الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح لشاب يعاني تفضيل أهله لأخيه عليه

السؤال

لي والدة صعبة المراس، وهي سيئة جداً في التعامل مع والدتها، ووالدتها دائماً تدعو عليها وهي تحادثني عبر الهاتف وتقول لي: والدتك سيئة جداً معي وهي متسلطة جداً. وأنا أيضاً علاقتي مع أهلي سيئة جداً بسبب تعاملهم السيء معي وعدم معاملتي مثل أخي، وجميع العائلة يقرون بظلم أهلي لي، لكن خوفهم من والدتي ومن لسانها يفضلون عدم التكلم معها، ووالدي ليس له كلمة إلا من بعد كلمتها، وأنا منذ سنة لم أتكلم معهم، وبصراحة أنا أكرههم، أشيروا علي أثابكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بشار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فبارك الله فيك أنت لم توضح سنك، أو حياتك الاجتماعية، وهل تعيش مع أهلك؟ وغيرها من الأمور التي قد تساعد في معرفة جذور المشكلة.

أنت تشتكي من تسلط والدتك ومن ضعف شخصية والدك، وقد أنكرت على والدتك سوء تعاملها مع والدتها، ويحق لك أن تنكر عليها ذلك؛ لأن هذا عقوق والعياذ بالله، وعقوق الوالدين من الكبائر، ولكن ماذا عن نفسك؟ حيث تقر أن معاملتك معهم سيئة جدّاً، هل سألت نفسك وأنكرت عليها سوء تعاملك معهم؟ يا بني أصلحك الله! أنا لا ألومك فقد تكون على حق حين تشتكي؛ لأن الوالدين إذا كان أحدهما أو كلاهما صعب المراس فإن في ذلك شقاء الأبناء، خاصة البررة منهم، وذلك من خوفهم أن يتعرضوا لغضب الوالدين، أو أنهم لم يبلغوا برهم.

ولكن هل بحثت عن سبب تعاملهم السيء معك؟ هل حاولت أن تحاورهم وتشرح لهم معاناتك وتشعرهم بذلك؟ هل حاولت أن تتودد إليهم وتقترب منهم أكثر؟ هل حاولت أن تخفض لهم جناحك وتكون هيناً ليّناً معهم؟ هل بحثت عن سبب لطفهم وحسن معاملتهم مع أخيك؟ هل قارنت بين أسلوب تعاملك أنت مع أهلك ومعاملة أخيك لأهله؟ فهل هو مخاصمهم ولا يتكلم معهم؟

عُد إلى رشدك يا بني هداك الله، فكيف يمكن أن يكره الإنسان أهله أو يخاصمهم؟ وأي أهل؟ والداك جنتك ونارك، ألم تعلم أن لبر الوالدين بركة، وأن برهما يطيل العمر؟ ألم تعلم أن الله أمر بالإحسان إليها حتى ولو كانا مشركين؟ يقول تعالى: (( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ))[البقرة:83]، وقال تعالى: (( وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ))[لقمان:15] وقال: (( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ))[الإسراء:24] وقال: (( فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا ))[الإسراء:23].

انتبه لهذه الأوامر والنواهي الإلهية لتحقق من عظيم برهما وحقهما عليك، احذر من دعائهم عليك، بل اطلب ودهم وبرهم ودعاءهم لك، فإن دعاء الوالدين مستجاب، ولا سيما أمك، ولا تكره درجة الضعف التي يتميز بها والدك في نظرك، فقد يكون هذا السلوك منه حكيماً؛ لأنه لو أصبح شديداً وعصبياً مع زوجة كوالدتك كما تصفها لأصبح البيت جحيماً والحياة فيه لا تطاق.

تغير في أسلوب معاملتك مع والدتك، وحاول أن تقربها من جدتك، ونبهها بين الحين والحين عن حق الوالدين، وكن معيناً لها على بر والدتها، أسرع يا بني أرشدك الله لطاعتهما قبل أن تُمد يد المنون إلى أحدهما فتموت كمداً وحسرة حين لا ينفع الندم.

أسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً