الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصدقاء السوء يغرونني بالمعاصي ويتهمونني بعدم الرجولة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب بعمر المراهقة، وتقريباً كل أقاربي من الأولاد يعطون أرقامهم للبنات، والله إني لأستحيي أن أقولها لكنهم يفعلون ذلك وفرحون، ويتكلمون بذلك، وكلهم يتفاخر بعدد البنات التي عنده، وأنا إذا قالوا لي: هل تعطي رقمك هاتفك للبنات، فأقول: لا، يضحكون.

وإذا جلسوا يدخنون، يقولون: دخن، فأقول: لا، والله ما أدخن، ويقولون: ما أنت برجل، ووو... ويتركوني.

بالله ماذا أفعل يا شيخ؟ والله لم يعد بي صبر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد أسعدتني شخصيتك القوية، وأفرحني رفضك للتصرفات الرديئة، ونسأل الله أن يثبتك على الطريق السوية، وأن يصلح لك العمل والنية، والرجولة الحقيقية في تقوى الله تعالى، وليس في تقحم أبواب المعاصي والمهالك، وقد أحسن من قال:
ليس من يقطع طرقًا بطلًا *** إنما من يتقي الله البطل

ومرحباً بك في موقعك بين آباء وإخوان أسعدتهم سيرتك المرضية.

وأرجو أن تعلم أن الزناة والفجار يزعجهم أن يكون في الناس أطهار؛ ولذلك فإنهم يسعون جهدهم في تلطيخ كل ثوب نظيف حتى يدفعوا عن أنفسهم اللوم والتأنيب، وقديما قالها الأشرار: (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ)[النمل:56] ما هي خطيئتهم؟ (إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)[النمل:56]؛ ولذلك فنحن ندعوك إلى البحث عن أصدقاء أتقياء أنقياء؛ لتتقوّى بهم ومعهم بعد الله على الثبات أولاً، ثم لتواصل النصح لأقربائك.

وأرجو أن تبدأ بمن تتوسم فيه الخير وسوف ترى وتجد ما يسعدك ويفرحك، واجتهد في الدعاء لهم بالهداية، وخوِّفهم من عواقب الغواية والجهالة، وذكّرهم بأننا نبدأ صيانتنا لأعراضنا من محافظتنا على أعراض الآخرين.

وقد أحسن من قال:

يا هاتكاً حرم الرجال وقاطعاً **** سبل المودة عشت غير مكرّم
لو كنت حرّاً من سلالة ماجدٍ **** ما كنت هتّاكاً لحرمة مسلم
من يزن يُزن به ولو بجداره **** إن كنت يا هذا لبيباً فافهم
إنّ الزنا دين فإن أقرضته **** كان الوفا من أهل بيتك فاعلم

والأمر كذلك في مقدمات الزنا فإن الجزاء من جنس العمل، ولذلك قال الحكيم لولده: (دقة بدقة ولو زدت لزاد السقا) وأصبحت العبارة في الناس مثلاً يتردد على الألسن.

وأرجو أن يعلم كل عابث بأعراض الناس أنه يهدم سعادته بما يفعل، فإن الله قد هدد العابثين فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)[النور:19] هذا فيمن فرح ورضي فقط فكيف بمن فعل، والعذاب الأليم في الدنيا باب واسع، ومنه: ما يجده أمثال هؤلاء في حياتهم من شكوك ونفوس مريضة، وقد يفقدون لذة الحلال فيحصل لهم الهلاك والشر.

نسأل الله الهداية لشبابنا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً