الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استفادة الطلاب بعضهم من بعض في الدراسة.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود أولاً أن أشكركم على مجهودكم المقدر تجاه القراء نسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.
أنا طالبة دراسات عليا في غير بلدي، ولي صديقات عزيزات علي، دارسات أيضاً. قصدتني إحداهن بسؤالها في نفس الوقت الذي كان فيه السؤال يدور بخلدي فرأيت أن أرفع مسألتنا إلى حضراتكم لتشوروا علينا، وتقدموا لنا النصح ما أمكنكم، بارك الله فيكم.

فصديقاتي إحداهن (الأولي) مجتهدة كثيراً في دروسها وساعية في طلب العلم بكل جد، وشخصيتها جادة متزنة كثيراً، والصديقة الأخرى (الثانية) ميالة للمرح وقضاء وقتها في أشياء أخرى بعيداً عن الدراسة، وتأتي كل فترة وتأخذ خلاصة دراسة صديقتنا الأولى، وهذه الصديقة الثانية ذكية سريعة الفهم وموفقة من عند الله.

لذا تتحصل على درجات أعلى من الصديقة الأولى بالرغم أن كل العمل والمجهود يرجع للأولى، فحزنت الأولى، وشعرت أن هنالك شيئاً من عدم الإنصاف أن تسهر وتجتهد، وتأخذ الصديقة الثانية مجهودها، وتتفوق عليها به.
فهي تسأل هل هناك إثم عليها إذا لم تمكن صديقتنا الثانية من دفاترها، ولم تعنها لتتركها تجتهد بنفسها؟

وسؤالنا الثاني: أنا في نهاية دراستي وبإذن الواحد الأحد ستكون المناقشة يوم (16) يوليو فلا تنسونا من صالح الدعاء، بينما صديقاتي في منتصف دراستهن، وقد طلبن مني أن أترك لهن نسخة من أطروحة أو كتاب الماجستير حقي، والذي يحتوي على حوالي (400) صفحة للاستعانة به، والحق لله لم أنشر كل محتوياته في مجلات علمية ليثبت لي الحق الأدبي فيه، وهو مجهود وتعب سنين، بالإضافة أني خسرت فيه أموالاً طائلة؛ لأني اكتشفت مؤخراً أن مشرفي ليس له جهة تمول أبحاثه، بالإضافة إلى أني عندما بدأت لم يكن لي دراية بعلم الإحصاء لتحليل بياناتي وأطلع بنتائج، وكذلك لم يكن لمشرفي خلفية ليساعدني في هذا التحليل.
فذهبت إلى مدرسة العلوم الرياضية ودرست هذه المادة لأكثر من عام حتى أتقنتها، والآن صديقاتي يردن كتابي للاقتباس أو النقل منه، وأنا لا أجد ميلاً في تمكينهن من عملي، ولكن على استعداد لمساعدتهن بالشرح الوافي، وأيضاً أن أقوم بعمل التحليل لهن؛ لأنه ليس فرضاً على الطالب تعلمه، وقد يكون مكلفاً لهن، وقد يستغرق وقتاً.

الآن أشعر بحرج من منعهن كتابي حتى يتم نشره، وفي نفس الوقت لا أحب أن أعطيهن.فهل علي إثم وأعتبر كمن كتم علماً، وسألجم بلجام من نار يوم القيامة، كما سمعت من البعض؟

رجاءً الإفادة بارك الله فيكم، وجزيتم خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإن تمكين الأخريات من المعلومات المفيدة هو شأن وأدب الطالبة المسلمة الموفقة السعيدة، وقد بلغ حسب البذل لعموم للناس عند سلفنا مبلغاً عظيماً حتى قال الشافعي رحمه الله: "وددت لو أن الناس تعلموا هذا العلم ولم ينسب إليَّ منه حرف واحد"، وقال: "ما ناظرت أحداً إلا أحببت أن يظهر الله الحق على لسانه".
ونحن نتمنى أن تمكني صديقاتك من الاستفادة من رسالتك العلمية، والأمانة تقتضي أن ينسب الفضل لأهله، كما أرجو أن تمكني الصديقة الأولى أختها الثانية من الاستفادة من كتبها مع ضرورة النصح لها؛ لأن المطلوب ليس مجرد النجاح في الامتحان وإنما المطلوب هو التوسع في الفهم والاجتهاد في المذاكرة، والفرق كبير في ميدان الحياة بين الذي ينال شهادة بسهولة وعلى أكتاف الآخرين وبين الذي ينال شهادة بمجهوده بعد توفيق ربه سبحانه.

وإذا كان الإسلام يذم من يبخل بالمال فإن ذمه لمن يبخل بالعلم أشد وما من إنسان عاون إخوانه على النجاح وساعدهم إلا كان التوفيق حليفه في سائر أحواله، وقد مرت بنا نماذج كثيرة من هذا النوع ومن النوع الآخر.

ويؤسفنا أن نقول إن هذا المرض دخل إلى ساحة العلوم الشرعية أيضاً، فأصبحنا نسمع أن حقوق الطبع محفوظة، وأن هذا العمل لا يجوز نسخه أو تصويره إلا بإذن... مع أن المعلومات يجمعها من علماء بعضهم أحياء وبعضهم أموات لم يطالب أحدهم بحقوقه، ومن هنا فنحن ننصح كل طالب علم بضرورة أن يبذل العلم ويفرح إذا استفاد الناس من علمه، وندعو كل من يستفيد إلى أن يتأدب بآداب طالب العلم، والتي من أهمها الأمانة العلمية وعليه أن يدعو لمن أفاده بمعلومة صغرت أم كبرت، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أدبنا وعلمنا بأن نقول لمن أسدى إلينا معروفاً أن نقول له (جزاك الله خيراً) إذا لم نجد ما نكافئه به. مع ضرورة العزو إلى المصدر المستفاد منه، وهذا من الأمانة.

وهذه وصيتي لكنَّ جميعاً بتقوى الله، وأرجو أن تكون صداقتكنَّ على الطاعة والخير والنصح والتمسك بهذا الدين الذي شرفنا الله به؛ لأن هذه الصداقة الوحيدة التي سوف تدوم وتؤجرن عليها.

ونسأل الله لكنَّ التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً