الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لن تجدي خاطباً بلا عيوب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاه بعمر 24 عاماً، وقد مررت بمواقف صعبة تتعلق بالارتباط والزواج، وتقدم لي أناس كثيرون حتى أني لا أعلم عددهم، ولم يكن الرفض مني دائماً، وإنما كان في أحيان كثيرة من الأهل وعدم الاتفاق بين الطرفين، وأما من ناحيتي فكان رفضي بسبب واحد فقط وهو الالتزام، لأني منذ نهاية مرحلة دراستي في الجامعة تحولت كل أفكاري واهتماماتي في أني أرتبط بإنسان ملتزم، وكان مثلي الأعلى في ذلك شيوخنا الكرام، ولذلك كنت أجد صعوبة كبيرة في المقارنة بينهم وبين أي شخص آخر.

صرت أتقدم في العمر وأهلي من حولي لا يقتنعون بوجهة نظري، ولا يقدرون مشاعري بأني مصممة على الارتباط بإنسان ملتزم، وكانوا يرون أن هناك بنات كثيرات يتمنين أن يتقدم لهن أي شخص ممن تقدم لي، وكانوا يوبخونني على موقفي، وفي النهاية استسلمت لهم ووافقت على وجهة نظرهم بأني ممكن أن أرتبط بإنسان قليل الالتزام وأصبر معه وآخذ بيده حتى يهدينا الله معاً.

قد تقدم لي زميلي في العمل أكثر من مرة لأنه يحبني جداً ومتمسك بي، وكنت خائفة من الموافقة؛ لأنه ليس كما أريد من ناحية الالتزام، ولكني وافقت في آخر مرة ودعوت الله سبحانه وتعالى أن يوفقني لما فيه الخير، علماً بأنه إنسان طيب وأخلاقه طيبة، ولكني لم أكن أعرفه جيداً إلا بعد الخطوبة، حيث بدأ يظهر الاختلاف بيننا وبين أفكارنا وتصرفاتنا، والآن أشعر بالعذاب، وأشعر أن مصيري سيكون الفشل معه؛ لأن شخصيتي قوية وشخصيته ضعيفة، وهو متسرع ويتصرف غالباً دون تفكير جيد، وليس له رأي ثابت ودائماً يغير رأيه.

ما يجعلني في حيرة أنه طيب ومهذب ومحترم ويحبني كثيراً، ولديه استعداد أن يفعل أي شيء لكي يرضيني، ولكن كل هذا لا يغني عن توافق شخصياتنا واحترامنا لبعض واحترام الناس لنا، ونحن الآن في فترة الخطوبة وأستطيع أن أنصحه أو أوجهه أو ألومه أو أتشاجر معه، لكن بعد ذلك عندما نتزوج كيف يمكن أن أتعامل معه وأطيعه ويكون كلامه أمراً لي، فهل يمكن لحياتنا أن تستمر بهذا الشكل؟ وهل يمكن أن تكون حياتنا سعيدة وهادئة؟ وهل من الممكن أن يغير شخص تركيبته وحياته كلها وتفكيره وردود أفعاله؟!

أشعر بأني متعبة جداً والدنيا سوداء أمامي ولا أستطيع التفكير، وليس حولي من يشعر بي لينصحني، وأخشى الفشل والانهيار والحرمان من الجنة لعدم طاعتي وإرضائي لزوجي، وهو أمر خارج عن إرادتي، فماذا أفعل؟ وهل أترك خطيبي أم لا؟!
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إننا لا نوافق على كثرة الرد للخطاب ولا نؤكد طلب عريس بمواصفات قلَّ أن توجد، وندعوك لأن تكوني واقعية وأن ترتضي بالشروط الأساسية من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ترضون دينه وخلقه -أو دينه وأمانته-)، وقد أحسن الأهل عندما أوقفوا كثرة ردك للخطاب، وهم أحرص الناس على مصلحتك وأفضل من يتمنى لك الخير والصواب.

توكلي على العظيم الوهاب، واتركي كثرة التردد وانظري في إيجابيات خطيبك قبل النظر في السلبيات، وطوبى لمن انغمرت سيئاته في بحور الحسنات، ومن الذي ما ساء قط ومن الذي له الحسنى فقط، وكفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه.

اعلمي أنك لن تجدي رجلاً بلا عيوب، وأنت أيضاً لن تكوني خالية من النقائص، وكم تمنينا أن تعرفي أن بعض المواقف تستدعي نوعا معينا من التصرفات، وهل من العقل والكمال أن يرفع الإنسان صوته ويصرخ مع كل أحد؟ وهل رد السوء بمثله هو المطلوب أم أن المؤمن مأمور بأن يدفع بالتي هي أحسن؟

لا شك أن المرأة عاطفية وسريعة الانفعال، فهل تريدين لزوجك في المستقبل أن يكون سريع الاشتعال والانفعال، حيث يظهر أنك سريعة الانفعال، فكيف سيكون الوضع إذا كنتم جميعاً من النوع الذي لا يملك نفسه عند الغضب؟! ولا يخفى عليك أن هذا هو الضعف بعينه.

أرجو أن تدركي أننا لا نؤيد الضعف ولكننا أردنا أن نفتح لك نافذة جديدة لتنظري من خلالها بعينيك وليس بعينٍ واحدة قبل أن تقدمي على أي خطوة، ولا شك أن مثل هذه المشاعر طبيعية في حالة التزاوج بين زملاء العمل إن صحت هذه التسمية، وهي في الحقيقة من الإشكالات.

نحن نتمنى أن لا تصبحي لساناً لخطيبك، تدافعين عنه وتخاصمي نيابة عنه؛ لأن ذلك ليس في مصلحة أحد منكما، وربما وجد من يشعل هذا الوضع ليزيد في توترك، ونحن في الحقيقة ندعوك لترك الانفعالات والنظر في حال الرجل من كافة الجوانب.

أرجو أن تستفيدي من وجهة نظر محارمك من الرجال، ونحن في الحقيقة نقدر ما عندك من التحفظات، ولكن نتمنى أن تأخذ حجمها المناسب، وأن تتعاملي مع الوضع بمنتهى الحكمة والتعقل.

هذه وصيتي لك بتقوى الله الذي يلجأ إليه الناس، ومرحباً بك في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً