الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرجوع إلى العادة السرية بعد الإقلاع عنها، ما رأيكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بعد أن توقفت عن ممارسة العادة السرية لمدة عام ونصف غلبتني شهوتي ففعلتها مرة ثانية، وأشعر أنني منافق، فقد كنت أنهى أصدقائي عنها، وأحس أنني أطيع الله في الظاهر، فهل من نصيحة تخفف عني؟

ولكم مني جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد .. حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، وأسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعافيك من هذا البلاء، وأن يصرف عنك كل علة وداء، وأن يغفر ذنبك وأن يستر عيبك، وأن يجعلك من أهل العفاف والحياء، وأن يجعلك من الذين يظلون بظله يوم لا ظل إلا ظله، إنه سميع الدعاء.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنك تعلم أن الله تبارك وتعالى يقول: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}، وقال: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}.

وأنت عندما توقفت عن ممارسة هذه العادة لمدة عام ونصف كنت من التائبين، ولذلك أكرمك الله -تبارك وتعالى جل وعلا- بمغفرة ذنبك، لأنك توقفت عن هذه العادة السيئة ابتغاء مرضاة الله تعالى، وأحسبك كذلك، ومن هنا فإن الله -تبارك وتعالى- قد أغلق هذا الملف القديم تماماً، حتى يعينك على أن تستقيم وأن تتحسن فيما هو آت، ولكن الذي حدث هو أن الشيطان لم يعجبه هذا التصرف واستكثر عليك أن تكون من أولياء الله الصالحين، واستكثر عليك أن تكون من الذين يحبهم جل جلاله؛ لأن الله أخبرك بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، فالشيطان استكثر أن تكون أنت ممن يحبهم الله؛ لأن أحباب الله -تبارك وتعالى- في أعلى مقام، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((والله لا يلقي حبيبه في النار أبداً))، ولذلك حرمك الشيطان من هذه المنزلة.

فلا بد أن تكون واقعياً، فكما يقولون: (إذا عرف السبب بطل العجب)، أريدك أن تقف مع نفسك الآن، وأن تعرف ما هي الأسباب التي أدت بك إلى الرجوع إلى هذه المعصية، لا بد أن تحدد وبدقة ثم تضع خطة للتخلص من هذه الأسباب، واعلم أن الأمر ليس مستحيلاً ولا صعباً، فكما وفقت في المرة الأولى ستوفق في هذه المرة، فابحث ما الذي جعلك في المرة الأولى تُقلع عن هذه المعصية، قطعاً هناك أسباب وعوامل، حاول أن تستحضر هذه الأسباب وتلك العوامل الآن وأن تضع نفسك فيها، وأنا واثق بأنك بهذه النمذجة ونقل هذا الفشل بالنجاح سوف تنجح بإذن الله تعالى.

والواحد منا يستصحب ما يعرف (خط الزمن)، بمعنى أنه إذا استصحب القوة وجدها، وإذا استصحب السعادة وجدها، وأما إذا عاش في الماضي المحزن والكئيب فإن ملامحه ستتغير وتبدو عليه علامات الحزن فقط، والدليل على ذلك أن أي إنسان عندما يكون جالساً وتمر عليه ذكرى سعيدة يفاجأ بأنه ترتسم على فمه ابتسامة وعلى وجهه ومحياه السعادة، رغم أنه عادي لم يفعل شيئاً، وكذلك أيضاً إذا مرت به ذكرى محزنة فإنك تشعر بأن شكله يتغير، ووجهه أحياناً قد يميل إلى السواد ويحدث عنده نوع من الانقباض، رغم أنه لم يفعل شيء ولكنها الذاكرة.

فأنت الآن توقفت منذ عام ونصف عن هذا الشعور أو عن هذه المعصية، فالآن لا بد أن تأخذ هذا الشعور الطيب الذي أكرمك الله به، وأن تضعه الآن في هذه المرحلة، وابحث عن الأسباب التي أدت إلى تردي حالتك وإلى عودتك مرة أخرى واجتهد في القضاء عليها، فإذا كانت الخلوة فحاول أن لا تكون وحدك، وإذا كان الأصدقاء فحاول أن تتخلى عنهم، وإذا كان جهاز الكمبيوتر والإنترنت فحاول أن تتخلى عنه، وإذا كان الجلوس لفترة طويلة في دورات المياه حتى يستحوذ عليك الشيطان فحاول أن تقلل من ذلك، والمهم أن تعلم أن الحل في يدك وحدك، فأنت الذي تدري ما هي نقطة الضعف التي تسرب الشيطان منها إلى قلبك وبدنك، وحاول أن تُغلق هذه النقاط ولتكن جاداً.

وكم أتمنى أن تستصحب معك سلاح الدعاء، فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبرنا أن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وأخبرنا أيضاً أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، فاجتهد -يا ولدي- في الدعاء خاصة بعد أدبار الصلوات المكتوبات، وأنت في سجودك، وأنت في صلاة السنن، وأنت تمشي وحدك، بين الأذان والإقامة، وادع الله تعالى أن يعافيك، ويمكن كذلك أن تستعين بدعاء والدتك ووالدك وإن لم تخبرهم بما تفعل؛ لأن دعاء الوالدين لولدهم لا يرد، فاجتهد في ذلك أيضاً.

واطلع على الاستشارات التي تتحدث عن كيفية علاج العادة السرية أو التخلص منها، وستجد كمّاً كبيراً من المعلومات التي تغذيك وتغذي عقلك، وترفع من معنوياتك وتشد من أزرك، واعلم أن من تاب تابَ الله عليه، وأنك كنت في منزلة حرص الشيطان أن يحرمك منها وقد نجح، فهل تحاول مرة أخرى أن تنتصر على الشيطان وأن تثبت لنا أن كيد الشيطان ضعيفٌ كما حكى الله -سبحانه وتعالى-، وأن المؤمن قوي وأن الشيطان يخاف من المؤمن؟

نسأل الله أن يعينك وأن يوفقك وأن يأخذ بيدك وأن يقيك الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن تكون صادقاً صدوقاً وأن يجعلك ممن يظلون بظله يوم لا ظل إلا ظله، إنه جواد كريم.

ولمزيد الفائدة يراجع:
• أضرار هذه العادة السيئة: (2404 - 3858 - 24284 - 24312 - 260343).
• كيفية التخلص منها لمن ابتلي بها: (227041 - 1371 - 24284 - 55119).
• الحكم الشرعي للعادة السرية: (469 - 261023 - 24312).

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً