الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عنده بنات من زوجته الأولى ويريد الزواج

السؤال

أنا شاب عمري 34 سنة، كنت متزوجاً وبسبب شدة الخلافات انفصلت عن زوجتي منذ سنتين، وعندي طفلتان أعمارهما تسع وخمس سنوات، وهما برعاية أمي، بصراحة أشكو من توتر وقلق دائم، ولكن بعد فترة صرت أفكر بالزواج ورأيت فتاة تعمل موظفة فأعجبتني كثيراً وتحدثت معها مرة وأحببتها جداً، حتى صارت كل حياتي وتأخذ كل فكري، وعندما تقدمت لها بالزواج عن طريق أمي تفاجأت بوضعي، لأنها لا تعلم بأمري وكانت تعتقد أني شاب صغير بالعمر لا أتجاوز 26 سنة، وهذا من فضل الله علي أني أملك شخصية جيدة جداً، والكل يعتقد أني صغير، وارتاحت أمي لها، طبعاً البنت ليست صغيره، فعمرها 30 سنة وكانت مخطوبة بالماضي، وكانت البوادر كلها حسنة، ولكن بعد 3 أيام قالت: إنه لا يوجد نصيب، فأصبت بدرجة من الجنون والتوتر والحيرة، أعلم أن السبب الأكبر قد يكون بسبب بناتي، وأنا من يومها لا أستطيع الحياة ولا التفكير، ولا أحس بأي سعادة، وأشعر بحزن شديد وأسف على نفسي، لأنى والله أحببتها جداً، وتخيلتها زوجتي وعشت معها بأحلامي، وكانت صدمتي كبيرة على قدر ما كانت آمالي بها كبيرة، وأنا اليوم أعيش حزينا فاقدا لكل الأحاسيس وقلقا، وأعصابي مشدودة وأحس بانتقاص في نفسي، رغم أن الكل يشهد لي بأخلاقي وشخصيتي، وصرفت النظر عن الزواج بشكل عام، لأني لا أشعر برغبة في أي فتاه أخرى، وكرهت نفسي وتحاملت على بناتي لاعتقادي أنهن السبب، ماذا أفعل وكيف أكمل حياتي؟ ساعدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إياد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، فإنه من الواضح أنك اندفعت اندفاعاً شديداً نحو هذه العلاقة التي بينتها مع هذه الفتاة، وحصرت تفكيرك في أمر واحد وهو الزواج بها، واعتبرت من المسلمات أنها سوف توافق على الزواج بك، ولذا شعرت بالخذلان والحسرة والأسى بعد أن رفضت أو اعتذرت.

الذي أقوله لك: أنت تعرف أن أمر الزواج هو أمر قدري جدّاً، الإنسان يأخذ بالأسباب ويخطط لهذا الأمر، ولكن في نهاية الأمر إذا لم يكن للإنسان نصيب في هذا الزواج فلن يتم، هذا أمر مفروغ منه، والإنسان قد يكره شيئاً يكون أفضل له، وقد يحب شيئاً يكون شرّاً له، قال تعالى: (( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ))[البقرة:216]، وحقيقة ليس هنالك ما يجعلك تتفاعل بهذه الطريقة وتحمل على نفسك وتعيش في حالة من الكدر والسوداوية.

أنت لابد أن تكون متجرداً وواقعياً مع نفسك، وأنا أقول لك وبكل صراحة: الأمر الذي لم يكن صائباً هو أن هذه الفتاة لم تكن تعرف كل شيء عنك، أنا لا أقول أنك قد أخفيت عنها أمورا، ولكنها بدأت معك هي أيضاً علاقة وتجاوبت معك وكانت هنالك مؤشرات كثيرة أنها ستقبل بالزواج بك، ولكنها أبدت تحفظها لأنها لم تكن ملمة بمعلومات كافية عنك.

الأمر الثاني: أنا بالطبع مع التقدير لك ولا أريد أن أقلل من قيمتك بأي حال من الأحوال، ولكنك أنت رجل كنت متزوجاً، أنت رجل لديك ذرية من الزواج الأول، فلا شك أن الزواج الثاني بالنسبة لك يجب أن يكون محفوفاً ببعض التحفظات، فقد لا تقبل بك أي فتاة.

الأمر الآخر: أنت يجب ألا تأخذ الأمور فقط بمقياس العاطفة والانسياق نحو الميول الوجدانية، أنت بالنسبة لأي مشروع زواج تريد أن تقدم عليه لابد أن تفكر في وضعك، فأنت لديك بنات هنَّ في حاجة أيضاً إلى رعاية، ولا شك أن زوجتك المستقبلية يجب أن تتفهم هذا الوضع، ويجب أن تقبل في أن تشارك في رعاية بناتك بصورة مسئولة، ولا أحد قد يقبل بهذا الوضع بكل سهولة، وهذا يجب أن تتفهمه.

الذي أريد أن أصل إليه هو أني لا أريدك أن تعامل رفض هذه الفتاة كفاجعة، أنا لا أقول لك أنك أنت رجل معيوب، ولكن وضعك قد يجعل بعض النساء يترددن في القبول، ولكن في نفس الوقت أنت الحمد لله رجل شاب ولك كل المقومات التي تجعلك تجد الزوجة المناسبة.

الذي أقوله لك أيضا: يجب أن تتواءم مع نفسك، يجب أن تكون واقعياً، وفي رأيي هذا التفاعل الذي حدث لك هو تفاعل وقتي وعارض وظرفي، يجب أن تنظر إلى الأمور ببصيرة وبجدية وبعقلانية، وهذا حقيقة سوف يخفف كثيراً من مشاعرك حيال هذه الفتاة، واسأل الله تعالى أن يعوضك بمن هي خيراً منها، وأن يقسم لها أيضاً من هو خيراً منك، يجب أن يكون هذا هو تفكيرك وهذا منطقك، ولا أعتقد أبداً من الجميل أن تحمل على بناتك، فلا ذنب لهنَّ في هذا الأمر مطلقاً، يجب ألا تكون إسقاطياً، وإذا اعتبرت أن الأمر كان فيه رفض أو فشل تحمل ذلك لبناتك، هذا ليس أمراً مستحسناً، يجب أن تكن كل الود والمحبة لبناتك، وأن تسعى إلى رعايتهنَّ الرعاية الجيدة، وتفكر كما ذكرت في زوجة المستقبل من منطلق أنها أيضاً سوف تتحمل تبعات تنشئة البنات معك.

هذا هو الذي أود أن أقوله لك، وهذه التفاعلات تفاعلات ظرفية سوف تنتهي إن شاء الله، انظر إلى الأمور ببصيرة وبجدية، ولا تأس على ما حدث مطلقاً، فربما الذي يأتي أفضل مما فاتك كثيراً.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً