الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تكرار الرجل خطبة القريبة ذات الدين ومحاولة إقناعها

السؤال

قمت بخطبة ابنة خالي ولكنها رفضتني بحجة أننا تربينا في بيت واحد وتعتبرني مثل أخيها، وهي لا تعطيني رداً شافياً، بل ترد بأن كل شيء قسمة ونصيب، وقد حاولت معها عدة مرات، علماً بأن أخلاقها حميدة، وهي مترددة فقط، وعلمت في بعض الأحيان أنها موافقة، فهل أحاول معها مرة أخرى؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -العلي الأعلى- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمنَّ عليك بزوجة صالحة، وأن يُكرمك بما هو خير لك في دينك ودنياك، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، والله تبارك وتعالى قال قبل ذلك: ((وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ))[البقرة:221]، فالدين مقدم على كل شيء وذلك لأنه صمام الأمان الذي من خلاله يستطيع الرجل أن يأمن على عرضه وعلى ماله وعلى أولاده؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: ((فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ))[النساء:34]، وهذا مما لابد منه، إذ أننا من خلال التجارب التي نعيشها في هذا الموقع وغيره نرى أن المرأة صاحبة الدين هي الأقدر على إسعاد زوجها وعلى دفعه إلى الأمام وعلى النهوض بأسرتها وبالتالي على النهوض بالمجتمع المسلم، وحرصك على ذلك أعتقد أنه في واقعه وأنه في محله، نظراً لأن ذلك مرغوب شرعاً وهو الأوفق لحياة الإنسان الذي يريد أن يحيا حياة كريمة طيبة.

إلا أن تردد ابنة خالك في قبولك زوجاً لها يجعلنا لا نمانع من إعادة المحاولة مرة أخرى، حتى تصل إلى درجة نهائية من موقفها، ولذلك عليك أن تجتهد في محاولة إقناعها بالارتباط بك، بشرط أن تكون قد قبلت ذلك عن اقتناع؛ لأن كلامها أحياناً يكون فعلاً من خلال التجربة أيضاً في محله، لأنها لا تشعر بالرغبة نحوك، أي معنى رغبة المرأة في الرجل، وهذا أمر مهم جدّاً؛ لأنها قد تعتبرك مثل أخيها وبالتالي لا تعطيك عواطف المرأة لزوجها، ولا تشعر معها فعلاً بالانسجام الجنسي الذي يضفي نوعاً من الاستقرار النفسي على الطرفين معاً، فكلامها حقيقة في محله، ولذلك أنا لا أريدك أن تضغط عليها ضغطاً شديداً حتى تضطر أن تقبلك وهي كارهة، لأنها ستعطيك جسداً بلا روح، وستعيش معها حياة تقليدية روتينية خالية من عواطف ومشاعر الزوجة لزوجها وهذا أمر مهم جدّاً، وهذه المسألة قد لا تتحسن حتى بعد الزواج، لأنها تنظر إليك على أن هناك من كانت هي في حاجة إليه من خارج هذا الإطار الذي تربت فيه؛ ولذلك أقول: رغم موافقتي على أن تحاول معها إلا أنك لا تضغط عليها حتى لا تضطر أن تقبلك وهي كارهة، وكما ذكرت تعطيك جسداً بلا روح وتشعر أن حياتك معها حياة باردة وأنها ليس فيها الدفء العاطفي الذي ينتظره الرجل من زوجته.

فإذا كان الأمر كذلك فاستعن بالله، وإن وجدت منها تردداً أكثر فاتركها وابحث عن غيرها، وتوجه إلى الله عز وجل بالدعاء أن يرزقك الله تبارك وتعالى الزوجة التي تدخل السعادة والبِشْر على حياتك، والتي أيضاً تجعلك تشعر بأنك رجل وتنتظرك عندما تعود إليها انتظار الأم لولدها، وتشعر من خلالها فعلاً بأنك مرغوب وأنك مطلوب منها لكل شيء فيك، سواء أكان ذلك من ناحية حرص المرأة أو كان ذلك لما تحتاجه المرأة من زوج يحميها، ولذلك أقول وأكرر – معذرة – لا مانع من معاودة المحاولة ولكن بشرط عدم الإكراه؛ لأن هذا كما ذكرت لك سيعطيك جسداً بلا روح، وسل الله تبارك وتعالى أن يمنَّ عليك بزوجة صالحة سواء كانت هي أم غيرها، توجه إلى الله عز وجل بالدعاء وأكثر من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بنية أن يرزقك الله الزوجة الصالحة، وإذا لم تقبل طرحك عليها فلا تضيع وقتك معها، وأغلق بابها وابحث عن غيرها، واعلم أن الله قال:
((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ))[الطلاق:2-3]، وهي ليست وحدها صاحبة الأخلاق الحميدة، فهناك الملايين من المسلمات في بقاع الأرض يتمتعن أيضاً بأخلاق فاضلة ونسبة عالية من الجمال والإخلاص وتقوى الله تعالى مع قدر من الثقافة والوعي والمشاعر.

نسأل الله أن يمنَّ عليك بالزوجة الصالحة، وأن يكرمك بما أنت أهله من الخير ما دمت حريصاً على الزوجة المؤمنة التي تعينك على أمر دينك ودنياك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً