الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حب البلاء

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيراً عما تقدمونه من نصح وإرشاد للأمّة الإسلامية، وأسأل الله أنلا يحرمكم عظيم الأجر. وأطلب إليكم بصدق ألا تهملوا استشارتي، وإن كانت تنطوي على شيء من الغرابة! كما يخبرنا الله عز وجلّ وكذلك يخبرنا الرسول أن ابتلاء الله لعبده يدل على محبة الله للعبد، وأنه على قدر دين المرء يكون بلاؤه، وأنه يؤجر في مصيبته إن صبر واحتسب واسترجع ولم يسخط.اطلعت على هذه الآيات وكذلك على الأحاديث النبوية الشريفة وحمدت الله سبحانه على ما أنا عليه من بلاء، وعزمت على الصبر والاصطبار إلى حين يفرج الله همي ويغير لي ظروف معيشتي البائسة والحمد لله، وما هذا إلا طمعاً في الأجر، ولأن الصابرين يوفون أجرهم بغير حساب. المشكلة - أو لا أعرف إذا هي مشكلة - أني أصبحت أحب هذا البلاء، بل وأحياناً إذا أحسست أن بلائي سيزول أحس بقلق وريبة. مثلاً أحلم بأني مريضة بأمراض صعبة وأفرح بما أحلم به، وكلما امتعضت نفسي من حال معين زجرتها وعنفتها، وإذا أتيح لي ما هو أفضل أختار الأدنى، وبت أخشى من الانتقال من بيتي مع أنني دعوت الله كثيراً أن ينجيني من بيتي وأهله فكلهم بعيدون عن الدين. ودعوت أن يرزقني زوجاً صالحاً تقر به عيني، ولا زلت أتمنى هذا لكن أخشى أن يكون هذا الزوج غنياً وبيته فخم وبمستوى أعلى من مستوى بيتي، وأخشى أن أعد له صنوفاً متنوعة من الطعام وبالتالي أضطر إلى تناول الطعام معه، وأنا حقيقة اعتدت على أصناف معينة من الطعام وهي المتوفرة في بيتنا. أخشى أن يكون هذا ضرباً من (المازوشية) أي حب تعذيب النفس، وهذا منافٍ للدين، إذ قال رسولنا صلوات ربي وسلامه عليه: (لا ضرر ولا ضرار)، وفي نفس الوقت أخشى كثيراً من رغد العيش، ولا أتقبل أن يرتفع مستوى معيشتي. فهل علي تغيير تفكيري؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رنين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فقد أحسنت أيتها الأخت بصبرك واحتسابك على ما نزل بك من البلاء ونرجو الله تعالى أن يكون لك عنده ما احتسبت فإنه سبحانه عند ظن عبده به.

وبسلوكك لهذا الطريق تكونين قد وفقت لطريق السعادة، فإن الإيمان بقدر الله وانتظار الثواب من الله على ما ينزل بالإنسان من مصائب وأحزان يحول الأتراح إلى أفراح، ويغمر النفس بالسعادة والرضا، وهذا وجه من أوجه عطاء الله تعالى بسبب المصيبة.
فهنيئاً لك هذا التوفيق أيتها الأخت، ونرجو الله تعالى أن يثبتك عليه، ولكن مع هذا كله فإن المؤمن مأمور بأن يسأل الله تعالى العافية وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( وسلوا الله العافية).

فلا ينبغي للمؤمن أو المؤمنة أن يتمنى البلاء فإنه ربما أصيب بالبلاء فلم يقدر على الصبر عليه أو تضجر منه أو نحو ذلك مما يصيب النفس من ضيق وضنك إذا نزل بها المكروه.

ولذلك فإننا نوصيك أيتها الأخت بأن تجتهدي في سؤال الله تعالى العافية وأن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به، وإذا قدر الله عليك بلاء فكوني على يقين بأنه أراد بك الخير فإنه سبحانه أرحم بك من والدتك، (بل من نفسك) فتلقي أقداره بالرضا والتسليم، وهذا ما وفقت والحمد لله فيما مضى من أيامك.

وأما الزواج فالجئي إلى الله تعالى واسأليه برغبة أن يرزقك زوجاً صالحاً فإن رزقت زوجاً ذا سعة فلعل الله تعالى يجعل لك في ذلك خيراً، وإن كان الاحتمال الآخر بأن ساق الله إليك رجلاً صالحاً قليل ذات اليد، فسألي الله تعالى أن يجعل لك فيه الخير ويبارك لك فيه.
وبالجملة أيتها الأخت الفاضلة نوصيك أن تسألي الله تعالى من فضله أن يقدر لك الخير فإن الواحد منا لا يعلم ما هو الخير له، وصدق الله القائل: ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون )

وفقنا الله وإياك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً