الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاكتئاب النفسي ودور الأفكار الإيجابية في التخلص منها

السؤال

أُعاني من اكتئابٍ مزمن، وعدم الثقة في النفس، ورهاب اجتماعي، وانطواء على نفسي، وعبوس الوجه الدائم، وأعجز عن بناء صداقات وبناء علاقات اجتماعية مما سبب لي الفشل في حياتي العملية، وكثير التفكير والوسوسة، أحدث نفسي في صمت.

وعندما أكون جالساً بين إخواني تجدهم يتحدثون مع بعضهم ويضحكون وأنا صامت، لا أستطيع مشاركتهم في حديثهم حتى أنهم أسموني بالرجل الصامت، فكثيراً ما يعلقون على صمتي، ورغم أني لا أتأثر بتعليقاتهم إلا أنني أحس أن صمتي هو العائق في نجاحي، أحس بأنني تافه خجول حزين قلق، وما أعانيه هو رفيق طفولتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صمدو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك ذكرت أنك تُعاني من اكتئاب نفسي مزمن، والاكتئاب يساهم إلى درجة كبيرة في فقدان الثقة بالنفس وكذلك الانعزال وعدم الفعالية النفسية وعدم الجمود الوجداني والذي تعاني منه أنت الآن، وأريدك أن تصحح بعض المفاهيم، وأن تعيد تقييم ذاتك، هذه أمور مهمة لعلاج حالة الاكتئاب.

يعتبر علماء النفس أن الاكتئاب يأتي للناس نسبة لأفكارٍ سلبية تتأصل في داخلهم، ولذا رأى هؤلاء العلماء أن هذه الأفكار السلبية يمكن أن نقتلعها ونزيلها وذلك بإدخال الأفكار الإيجابية المضادة والمعاكسة لهذه الأفكار السلبية، وأن ننظر في الأفكار الإيجابية بتعمقٍ وجدية ونأخذها كأنيس وكصديق وكرفيق داخلي لنا.

الإنسان إذا قيم ذاته بصورة انهزامية وسلبية هذا لا يُساعده أبداً.. لابد أنه لديك إيجابيات كثيرة، لابد أنك قد أنجزت شيئاً في حياتك، لابد أنك تكون قد أفدت نفسك والآخرين في أمور كثيرة، هذه يجب أن تستشعرها ويجب أن تتذكرها ويجب ألا تتجاهلها.

أرجوك لا تقس على نفسك بتقييمها بهذه الصورة السلبية، ولا تحكم على نفسك أن هذا الاكتئاب قد أطبق عليك منذ الطفولة، لا تعش هذه الهواجس السالبة، فالماضي أيّاً كان فهو عبارة عن تجربة وليس أكثر من ذلك، والتجربة يستفاد منها لبناء الحاضر وتقوية المستقبل.

أنا أريدك أن تخرج من قوقعة الحزن إلى قوقعة الحياة الطيبة الجميلة، وعليك أن تسأل الله دائماً أن يعافيك، وأن تكون قريباً من الله تعالى مثل أن تكون حريصاً على صلواتك، حريصاً على وردك القرآني اليومي، أيضاً على الصلاة في جماعة بالمسجد، على الجلوس في حلقات التلاوة، ومتابعة الرفقة الحسنة، على زيارة الأرحام ومساعدة الضعفاء...هذه كلها آفاق عظيمة تفتح لنا باب الخير وباب الأجر وفوق ذلك تفتح قلوبنا وتشرح صدورنا وتزيل الهم والغم والكدر والحزن إن شاء الله.

الذي أقوله لك هو على أسس علمية، وأنا لا أريد أن أستعطفك دينياً، وإن كان هذا من حقي وحقك، ولكن أقول لك طبق هذا الذي ذكرته لك وسوف تجد أن أحوالك قد تحسنت كثيراً.

البشرى الأخرى التي أزفها لك هي أن الأدوية النفسية الحديثة وجد أنها فعالة جدّاً وأنها تُعالج هذه الحالات بصورةٍ ممتازة، بشرط أن يلتزم الإنسان بالجرعة التي يصفها الطبيب ما دام يثق في ذاك الطبيب، وأسأل الله تعالى أن يجعلني محط ومصدر ثقتك، وسوف أقوم بوصف بعض الأدوية التي أراها فعّالة، وحقيقة هو دواء واحد وليس أكثر من ذلك، ولكنك لابد أن تتناوله بالجرعة السليمة. الدواء يُعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، وهو معروف ومتوفر جدّاً في المملكة العربية السعودية، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة (خمسين مليجراماً) ليلاً وتستمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة بعد ذلك إلى حبتين (مائة مليجرام) في اليوم، تناولها ليلاً، واستمر عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة وخمسين مليجراماً في اليوم – أي ثلاث حبات – تناول حبة واحدة في الصباح وحبتين ليلاً، وهذه هي الجرعة العلاجية السليمة. استمر على هذه الجرعة العلاجية (ثلاث حبات) لمدة تسعة أشهر، ثم بعد ذلك انتقل إلى المرحلة الوقائية وهي أن تخفض الجرعة إلى حبتين في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم إلى حبة واحدة في اليوم لمدة عام، وهذا في نظري سوف يكون كافياً جدّاً.

إذن تناول الدواء بالصورة التي ذكرتها لك، وحاول أن تطبق الإرشادات التي ذكرتها، وأضيف لك أيضاً أن ممارسة الرياضة مهمة جدّاً، وهي تزيل الطاقات السلبية، وتبني طاقاتٍ نفسية إيجابية، كما أن تعلم مهارات اجتماعية بسيطة تساعد كثيراً في علاج مثل حالتك، ومن هذه المهارات أن تنظر إلى الناس في وجوههم حين تتحدث إليهم، وأن تصلي في الصف الأول خلف الإمام، وأن تتبسم في وجه إخوتك حين تسلم عليهم، وأن تمارس أي نوع من العمل الخيري أو الشبابي أو عمل البر والإحسان... هذه كلها مهارات اجتماعية ضرورية لهزيمة الاكتئاب وإعادة الثقة بالنفس وعلاج الرهاب الاجتماعي كذلك.

ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً