الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشادات لامرأة تعاني الحرمان من الولد ونسيان إخوتها لها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا سيدة أبلغ من العمر (39) عاماً، وليس لدي أطفال بناء على رغبة زوجي؛ لأنني الزوجة الثانية وهو يكبرني بـ (16) عاماً، وهذا يرجع لأسباب عنده مما يشعرني بالإحباط والشعور بالوحدة القاتلة؛ لأنني بداخلي حب وحنان تجاه الأطفال، ودائماً يغمرني هذا الشعور منذ أن كنت طفلة، وكم حلمت أن أكون أماً لأطفال يحبون الله ويعبدونه، ولكن كان حلماً وراح وقد عوضني الله بأبناء أخواتي فجعلوني أماً لهم وأباً، خاصة بعد وفاة والدهم، فكنت لهم مثل الشمعة التي تحترق لتنير طريقهم، ولكنني منذ أن جئت إلى هذه الدولة وكأن كل الذي بيني وبينهم هو صلة القرابة التي مدونة على الأوراق، حتى إخوتي الذين يكبرونني هم أيضاً تناسوا أن لهم أختاً تحبهم من كل قلبها وتتمنى أن تعيش معهم تشاركهم حياتهم كما كان في السابق، دائماً أستعطفهم بكل غال وبصلة الرحم التي تربط بيني وبينهم فتأخذهم نشوة الحديث ولكن بمجرد الانتهاء من المحادثة يعود كل شيء على عهده، وأصاب بخيبة الأمل، فأنا في كل مرة أتحمل لأجل خاطر والدتي بارك الله لنا فيها حتى لا تغضب، فهي دائماً تقول لي: أنت قلبك كبير وسامحي واصبري. وهي ليس بيدها أي حيلة، مع أن جميع إخوتي متعلمون ويشغلون مراكز مرموقة، ولكنهم يقولون: نحن لا نعرف نكتب خطاباً، فكل هذه الأمور تقهرني، فكيف أعيش وأنا أعلم أنني ممكن أكون أماً ومحرومة من نعمة الأمومة؟ وكيف أحيا وأنا التي بجانب أخوتي وأولادهم وهم الآن يتناسونني؟ فكيف يقدر أن يعيش الإنسان لنفسه بدون أن يفكر في الآخرين؟ وكيف يكون طعم السعادة في دنيا بدون ناس وأطفال مثل الملائكة؟ أرجو أن تساعدوني لأتخطى هذا الشعور القاتل.

الإجابــة

الأخت الفاضلة السيدة/ أمل حفظها الله ورعاها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك، وأن يجزل لك المثوبة والعطاء على تلك التضحيات الطيبة، وأن يحقق أمنيتك وأن يجبر خاطرك وأن يسعدك في الدنيا والآخرة.

وبخصوص ما ورد برسالتك فالذي اتضح لي أنك كنز من كنوز التضحية وبحر من بحار الحب والإخلاص، وجبل من جبال التحمل والعفو، وهذه بلا شك صفات نبيلة وأخلاق رقيقة جميلة، فالنفوس الكبيرة هي دائماً التي لا تنتظر من الناس حولها جزاء ولا شكوراً، تقدم روحها وتبذل حياتها ولا تسأل الناس رداً لهذا الجميل وذلك المعروف، لأنها يكفيها أن يرضى عنها مولاها، ويسعدها أن تدخل السعادة والسرور إلى نفس من حولها صغاراً أو كباراً، وقد تحرق نفسها لتضيء الطريق لغيرها.

ويتجلى شعور التضحية في قبولك هذا الزواج بهذه الشروط؛ لأنك أنت التي قبلت أن تعيشي زوجته بغير أبناء، وهذا نوع من التضحية عظيم قمت أنت باختياره بنفسك وتنازلت عن حقك طواعية واختياراً، ولا أدري هل هناك فرصة لإعادة النظر في هذا الحق الشرعي أم لا؟

وأما بخصوص أهلك فأنا أجزم أنهم جميعاً يحبونك ويقدرون محبتك لهم وحرصك عليهم، ولكن يبدو أن الكل قد تعودوا منك التضحية والبذل والعطاء، وبما أنك لم تنتظري منهم عوضاً أو جزاء أو شكوراً فقد تصوروا أن من حقهم أن يأخذوا، وليس عليهم أن يعطوا، من حقهم أن يستمتعوا بتلك الشمعة المضيئة، وليس من المطلوب منهم أن يشعلوها لتظل مضيئة مشرقة، الكل تعود منك التضحية والبذل ولم يكلف نفسه أن يقدم شيئاً، فهذا قدرك مع زوجك وأهلك وأرحامك، وأرى أن أنسب وسيلة للتغلب على هذا الوضع هو ألا تنتظري من أحد شيئاً، وأن تجعلي أجرك على الله وحده، وأن تمتثلي أمره صلى الله عليه وسلم: بأن أعفو عمن ظلمني، وأعطي من حرمني، وأصل من قطعني، وأحسن إلى من أساء الي، واسلكي هذا السبيل المبارك واجعليه شعارك، واجعلي رضا الله وحده هو هدفك وغايتك، وكرري دائماً بينك وبين نفسك أو بصوت مسموع.. (( لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا ))[الإنسان:9]، وأكثري منها خاصة إذا ضاقت نفسك، وأكثري من الدعاء أن يعوضك الله على ما تقدمينه خيراً وأن يتقبل منك وأن يمن عليك بذرية صالحة، وإن لم تكن الظروف مواتية؛ فالله على كل شيء قدير.
وفقك الله لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً