الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العناد عند بعض الطلاب في سن البلوغ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد أعجبتني إجاباتكم عن الأسئلة في مختلف الميادين والمجالات، خاصة شموليتها وتحليلها للأسباب ثم بعد ذلك طرق الوقاية والعلاج.

أنا شاب أعمل بحمد الله في مركز لتحفيظ القرآن الكريم، وأواجه الكثير من المشاكل في نفسيات الطلاب، وسؤالي عن العناد لدى طالب عمره أربعة عشر عاماً - حديث البلوغ - بالإضافة إلى الحقد وأخذ الحق باليد وعدم المسامحة.

علماً بأن هذا الطالب نشيط ومثابر، ولكن هذه المشكلة أثارت عنده الكثير من المشاكل الأخرى كالثقة الزائدة عن الحد، مما جعله لا يستمع لنصح أحد، خاصة أنه أصبح يؤثر على من حوله، وأظن وبنسبة كبيرة أن هذه المشكلة هي من بيئة الأسرة؛ لأن هذه المشكلة منذ ثلاث سنوات - أي: وهو صغير السن - فهل لها حل مع هذه البيئة التي يمضي يومه معها يتعلم منها؟

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو حذيفة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب، وأسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً وأن يوفقك ويسدد خطاك على ما تقوم به من عمل لصالح شباب المسلمين.

فإن العناد عند هذا الطالب قد تكون أسبابه كثيرة..
فأولاً: قد يكون محاولة من الطالب لإثبات ذاته، فهي لغة ورسالة يرسلها للآخرين أنه موجود؛ لأنه ربما يكون أنه قد حسَّ بنوع من الاحتقار أو إشعاره بالدونية من زملائه أو حتى من الخارج – أي: من المجتمع أو في البيت أو مع أصدقاء خارج حلقات التحفيظ – كما أن العناد والتعانف وعدم المسامحة لا شك أن البيئة التربوية قد تكون لعبت دوراً في ذلك.

كما أن العناد وعدم التسامح أيضاً ربما يكون تعبيراً عن عدم الارتياح النفسي، حيث يُعرف أن الاكتئاب النفسي لدى الأطفال واليافعين لا يُعبر عنه عن طريق المزاج، أي أن الطالب لا يقول أني حزين أو أني متكبر، إنما تبدر منه سلوكيات سلبية وغير سوية كإبداء العنف وعدم احترام الآخرين، والبعض أيضاً قد يلجأ إلى السرقة، وهكذا... هذه كلها ربما تكون أيضاً دليل على وجود حالة من الاكتئاب النفسي.

وهناك أيضاً أمر آخر: بعض اليافعين في هذا العمر عند بدايات البلوغ يكونون في الأصل لديهم داء الحركة الزائدة حينما كانوا أطفالاً، وفي هذا العمر لا يظهر الأمر كداء زيادة في الحركة أو إفراط في الحركة، إنما يظهر في شكل عناد وتعانف وعدم تسامح، وثقة زائدة بالنفس.. إذن هذه أيضاً حالة مرضية.

كل هذه الحالات وكل هذه التفسيرات التي حاولت أن أضعها لك في رأيي قد تنطبق على هذا الطالب حفظه الله، والحل المثالي هو أن يُعرض على أخصائي نفسي، لكني لا أعرف مدى إمكانية ذلك أو إذا كان أهله سوف يقبلون ذلك أم لا، لكن أيضاً إذا لم تكن هناك إمكانية لذلك فما عليك إلا أن تتحدث مع أسرته حتى يُطبق نوع من العلاج السلوكي الذي تلتزم به الأسرة وأنتم في مركز التحفيظ. والعلاج السلوكي يقوم على التشجيع على الإيجابيات، والتوبيخ على السلبيات، مع ضرورة التركيز على الإيجابيات أكثر من السلبيات، وفي نفس الوقت نحاول أن نبني مهارات جديدة في هذا الطفل، بأن نشعره بأنه مرغوب فيه بأن نعطيه بعض الدور القيادي، كأن ينظم الحلقة، وكأن يحاول أن ينبه المشاغبين من الطلاب بصورة معقولة، وأن تقوم أسرته أيضاً بإعطائه نوع من الدور القيادي، وهذا يساعده كثيراً.

وأفضل أيضاً أن تجلس معه جلسات يومية تحثه فيها وتشجعه على المثابرة، وأن يتوقف عن السلوك والمسلك السلبي الذي يبدر منه من وقت لآخر.

هذا الطالب سوف يستفيد كثيراً أيضاً من ممارسة الرياضة، فلابد أن يمارس الرياضة لمدة ساعتين على الأقل في اليوم، فهو لديه الكثير من الطاقات النفسية السلبية، وهذه الطاقات النفسية السلبية أيضاً تدعمها طاقات جسدية، وهذه لابد من امتصاصها، والرياضة تعتبر مناسبة جدّاً، فأرجو أن تبذل ما تستطيع من أجل مساعدته، نسأل الله تعالى أن يثيبك على ذلك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً