الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلة تعمد الظهور بشخصية مخالفة لما يجده الإنسان بداخله

السؤال

تعودت منذ صغري أن لا أُظهر لأحد أني حزينة، ودائماً أظهر أني سعيدة للغاية حتى وإن كنت أتقطع بداخلي، وكنت أعتقد بأن ذلك جيد، ولكني الآن أشعر أنني (أُمثِّل) في حياتي كلها، بمعنى أني أصبحت ممثلة ولا يعرف أحد ما بداخلي حتى ولو كنت سعيدة، وأتكلم مع كل شخص بشخصية غير التي أتكلم بها مع الآخر وأفصل بينهم مما أدى بعد ذلك إلى (تعدد الشخصيات).

وقد لاحظ ذلك المحيطون بي، فأنا على حد قولهم: أتحول كل أربع ساعات تقريباً، وكان الأمر في البداية مسيطراً عليه، أما الآن فلا أعرف من أنا من هذه الشخصيات، وتعبت جداً وأشعر أني ممزقة، فأرجو أن أجد الحل لديكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإننا نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ولا أعتقد أنك تعانين من تعدد أو اضطراب حقيقي في الشخصية، فالمنهج الذي كنت تنتهجينه وهو إبداء مشاعر بخلاف الشعور الحقيقي، هو نوع من الدفاع النفسي الذي قد يلجأ إليه الإنسان في بعض الأحيان، ومن ثم يتحول هذا الدفاع أو هذه الحيلة النفسية إلى وسيلة للتعامل مع العواطف والوجدان.

هذه نحن نعتبرها أمراً إيجابياً إذا كان في حدود المعقول، ولكن إذا كان هو الدفاع النفسي الذي يُستعمل دائماً لا شك أن هذا أمراً ليس صحيحاً وليس طبيعياً، ونقول لك: إن الحل الحقيقي في أن تتفاعلي مع الأمور بمشاعر متوازنة حسب ما يتطلبه الموقف، فالمواقف التي تتطلب الحزن يجب أن يحزن لها الإنسان دون مبالغة ودون إبداء أي نوع من الدراما أو التمثيل، وكذلك المواقف التي تتطلب الجدية لابد من إظهار ذلك، والمواقف المفرحة، لابد أيضاً أن يعبر الإنسان عن فرحه بصورة منضبطة.

كل الذي أراه هو أن تجاهدي نفسك وتقنعيها أنك سوف تعبرين عن مشاعرك بصورة تلقائية ومنضبطة، وأنت في مرحلة تكوين، تكوين عاطفي ونفسي وجسدي وهرموني ومعرفي، وأعتقد أن هذه فرصة طيبة جدّاً لك لأن تبني مشاعر وعلاقات وجدانية داخلية أكثر توازناً وأكثر انضباطاً.

لا تعيشي في الماضي، لا تكوني معنية به فهو قد انتهى، والمرحلة التي مررت بها هي عبارة عن تجربة، ومع احترامي الشديد، فأعتقد أن سنك في ذلك الوقت لم يكن يؤهلك لتقييم الأمور بصورة صحيحة ودقيقة، وأنت الآن الحمد لله دخلت في مراحل النضوج، وعليك أن تبني كما ذكرت لك علاقات وجدانية مع نفسك بصورة أكثر توازناً وأكثر انضباطاً، فأنا لا أريدك أيضاً أن تركزي على ما مضى كما ذكرت لك، تتعاملي معه كشيء قد انتهى، ويجب أن لا تكون هناك مبالغات في تحميل هذا الأمر أكثر مما يجب.

لا أريدك أبداً أن تتهمي نفسك بأنك ذات شخصية مضطربة أو شخصية متعددة، هذا مجرد نوع من المشاعر الداخلية، وأعتقد أن الأمر يتعلق بالمزاج والوجدان أكثر من حقيقة الشخصية.

أنصحك أيضاً دائماً بأن تحاولي أن تأخذي من الشخصيات المعتبرة، فهنالك قدوة يمكننا أن نتخذها في حياتنا، فتاريخنا الإسلامي الحنيف الحمد لله مليء بقصص الصحابيات والرائدات في مجالات كثيرة في حياة أمتنا العربية والإسلامية، إذن فالتشبه والاقتداء بالشخصيات المؤثرة يُضيف إضافات إيجابية جدّاً للتكوين النفسي للإنسان.

أريدك أيضاً أن تركزي على حياتك الطلابية الآن، ركزي على دراستك، كوني متميزة وكوني متفوقة، وهذا سوف يحاصر المشاعر السلبية ويقلل من تأثيرها عليك وعلى حياتك، نسأل الله لك التوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً