيرة، تستطيع بها -إن شاء الله تعالى- أن ترقي نفسك، لعل الله أن يجعل شفاءك في ذلك، ولكني أقول: لا ينبغي أن نعول على هذه المسائل وأن نقول أن كل الأمراض سببها السحر أو الحسد أو المس أو العين؛ لأن هذه دعوى تحتاج إلى دليل ولا يوجد دليل قاطع عليها حتى يومك هذا.

الحسد يؤثر نعم، والعين تؤثر نعم، والمس يؤثر نعم، ولكن كل ذلك بقدر الله تعالى، ليس بقدرة الحاسد أو قدرة الجن أو قدرة العائن، وإنما جعلهم الله أسباباً لتحقيق هذا الأمر في عباده حتى يُثاب هؤلاء بالصبر وحتى يأخذ هؤلاء الأجر، ولكن كما ذكرت الحسد حق وله علاج بالرقية الشرعية، فلا مانع أن ترقي نفسك أو أن تستعين بمن يرقيك لعل الله -تبارك وتعالى- أن يعافيك من ذلك كله ببركة القرآن العظيم، كذلك هذه الأعشاب التي ذكرها متوفرة في الأسواق أيضاً، فلا مانع من استعمالها، وما دام ليس لها أعراض جانبية أرى أنه يمكن استعمالها ولا حرج في ذلك؛ لأنها هي نوع من الدواء ولكنه دواء أقل مشاكل، فبدل أن يكون دواء مركبا أو غيره فإنها ستكون دواء طبيعياً، وإن شاء الله تعالى إذا لم تنفع لن تضر، ولكن -كما ذكرت- لا بد من التحري عن جدواها عند أهل الاختصاص.

أسأل الله -تبارك وتعالى- أن يثبتك على الحق وأن يُذهب عنك هذه الوساوس وهذه الأفكار الهدامة وأن يربط على قلبك، وأن يمتعك بالصحة والعافية، وأن يزيدك توفيقاً وسداداً، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والله ولي التوفيق.

انتهت إجابة الشيخ موافي عزب المستشار الشرعي تليها إجابة الدكتور محمد حمودة لتكتمل الفائدة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا أخ نادر ربما هذه هي الإجابة السادسة على رسائلك المختلفة وبأسماء مختلفة، والآن أنت تقول أنك لن تنجرف وراء الأوهام، وأنك تحترم عقلك ( معجزتك الكبرى )، بينما أرى العكس، أرى إنساناً لا يحكم عقله، وقد سمع أحدهم يقول إن الحسد يسبب الفيروس (بي)، فبالله عليك كيف يمكن لرجل يحسد أن يدخل الفيروس إلى جسمك، ورسالتك المطولة لا تشير إلى أنك لا تحكم عقلك، فقد فزعت لأنك قرأت رسالة حول الفيروس، وكنا قد أرسلنا لك أنا والشيخ الهنداوي والدكتور عبد العليم إجابات مطولة، وإشارة إجابتك على إجابتنا أن قد ارتحت نفسياً أول ما أصبت به.

أما الرقية فقد أشار إليها شيخنا الفاضل موافي فيجب أن تكون بإخلاص وتوكل على الله أولاً وآخرا، فهو من بيده الشفاء أولاً وآخراً.

أرى أن تقوي إيمانك بالله، وتؤمن يقيناً بأن ما أصابك ما كان ليخطئك وما أخطأك ما كان ليصيبك، وأن الله يبتلي الإنسان، وعلى قدر صبره يكون الثواب لا على قدر جزعه.

لقد استشرت الأطباء، وعملت كل ما بوسعك فما عليك إلا أن تؤمن أولاً وآخراً أن الشفاء بيده وحده، وعندما تصل إلى درجة اليقين عندها لا تسأل إن كان الفيروس ما زال في جسمك، وثق تماماً أن بإيمانك ترتفع معنوياتك، وقد ترتفع مناعتك حتى إنك قد تتخلص من الفيروس، والله على كل شيء قدير، وإنما أمره بين الكاف والنون.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً